الملك عبد الله الثاني بن الحسين والقدس

دور الأردن في دعم القدس والمقدسات

 

استمراراً لجهود القيادة الهاشمية في الحفاظ على القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وحرصاً منها على القضية الفلسطينية منذ عهد الشريف الحسين بن علي والمغفور لهم أصحاب الجلالة الملك المؤسس والملك طلال والملك الحسين طيب الله ثراهم، فما زالت القضية الفلسطينية والقدس هما محور النشاط السياسي والدبلوماسي لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين منذ توليه سلطاته الدستورية في السابع من شباط 1999م.

لقد حمل جلالته هاتين القضيتين ((ومعهما الطموح الفلسطيني في التمتع بحقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة على ترابه الوطني في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين منذ سنة 1967م وعاصمتها القدس الشرقية)) حيثما رحل وحل في شتى أنحاء المعمورة باعتبارها قضايا وطنية، فضلا عن أنها قضايا قومية وإسلامية. ولهذا ظلت تلك القضايا تستحوذ على تفكير جلالته, ومحور أحاديثه في كل لقاءاته مع مؤسسات ودوائر صنع القرار السياسي الدولي. ويقول جلالته في هذا الصدد: “إن الجهود التي نقوم بها لتوفير الدعم العربي والدولي لدفع عملية السلام هدفها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.

 

فعلى الصعيد المحلي؛ فقد تجلت أهمية القدس ومكانتها في وجدان وسلوك جلالة الملك عبدالله الثاني بتأكيدات جلالته خلال لقاءاته المستمرة بالرئيس الفلسطيني والمسؤولين والشخصيات الفلسطينية وبرؤساء الجمعيات والمنتديات المقدسية الأردنية، على دعم الأردن المتواصل لأبناء الشعب الفلسطيني الصامدين في مدينة القدس لتعزيز ثباتهم على أرضهم وصمودهم، وتصديهم للتحديات التي تواجه عروبة المدينة وقدسيتها وعلى مواصلة المملكة لجهودها على الصعيدين العربي والدولي لضمان حماية القدس والمقدسات، وأن التصدي للأخطار والتحديات التي تواجهها مدينة القدس بشكل عام والمقدسات الإسلامية والمسيحية على وجه الخصوص تتطلب من الجميع تنسيق الجهود والعمل بروح الفريق الواحد.

لقد كانت قضية فلسطين وقضية القدس محوراً هاماً في خطابات العرش المتعددة عند افتتاح جلالته دورات مجلس الأمة العادية، حيث أكد أن القضية الفلسطينية هي القضية الأولى على أجندة الدبلوماسية الأردنية لمركزيتها وعدالتها ولأنها مصلحة وطنية عليا وأن القدس ستبقى في ضمائرنا ووجداننا نعمل على الحفاظ عليها ضمن حل المشكلة الفلسطينية.

ومما يؤكد اهتمام جلالة الملك بالقدس، مواصلة دعمه للجهود التي تقوم بها المملكة الأردنية الهاشمية من خلال دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، وجهود لجنة اعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، واللجنة الملكية لشؤون القدس، وصدور الأمر الملكي لتشكيل الصندوق الهاشمي لاعمار الأقصى وقبة الصخرة المشرفة الذي تم تأسيسه سنة 2007م. بهدف توفير التمويل اللازم لرعاية المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة والمقدسات الإسلامية في القدس، لضمان استمرارية اعمارها وصيانتها وتجهيزها، وتوفير جميع المتطلبات اللازمة لتأكيد أهمية هذه المقدسات وحرمتها لدى العرب والمسلمين على وجه العموم، والهاشميين على وجه الخصوص. وقد تبرع جلالته بمبلغ مليون و113 ألف دينارٍ أردنيٍ دعماً للصندوق.

ومنذ تولي جلالته سلطاته الدستورية عام 1999 تم تنفيذ عدد من مشاريع الاعمار  بأمر جلالته وهو ما عرف بالاعمار الهاشمي الخامس الذي شمل:

