السيد عبد الله كنعان حول إجراءات إسرائيل الأخيرة بخصوص منع المصلين من التوجه للصلاة في الأقصى خلال شهر رمضان المبارك

لا زالت سلطات الاحتلال الاسرائيلي مستمرة في تحديد عدد المصلين يوم الجمعة في حرم المسجد الأقصى الشريف في شهر رمضان المبارك وهكذا تؤكد يوماً بعد يوم بأنها الدولة الوحيدة التي تتحدى المجتمع الدولي كلّه، وتثبت من خلال ممارساتها أنها ورثت عنصرية نظام جنوب إفريقيا، والذي قاطعته دول العالم باستثنائها هى إلى أن أجبر ذلك النظام على الامتثال للشرعية الدولية.

إنّ إسرائيل بتحديها للشرعية الدولية ولكل القوانين الإنسانية أثبتت أنها الدولة الوحيدة في العالم التي لا ترعى للشعائر الدينية الإسلامية والمسيحية أيّ حرمة أو تقيم لها أي اعتبار، وإلاّ فما معنى قيامها بمنع المصلين من التوجه إلى الأقصى لأداء الصلاة في رمضان وغير رمضان أيام الجمعة، وكذلك التضييق على المصلين أثناء توجههم لأداء صلاتهم في كنيسة القيامة. أليس هذا اعتداءً متواصلاً على الشعب الفلسطيني مسلميه ومسيحية؟ أليس هذا اعتداءً على الحرية الدينية للمسلمين والمسيحيين ؟ فأيّ ديموقراطية تدعيها إسرائيل لنفسها وتحاول بها خداع العالم، وما هي هذه الحرية التي تحاول إسرائيل تسويقها كسلعة تستقطب ضعاف النفوس من المستوطنين أو الراغبين بالهجرة إلى أرض ليست أرضهم وبلاد ليست بلادهم.

ونحن نقول دائماً إن سياسة المنع هذه تأتي استمراراً لما درجت عليه حكومات الاحتلال الإسرائيلي في إصرارها على منع الشبان من