  • مشروع إعادة بناء منبر صلاح الدين: حيث وضع في السابع والعشرين من شهر رمضان سنة 2002م اللوحة الزخرفية الأساسية للمنبر في جامعة البلقاء التطبيقية في كلية الفنون الإسلامية، حين قامت بفضل القائمين عليها من أساتذة وعاملين بتنفيذ هذا العمل ليأتي مطابقاً للمنبر الأصلي بكافة تفاصيله. وفي الخامس والعشرين من شهر تموز سنة 2006م أزاح جلالته الستار عن منبر صلاح الدين في جامعة البلقاء التطبيقية مؤذناً بذلك ببدء عملية إعادة المنبر إلى المسجد الأقصى، ومجسداً بذلك حرص الهاشميين على اعمار وبناء المقدسات الإسلامية. وقد تم نقل المنبر إلى موقعه في الجامع الأقصى وبذلك أعاد الهاشميون الرمز المماثل لما أحضره أصلاً صلاح الدين الأيوبي سنة 1187م من الحلويّة (مبنى أثري صنع فيه المنبر الأول) في دمشق.
  • مشروع بناء مئذنة خامسة للمسجد الأقصى المبارك: حيث تم اختيار موقع المئذنة الخامسة بشكل دقيق لتأخذ موقعا متوسطا قريبا من الباب الذهبي ومن باب الأسباط (الأُسود)، ولكن لم يتم البناء إلى الآن.
  • مشروع تجديد فرش مسجد قبة الصخرة المشرفة بتبرع من صاحب الجلالة الهاشمية، وتنفيذ احتياجات المسجد الأقصى من الصيانة اللازمة.
  • مشروع الإنارة والإنارة الغامرة: وتشتمل أعمال هذا المشروع على الإنارة الداخلية لكل من الجامع الأقصى المبارك، ومسجد قبة الصخرة المشرفة، والمسجد المرواني، والأسوار الخارجية.
  • مشروع إصلاح شبكة الهاتف.
  • مشروع الصوتيات المركزية: ويشتمل على تركيب نظام صوتيات متكامل لكل من الجامع الأقصى المبارك، ومسجد قبة الصخرة المشرفة، والمسجد المرواني. وكذلك نظام صوتيات متكامل لساحات المسجد الأقصى المبارك والمآذن مع جميع أجهزة التحكم والسيطرة الخاصة.
  • مشروع الأعمال الميكانيكية والصحية: ويشتمل على التمديدات المائية لإطفاء الحريق، وذلك بتنفيذ نظام جديد للتمديدات المائية لأجهزه إطفاء الحريق في مبنى الجامع الأقصى، وقبة الصخرة، والمسجد المرواني، وعلى تغذية المياه وتصريف مياه الأمطار والصرف الصحي وربط آبار المسجد الأقصى المبارك.
  • مشروع كسوة سقف الجامع الأقصى بألواح الرصاص.
  • مشروع تبليط ساحات الحرم الشريف إذ أن (80%) منها تالفة.
  • مشروع ترميم الجدار الخارجي للحرم الشريف بتبديل الحجارة التالفة وإصلاح البروز في الجدار الجنوبي والشرقي.
  • مشروع ترميم كتابة سورة الإسراء حول القبة، وعمل أجزاء من الأحرف بدل التالفة.
  • انجاز المرحلة الثالثة من مشروع تطوير مركز ترميم المخطوطات في المسجد الأقصى. وقد بدء العمل بهذا المركز 1999، ليتولى تدريب موظفين محليين على حفظ آلاف الوثائق والمخطوطات. وقد ساعدت اليونسكو في تقديم الخبرات والدورات، لحفظ التراث والإرث الحضاري لمدينة القدس، وقد تبرع جلالة الملك شخصياً بمبلغ مليون و871 ألف دينار لإنجاز هذا المشروع الهام.
  • استكمال تركيب اللوحات الفسيفسائية في مسجد قبة الصخرة والجامع الأقصى وهي التي تعد من الأعمال الرائدة والهامة وكلفت مالاً وجهداً كبيراً.
  • بمكرمة ملكية سامية، تبرع جلالة الملك عبد الله الثاني، وعلى نفقته الخاصة، لترميم القبر المقدس – قبر السيد المسيح – في كنيسة القيامة بالقدس.
  • وبتوجيه كريم من جلالة الملك أمنت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية عشرة آلاف نسخة من المصحف الهاشمي لتوزيعها على المساجد في الأراضي الفلسطينية. كما تم تأمين خمسة آلاف نسخة من المصحف الهاشمي إلى المساجد الموجودة في القدس والحرم القدسي الشريف، والمراكز الإسلامية، ودور القرآن الكريم فيها.

 

وتقديراً من جلالته لجهود العاملين في أوقاف القدس ولجنة الاعمار، ومن أجل صمودهم في وجه التحديات وقيامهم بمهامهم في المحافظة على المقدسات الإسلامية، ومساعدتهم على مواجهة الظروف المعيشية الصعبة هناك، فقد أمر جلالته أكثر من مرة بصرف راتب إضافي لهم، وزيادة عدد العاملين في أوقاف القدس وخاصة الحراس.

لقد أطلق جلالته دعوة وطنية أمر من خلالها بضرورة تكثيف الجهود الأردنية من خلال المؤسسات والدوائر الرسمية والجمعيات المقدسية، ومؤسسات المجتمع المدني، لوضع خطة متكاملة من اجل دعم صمود الأهل وتثبيتهم في الأرض، وحل مشكلاتهم قدر الإمكان.

إن تصريحات جلالة الملك عبدالله الثاني “بأن للقدس الشريف وعلى مدى التاريخ مكانة خاصة لدى الهاشميين، ولدى كل أبناء العالم الإسلامي والعربي، وأنها حية في ضمير ووجدان كل عربي ومسلم، ولها ارتباط أزلي وثيق بعقيدتنا وديننا الحنيف لا ينهيه احتلال ولا تلغيه حواجز أو حدود”؛ تلقى إجماعاً لدى المهتمين في موضوع القدس، وهي تشكل موقفا أردنيا ثابتا يجب على العرب والمسلمين أن يبنوا عليه، وأن يضغطوا باتجاه موقف دولي فاعل ومؤثر يسهم في إيقاف الاعتداءات الإسرائيلية بحق القدس ومقدساتها والحيلولة دون تكرارها، وبما يضمن حماية الأقصى الشريف، ويحول دون أية نتائج كارثية تتسبب بها إسرائيل.

واعترافاً بجهود جلالته المتواصلة في خدمة القدس والدور الأردني البارز في رعاية الأماكن المقدسة، والدفاع عنها وما قام به من تحرك سياسي ودبلوماسي على جميع المستويات عندما تعرضت لاعتداءات من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي لوقف هذه الاعتداءات، والعمل على تثبيت المواطنين العرب من مسلمين ومسيحيين في القدس الشريف باعتبارها أولوية أردنية هاشمية لم ولن تتوانى المملكة عن بذل كل جهد ممكن لتحقيقها مما أكد “أن الأقصى أمانة في عنق جلالته وانه سيستمر في دعمه سيراً على خطى الآباء والأجداد من جيل إلى جيل”، وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك على عمق العلاقة الدينية والتاريخية التي تربط الأسرة الهاشمية بالأقصى المبارك.

لذلك تم تجديد الوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات لجلالته بتوقيع اتفاقية تجديد هذه الوصاية من قبل جلالته وفخامة الرئيس محمود عباس بتاريخ 31 آذار 2013.

 

أما على الصعيد العربي والإسلامي فقد كانت القضية الفلسطينية وقضية القدس (إلى جانب القضايا الإقليمية والدولية الأخرى) ولا زالت محور لقاءات جلالته مع القادة العرب خلال مؤتمرات القمة العربية وفي لقاءاته الفردية مع الزعماء العرب، حيث التقى جلالته مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في روسيا بتاريخ 26/8/2015، والتقى ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في المنامة بتاريخ 8/11/2015، واتصل مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتاريخ 18/9/2015، وفي جميع هذه اللقاءات والاتصالات أكد جلالته على بقاء قضية القدس هي القضية المركزية الأولى للعرب والمسلمين وأن جميع الإجراءات والممارسات الاستيطانية الاحتلالية في القدس باطلة وأن السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط لن يتحقق ما لم تنسحب إسرائيل من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 1967 وفي مقدمتها القدس، ودعا إلى تضافر الجهود لدفع عملية السلام والعمل بما جاءت به المبادرة العربية وصولاً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

كما دعا جلالته في مؤتمرات القمم العربية المنعقدة في كل من بيروت في آذار/2002، والقمة العربية المنعقدة في الرياض عام 2007، والقمة العربية المنعقدة في الدوحة سنة 2009م، وفي اجتماع القمة العربية في الكويت عام 2014 إلى ضرورة وضع استراتيجيات عربية موحدة لمواجهة المشروع الصهيوني بتهويد القدس وطرد أهلها، والاهتمام الأردني بعروبة المدينة المقدسة، والتمسك بالثوابت الأساسية التي ينطلق منها النظام السياسي الأردني في دعمه للقدس وفلسطين، ورفض الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية ودعوة مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته واتخاذ الخطوات اللازمة لوضع الآليات العملية لحل الصراع العربي – الإسرائيلي .

وفي الدورة السادسة والعشرين لاجتماعات القمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ أكد جلالته على ضرورة دفع جهود السلام لحل الدولتين، والحفاظ على القدس بما فيها من مقدسات إسلامية ومسيحية وتضافر كافة الجهود العربية والإسلامية لتحقيق ذلك.

كما أعلن جلالته في أكثر من مناسبة خصوصية القدس بالنسبة للأمة العربية والإسلامية، فهي خط احمر وأن المملكة الأردنية الهاشمية ستقف في وجه كل محاولات التهويد التي تتعرض لها المقدسات كل يوم.

كما أكد جلالته في كلمة ألقاها بالنيابة عنه سمو الأمير الحسن بن طلال في الدورة الاستثنائية للقمة الإسلامية الخامسة التي عقدت في جاكرتا العاصمة الاندونيسية بتاريخ 7/3/2016 على ضرورة تكاتف الجهود الدولية لوقف تصاعد وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية في القدس وخاصة في المسجد الأقصى المبارك.

وفي كلمة ألقاها الدكتور عبدالله النسور نيابة عن جلالته خلال انعقاد الدورة الثالثة عشر لمؤتمر القمة الإسلامية في اسطنبول بتاريخ 14/4/2016 أكد فيها على الثوابت الأردنية تجاه القضية الفلسطينية والقدس وضرورة تضافر كافة الجهود الدولية لدفع عملية السلام وتحقيق حل الدولتين.

ونبه جلالته في القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية التي عقدت في الرياض في تاريخ 9/11/2015، وفي لقاء جلالته في عمان بتاريخ 7/10/2015 وفد “مجلس حكماء المسلمين” إلى ما تتعرض له القدس وإلى ضرورة دفع عملية السلام لتحقيق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود أراضيها عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وقال أن الأردن يملك خيارات سياسية ودبلوماسية عدة لدفع المفاوضات للوصول إلى تحقيق السلام في المنطقة.

وفي لقاء جلالته الأعضاء العرب في الكنيست الإسرائيلي بعمان بتاريخ 20/9/2015 أكد دعمه للأهل الصامدين في القدس ودعم الجهود الرامية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المسجد الأقصى وأكد على الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

كما وجه جلالته الدبلوماسية الأردنية التي تشارك في اجتماعات وزراء الخارجية العرب ومجالس الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى ضرورة التأكيد على عدالة القضية الفلسطينية ودعم الجهود العربية والدولية لتحقيق حل الدولتين.

 

 

وعلى الصعيد الدولي فقد وظف جلالة الملك عبدالله الثاني جميع الوسائل من زيارات واتصالات ولقاءات بعدد من زعماء الدول الغربية وقادة الرأي ووسائل الإعلام فيها وبذل جهوداً حثيثة للحفاظ على هوية القدس، فكان لمساعي جلالته الدبلوماسية أعظم الأثر على منع إسرائيل مراراً من الاستمرار في انتهاكاتها ضد الأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس. لقد تركزت جهود جلالته على توفير الدعم السياسي العربي والدولي لدفع عملية السلام بهدف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني, فضلا عن الاتصالات المستمرة على الصعيدين العربي والدولي لضمان حماية القدس والمقدسات. وقد أكد جلالته خلال كافة لقاءاته في المحافل الدولية بكل صراحة ووضوح “بأن القدس كما هي مفتاح للسلام فهي مفتاح الحرب أيضاً، وأن الحل العادل والشامل والدائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي لن يكون إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.

وقد حرص جلالته في كافة لقاءاته على بحث المستجدات المتعلقة بملف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية والتشديد على أهمية تكاتف الجهود الدولية لدعم مساعي تحقيق السلام العادل والشامل والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط وشعوبها استناداً إلى حل الدولتين الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية والتي تعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل، وكان يؤكد على ضرورة الدخول في مفاوضات جادة لحل قضايا الوضع النهائي ويحذر من الإجراءات الإسرائيلية الأحادية خصوصاً السياسات الاستيطانية ومحاولات طمس الهوية العربية الإسلامية والمسيحية لمدينة القدس الأمر الذي سيزيد من حالة التوتر والاحتقان والتأثير على مستقبل شعوب الشرق الأوسط وفرص تحقيق السلام.

لقد أكد جلالته على هذه الثوابت خلال لقاءاته مع العديد من زعماء العالم، فقد التقى جلالته خلال عام 2014 برئيس جمهورية كوسوفو في عمان (عاطفة يحيى آغا)، ورئيس كازاخستان (نور سلطان بازار باييف)، والمستشارة الألمانية (أنجيلا ميركل) في برلين، ووزير الخارجية الإسباني (خوسيه مانويل) في عمان، ووزير الخارجية الهولندي (بيرت كويندرس) في عمان، ولقاءه ببابا الفاتيكان في عمان، وبوزير الخارجية التركي (مولود جاويش أوغلو)، وبحث معهم جميعاً أهمية تكثيف الجهود الدولية لدفع عملية السلام نحو التقدم.

وفي عام 2015 التقى جلالته برئيس الوزراء التشيكي (سوبوتوكا) بتاريخ 25/10/2015، وبالرئيس الفرنسي (فرانسوا أولاند) خلال مباحثاته في باريس، كما التقى بتاريخ 25/8/2015 بالرئيس الروسي (بوتين) وبحث معه مساعي إحياء المفاوضات، والتقى بتاريخ 20/11/2015 ملك إسبانيا (فيليب السادس) في مدريد، والتقى الحاكم العام لكندا في أوتاوا وفي عمان.

ومن اللقاءات التي أجراها جلالته مع القيادات الأوروبية لقاء وفد لجنة الدفاع في مجلس العموم البريطاني في عمان شهر 12/2014، ولقاءه في عمان بتاريخ 5/8/2015 برئيس المؤتمر اليهودي العالمي (رونالد لودر) ومقره الولايات المتحدة الأمريكية، واستقباله في 20/9/2015 رئيس المجلس الأوروبي (دونالد تاسك)، ورئيس مجموعة الصداقة الأردنية الفرنسية في مجلس الشيوخ الفرنسي (كريستيان كاميران) بتاريخ 28/10/2015، والوفد البرلماني البريطاني بتاريخ 25/1/2016، كما التقى جلالته بتاريخ 3/2/2016 خلال لقاءين منفصلين في لندن برؤساء الشؤون الخارجية والدفاع والأمن في البرلمان البريطاني وقيادات سياسية وفكرية بريطانية، وقد أكد جلالته في جميع هذه اللقاءات على مركزية القضية الفلسطينية بوصفها جوهر الصراع في المنطقة وحث على تفعيل المباحثات الرامية إلى إيجاد حل لها وأكد رفضه للإجراءات الإسرائيلية الأحادية الجانب.

كما أكد جلالته خلال خطاباته في المحافل الدولية على ذلك ومنها الخطاب الذي ألقاه جلالته خلال الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والكلمة التي ألقاها جلالته في مؤتمر حوارات البحر المتوسط في العاصمة الإيطالية بتاريخ 10/12/2015 والتي عرض فيها أزمات المنطقة ومنها القضية الفلسطينية، وخطابه في الجلسة العامة للدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي أكد فيه على أهمية التسامح والتعايش ورفض الاعتداءات الإسرائيلية، كما أكد على ذلك في كلمته أمام البرلمان الأوروبي بتاريخ 14/5/2015، وفي كلمته أمام القمة الآسيوية الإفريقية في جاكارتا عام 2015، وخطابه بتاريخ 12/2/2016 أمام المشاركين في أعمال مؤتمر “ميونخ للأمن”، وخطابه خلال مشاركته أعمال قمة الأمن النووي المنعقد في واشنطن بتاريخ 1/4/2016.

وقد حظيت لقاءات جلالته المتعددة مع الإدارة الأمريكية أهمية خاصة نظراً لأهمية دور الولايات المتحدة الأمريكية في العالم بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص ومدى تأثيرها في القضايا العربية لأنها دولة عظمى وهي إحدى الدول الفاعلة والراعية للسلام في المنطقة ومن الضروري التأثير على موقفها الداعم لإسرائيل، لذلك فقد وجد جلالته من الضروري توضيح الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية وقضية القدس لأصحاب القرار الأمريكيين، فقام جلالته بعدد من الزيارات وأجرى كثيراً من الاتصالات مع القيادات الأمريكية المتعاقبة التي كان منها:

  • اللقاء الذي جمع جلالته في شهر نيسان 2009 كأول زعيم عربي يزور أمريكا بعد استلام أوباما مقاليد الحكم، واللقاء الآخر بالرئيس الأمريكي باراك اوباما في البيت الأبيض في العاصمة الأمريكية واشنطن في 17 أيار2011م، حيث أكد جلالته على أهمية التزام الإدارة الأمريكية بتحقيق السلام العادل في الشرق الأوسط وفقا لحل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود سنة 1967م. وأن معالجة جميع قضايا الوضع النهائي بما فيها الحدود واللاجئين والقدس، يعد الشرط الأساس لتحقيق السلام الدائم الذي ترتضيه الشعوب وتدافع عنه. وقد أكد على ذلك أيضاً في لقائه مع الرئيس أوباما بتاريخ 24/2/2016 حيث صدرت تصريحات إيجابية مشتركة تتصل بالقضية الفلسطينية، وتوجت الزيارة بإعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما ولأول مرة في تاريخ الإدارات الأمريكية المتعاقبة عن ضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود سنة 1967 تعيش جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل بأمن وسلام واستقرار.
  • لقد قاد جلالة الملك عبدالله الثاني خلال زيارته للعاصمة الأميركية حراكاً نشطاً ملحوظاً على أكثر من صعيد ومستوى.
  • فقد اجتمع بلجان مجلس الشيوخ الأمريكي فأكد جلالته على أهمية الدور الأمريكي في تحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط وفقا لحل الدولتين، وصولا إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة التي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.
  • والتقى عدداً من ممثلي المنظمات العربية والإسلامية في 16 أيار2011م، أكد جلالته على أهمية الدور الذي تضطلع به المنظمات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة لدعم مساعي الإدارة الأمريكية في دفع جهود السلام في الشرق الأوسط. ودعا جلالته إلى تكثيف جهود هذه المنظمات بما يسهم في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران سنة 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
  • ولما كان جلالة الملك عبدالله الثاني مدركاً تماماً لحجم وثقل المسؤولية الوطنية والقومية الملقاة على عاتقه، فان من الطبيعي إن يوظف جلالته معايشته للمجتمع الأمريكي خلال فترة دراسته لتحقيق الأثر المطلوب على سامعيه في الكونجرس، وعلى الرأي العام الأمريكي والإدارة الأمريكية، الأمر الذي قاده بحكم ثقافته واطلاعه وخبراته الواسعة إلى المزاوجة بين المدخل القيمي، والمصلحي، والوجداني والتاريخي في مخاطبته للكونجرس الأمريكي بمجلسيه النواب والشيوخ في سنة 2007م، وهو ما كان له عظيم الأثر على سامعيه في الوقوف المتكرر لرئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، ورئيس مجلس الشيوخ الأمريكي آنذاك، ديك تشيني، وأعضاء المجلسين والحضور إجلالاً وإكباراً وتقديراً لجلالته واعترافاً بصوابية آرائه.
  • واستمر جلالته على هذا النهج موظفاً خبراته وقدراته وثقته بنفسه في طرح القضايا العربية ومنها القضية الفلسطينية وقضية القدس على كافة الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين والتي كان آخرها زيارة جلالته إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب وعدداً من قادة الفكر الأمريكيين، فكان أول زعيم دولي يقابل الرئيس المنتخب (ترامب) ويجري معه لقاءاً بين خلاله أهمية الدور الأردني في عملية السلام وضرورة تحقيق الأمن والسلم الدوليين في المنطقة التي تتعرض لحرب أهلية وللعنف والإرهاب. كما خاطب جلالته الشعب الأمريكي من خلال لقاءه بنائب الرئيس الأمريكي ووزيري الدفاع والأمن الخارجي ورؤساء وأعضاء بعض لجان مجلسي النواب والشيوخ فبين لهم سماحة الإسلام وأنه ضحية للإرهاب الذي لا يقتصر على جنسية أو دين كما ركز جلالته على القضية الفلسطينية وقضية القدس وضرورة دفع عملية السلام المتوقفة إلى الأمام وقال: “أن له شرف تحمل مسؤولية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف”، وحذر مما قد ينجم عن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس من تبعات أهمها التأثير على قرار حل الدولتين، وعرقلة جهود السلام وخلق عدم الاستقرار في المنطقة والخشية من حدوث إحباط لدى البعض مما يدفعهم إلى الإرهاب والتطرف الذي يتعاون المجتمع الدولي على اجتثاثه. وقد وجدت كلمات جلالة الملك أمام القادة في المجتمع الأمريكي تفهماً لجهوده ولخطابه حيث بدأت ملامح تغيير اللهجة والنظرة الأمريكية من الاستيطان فوراً وأهمية حل الدولتين فسجل الملك عبدالله الثاني بذلك نصراً مؤزراً وسبقاً سياسياً ودبلوماسياً بفضل ما حباه الله من حكمة وبعد نظر وعقل راجح حيث خاطبهم بلغة العقل والحكمة والحنكة والرأي السديد فأصغى هؤلاء جميعاً إلى نصائحه وأعلن بعضهم بتصريح رسمي أن جلالة الملك عبدالله الثاني هو موضع احترام وتقدير نصغي إليه جيداً ونستمع إلى نصائحه ونستفيد منها ونعمل بموجبها.
  • وكان جلالته قد التقى واتصل أكثر من مرة مع وزير الخارجية الأمريكي (جون كيري) لبحث التطورات في المنطقة وخاصة عندما كانت تصعد سلطات الاحتلال الإسرائيلية من اعتداءاتها على المسجد الأقصى المبارك، فقد اتصل جلالته مع الوزير الأمريكي في 11/10/2015 وفي 21/10/2015، والتقاه مع ممثلي المنظمات العربية والإسلامية الأمريكية في واشنطن بتاريخ 11/1/2016، وحذر جلالته خلال لقاءاته من مغبة ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءات، وبحث سبل دفع عملية السلام لتحقيق حل الدولتين.
  • كما التقى جلالته نائب الرئيس الأمريكي (جوبايدن) في عمان بتاريخ 10/3/2016 وبحث جهود تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
  • والتقى جلالته مرات عدة أمين عام الأمم المتحدة (بان كي مون) بتاريخ 22/10/2015، وبتاريخ 27/3/2016 لدى استقباله ورئيس مجموعة البنك الدولي وقد أكدوا خلالها ضرورة تكثيف الجهود لإنهاء حالة الجمود في العملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

 

وانطلاقاً من الحرص الأردني الهاشمي في المحافظة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس وخاصة المسجد الأقصى وحمايته من المساس بقدسيته من قبل السلطات الإسرائيلية، وبتوجيه من جلالة الملك فقد شارك الأردن في اجتماعات المنظمات الدولية ومنها منظمة اليونسكو. فقد حضر مندوبون عن الأردن الاجتماعات واللقاءات الفنية الخاصة بالقدس التي عقدتها منظمة اليونسكو لبحث موضوع جسر باب المغاربة، والتي قدم خلالها مندوب الأردن تصميماً أردنياً لإعادة الطريق إلى ما كانت عليه قبل الحفريات الإسرائيلية في منطقة باب المغاربة بشكل يحافظ على تراث وطبيعة وخصوصية المنطقة ويعزز طابعها الإسلامي. وقد نجحت الأردن في إقناع أعضاء لجنة التراث العالمي لرفض المشروع الإسرائيلي المقدم لبناء جسر المغاربة وذلك بقرار دولي عبر منظمة اليونسكو التي اعتبرت الخطوة الإسرائيلية تعديا على التاريخ والحضارة بينما أقرت المشروع الأردني.

وكانت الأردن قد حذرت مراراً من الإجراءات الإسرائيلية المتمثلة باستمرار أعمال الهدم والحفر وبناء الجدار والمستوطنات في القدس، وقيام المتطرفين اليهود باقتحامات شبه يومية للمسجد الأقصى المبارك في محاولة لتقسيمه زمانياً ومكانياً مما يمثل انتهاكاً واضحاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومحاولة لتغيير الوضع القانوني لمدينة القدس المحتلة التي تعد جزءاً من الأراضي العربية المحتلة، وتنطبق عليها اتفاقية جنيف الرابعة، وتتمسك اليوم بدورها التاريخي في الحفاظ على المقدسات الإسلامية في القدس ورعايتها عبر التاريخ، وقدمت مذكرات للجهات الدولية المعنية بخصوص تلك الاعتداءات.

واستمراراً للجهود الأردنية في منظمة اليونسكو التي أسفرت عن إدراج القدس على قائمة التراث العالمي عام 1981 وقائمة التراث العالمي المهدد بالخطر عام 1982، عمل الأردن بالتعاون مع الأعضاء العرب على إفشال سعي إسرائيل في إدراج القدس على لائحة التراث العالمي الخاص بها، وإفشال محاولاتها تسجيل مواقع عربية ضمن قائمة التراث العالمي لدى اليونسكو على أنها مواقع عبرية. ومن هذه الأسماء مثلا: منطقة جبل داوود بـ “جبل صهيون”، الحرم الشريف بـ “جبل الهيكل”، مدينة سلوان بـ “مدينة داوود”.

واستمراراً للجهود الأردنية وجهود المجموعة العربية والدول الصديقة في اليونسكو تبنت لجنة التراث العالمي في جلستها رقم (32) التي عقدت في مدينة (كوبك) في كندا بتاريخ 2-10/ تموز 2008. القرارات التالية:

  1. أن تبقى مدينة القدس القديمة وأسوارها على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر. بعد إفشال مطالبات إسرائيل المتكررة للجنة التراث العالمي خلال أربعة اجتماعات سنوية لها إلغاء ذلك.
  2. الاهتمام بما يجري من حفريات تحت وحول مدينة القدس القديمة، وتطلب من السلطات الإسرائيلية تزويد مركز التراث العالمي بكامل المعلومات والتقارير عما يجري هناك.
  3. تلح على إسرائيل بعدم الإتيان بأية أعمال من شأنها أن تؤدي إلى تعريض وتهديد الموروثات والممتلكات التراثية في مدينة القدس القديمة وأسوارها.
  4. التمني على الفنيين في مركز التراث العالمي وضع تقرير مفصل حول صيانة وترميم الموروثات و الممتلكات التراثية والثقافية في مدينة القدس.
  5. التأكيد على ضرورة أن ينسجم تصميم طريق باب المغاربة ويتناسب مع أصالة وسلامة المكان، والامتناع عن أي مبادرة من شأنها أن تنال من الطابع المميز لمدينة القدس وفقاً لما جاء في معاهدة حماية التراث العالمي والتراث الطبيعي لسنة 1972م.
  6. الطلب من السلطات الإسرائيلية “باعتبارها سلطة احتلال” الاستمرار في تعاونها مع بقية الأطراف المعنية، ولا سيما مع الطرف الأردني وخبراء الأوقاف من اجل تمكين الفنيين الأردنيين من وضع التصميم اللازم لطريق باب المغاربة.

واستمرت الجهود الأردنية في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني لدى كافة المحافل والمنظمات الدولية خاصة منظمة اليونسكو بما يحفظ هوية القدس وعروبتها فقدم الأردن الكثير من مشاريع القرارات التي تبنتها منظمة اليونسكو، وقد أسفرت الجهود الأردنية عن اتخاذ المجلس التنفيذي لليونسكو القرار رقم 40 لسنة 2016 وأهم ما جاء فيه:

  1. التأكيد على تسمية المسجد الأقصى/ الحرم القدسي وليس جبل الهيكل وأن هذا المسجد من “المقدسات الإسلامية الخالصة” وأنه لا علاقة لليهود به.
  2. مطالبة إسرائيل بإتاحة العودة إلى الوضع التاريخي الذي كان قائما حتى سبتمبر/ أيلول ٢٠٠٠، إذ كانت دائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية السلطة الوحيدة المشرفة على شؤون المسجد.
  3. واعتبر القرار تلة باب المغاربة وحائط البراق هما أجزاء لا تتجزأ من المسجد الأقصى، ورفض الإجراءات الإسرائيلية الأحادية الجانب.
  4. كما أدان الاعتداءات الإسرائيلية المتزايدة والتدابير غير القانونية التي يتعرض لها العاملون في دائرة الأوقاف الإسلامية والتي تحد من تمتع المسلمين بحرية العبادة، ومن إمكانية وصولهم إلى المسجد الأقصى.
  5. واستنكر القرار بشدة الاقتحام المتواصل للمسجد الأقصى من قبل “متطرفي اليمين الإسرائيلي والقوات النظامية الإسرائيلية”.

 

كما كان لجهود الأردن وعدد من أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الفضل في اتخاذ القرار رقم 2334 الذي تبناه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 23 ديسمبر 2016 والذي حث على مطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967، وهو أول قرار يمرر في مجلس الأمن متعلق بإسرائيل وفلسطين منذ عام 2008.

لقد عبر جلالة الملك في مقابلاته عدداً من الصحف والمحطات الفضائية عن وجهة النظر الأردنية حيال القضايا الهامة في العالم، نقتطف بعضاً منها بما يتعلق بالقضية الفلسطينية:

  1. في مقابلة مع صحيفة الحياة اللندنية في 9 تشرين الثاني 2009م، قال جلالة الملك عبدالله الثاني “إذا كانت هناك ثقة بأن المفاوضات لن تكون إضاعة للوقت وعملية جديدة لا نهاية لها تغير إسرائيل خلالها الحقائق على الأرض في الضفة والقدس، وتجعل قيام الدولة الفلسطينية أمرا مستحيلا بسبب الاستيطان وغيره من الإجراءات، نكون قد تجاوزنا العقبات”، مضيفا جلالته “أما إذا بقينا على الوضع الحالي فستكون الفوضى والمزيد من التأزيم في انتظار الجميع”. وطالب جلالته إسرائيل بوقف بناء المستوطنات وجميع الإجراءات الأحادية والسياسات التي تفشل الجهود السلمية، والدخول في مفاوضات فاعلة تبني على ما أنجز وتعالج جميع قضايا الوضع النهائي ضمن جدول زمني محدد، وعلى أساس المرجعيات المعتمدة للوصول إلى حل الدولتين بأسرع وقت ممكن. وقال أن الإجراءات الإسرائيلية الأحادية في القدس التي تستهدف تغيير هوية المدينة، وتهدد الأماكن المقدسة هي إجراءات مرفوضة تقوّض فرص تحقيق السلام، مؤكدا “أن القدس خط احمر وعلى الإسرائيليين أن يدركوا مكانة القدس عند العرب المسلمين والمسيحيين وعدم اللعب بالنار”. والمقصود بالقدس خط احمر أي انه لا سلام بدون عودة القدس حرة عربية كما كانت على الدوام وعاصمة للدولة الفلسطينية.
  2. وخلال حديثه في جلسة حوارية في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أواخر تشرين الثاني 2010م أدارها الإعلامي في شبكة ((CNN فريد زكريا، أكد جلالته “أنه إذا ما تم التوصل لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في سياق إقليمي شامل ستحل العديد من الملفات الساخنة في المنطقة. وفي رده على سؤال إن كانت القضية الجوهرية في الإقليم هي صعود إيران التي تتدخل بالقضية اللبنانية وبالأراضي الفلسطينية، قال جلالته “ما أزال أقول أن القضية الرئيسية هي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فجميع الطرق في منطقتنا في هذا العالم، وكل الصراعات تؤدي إلى القدس”.

لقد أكد جلالته موقف الأردن الداعم والمستمر لمشروع حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ في عدد من لقاءات جلالته ذات الصلة نورد منها:

  • في كانون الأول سنة 2002م، في مقالة لجلالته بعنوان “الصوت الحقيقي للسلام” نشرت في الواشنطن بوست، قال جلالته “فما هو مطلوب حاليا واضح لجميع الأطراف، دولة فلسطينية مستقلة بشكل كامل، وإسرائيل مندمجة مع جيرانها العرب في بيئة من السلام والأمن، ولهذا السبب فان الأردن يدعم بقوة مبادرة السلام العربية، التي قررت في مؤتمر القمة العربية المنعقد في بيروت في شهر آذار سنة 2002م، والتي تلزم جميع الدول العربية باتفاقية سلام مع إسرائيل وإقامة الدولة الفلسطينية وتشمل ضمانات أمنية جماعية وحلا متفقا عليه لمشكلة اللاجئين، كما يعمل الأردن بفعالية مع الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا والأمم المتحدة لرسم خريطة طريق وجدول زمني لنهاية دائمة ومستدامة للصراع”.
  • في حزيران سنة 2003م، في خطابه في قمة البحر الأحمر، قال جلالته: “ليكن لدينا طموح… الطموح كي نتجاوز العنف والاحتلال، ونصل إلى اليوم الذي يكون فيه دولتان، فلسطين وإسرائيل، تعيشان معاً، جنباً إلى جنب، في سلام وأمن. إننا بأيدينا اليوم نملك الآلية التي يمكن أن تترجم هذا الطموح إلى حقائق على أرض الواقع. إنها خطة، خارطة الطريق، التي تخاطب احتياجات الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. فهذه الخطة توفر للإسرائيليين ضمانات أمنية من جميع العرب، ومعاهدة سلام وعلاقات طبيعية مع الدول العربية ونهاية للصراع. وبالنسبة للفلسطينيين فهي تحقق نهاية للاحتلال، ودولة قابلة للحياة، والوعد بالعيش كشعب حر ومزدهر”.
  • في آذار سنة 2007م، في مقابلة مع قناة العربية الفضائية في إطار الحديث عن الأوضاع والقمة العربية في الرياض، قال جلالته:”لا بد من توجيه رسالة إلى إسرائيل، تؤكد على أنها تتحمل المسؤولية الكبرى تجاه تحقيق السلام في هذه المنطقة، فإذا كان لديها الرغبة والنية الصادقة في العيش بسلام فيها، فعليها أن تسعى لهذا السلام وتقـبل بمبادرة السلام العربية التي تضمن لشعبها العـيش بأمن وسلام إلى جانـب شـعوب هذه المنطقة. وقد قمت مع بعض إخواني القادة العرب باستخدام كل المنابر المتاحة في شتى أنحاء العالم لإيصال صوت ورسالة السلام للعالم أجمع. واليوم نحن كـعرب نريد أن نوصل رسالة السلام من خلال هذه القمة، ونقول للعالم بأننا دعاة سلام، وبأننا نسعى لنبذ العنف والتطرف. وبالمقابل فإن على إسرائيل أن تقبل بخيار السلام القائم على حل الدولتين وأن تتحمل مسؤولياتها تجاه شعبها ومستقبلها ومستقبل المنطقة والأجيال القادمة”.
  • في أيار سنة 2007م، في مقابلة مع صحيفة الأهرام المصرية، قال جلالته: “إنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، سيكون البداية لمعالجة الأزمات الأخرى في المنطقة”، وأضاف قائلا: “وهذا في اعتقادي، يصب في مصلحة السلم والاستقرار العالميين”.
  • في حزيران سنة 2007م، في مقابلة مع صحيفة عكاظ السعودية، قال جلالته: “إن ما تشهده المنطقة يكشف الحاجة الماسة إلى إقامة سلام شامل يعتمد في الأساس على حل جذري للصراع العربي الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية.. ومبادرة السلام العربية التي نصت على مبدأ الأرض مقابل السلام، هي الإطار الأنسب للوصول إلى السلام العادل والشامل والدائم، الذي يوفر الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة بأسرها”.
  • في شباط سنة 2008م، في خطابه في كلية وودرو ويلسون في جامعة برنستون، قال جلالته: “فأمن إسرائيل لا يمكن أن يعتمد إلى ما لا نهاية على الاحتلال والجدران والقوة العسكرية. إن الأمن الحقيقي لإسرائيل سيتحقق عندما تغدو جاراً تعيش بين الجيران، واقتصاداً بين اقتصاديات، وشعباً بين شعوب، تعمل معاً لتحقيق الأهداف المشتركة وإيجاد المستقبل المشرق”.
  • في شباط سنة 2008م، في مقابلته مع وكالة إيتار تاس، قال جلالته: “إن تطبيق مبادرة السلام العربية سيؤدي إلى خلق دولتين – إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقلة – تعيشان جنباً إلى جنب بسلام وأمن. وهي تدعم تحقيق حلّ مُتّفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين”.
  • في آب سنة 2008م، في مقابلته مع مجلة الاكسبرس الفرنسية، قال جلالته: “هذا دليل على فقدان الرغبة في إسرائيل للتوصل إلى حل الدولتين. في كل مرة يبنون فيها مستوطنة جديدة يكون واضحا أن ما يقولونه من جانب وما يفعلونه على الأرض من جانب آخر، هما شيئان مختلفان. المستوطنات والمفاوضات مع سوريا وبعض المبادرات الإسرائيلية الأخرى مؤخرا أقنعتني أن قادة إسرائيل لا يسعون لتسوية القضية الفلسطينية رغم كلامهم المنمق حول الموضوع، وما يحصل للفلسطينيين جريمة أيضا”.
  • ومجمل القول؛ فقد لخص جلالة الملك عبدالله الثاني المشكلة برمتها في 3 آب سنة 2006م، في مقابلة مع مديري تحرير صحيفتي “الرأي” و”الغد” الأردنيتين قائلا: “ستدعم الشعوب العربية كل جهد وكل موقف ليعيد حقوقها تلك حقيقة على أمريكا وإسرائيل إن يفهماها. وطالما أن هناك عدوانا واحتلالا سيكون هناك مقاومة وسيكون هناك امتداد شعبي لها ودعم للمقاومة. إن الشعوب العربية تدرك الانحياز الأمريكي لإسرائيل، وأن المنطقة العربية لن تنعم بالأمن إذا لم ينعم الفلسطينيون بالاستقرار، وإذا لم يستعيدوا حقوقهم ويبنوا دولتهم”.

 

فالأمة إذاً، مطالبة اليوم بالاستجابة العاجلة لنداء جلالة الملك عبدالله الثاني بوضع إستراتيجية عربية للدفاع عن القدس. فالمدينة ذات البعد الثقافي والعقائدي والوجداني بالنسبة لنا وديعة الأمة بكل عمقها التاريخي ووعيها الثقافي وانجازها الحضاري، وهي في أعناقنا، لذلك علينا أن نسارع لإنقاذها ومواجهة إجراءات المحتل بحقها وتعرية المواقف المتخاذلة أو المتواطئة مع المشروع الإسرائيلي ضدها. وسيبقى الأردن بقيادته الهاشمية بعون الله حِصناً منيعاً وملاذاً لكل أبناء أمتنا وأحرارها، وكما كان على الدوام سنداً وشريكاً وأخاً لكلَ أبناء فلسطين يقف معهم دائماً وأبدا في السراء والضراء إلى أن تستعاد القدس عاصمة لهم.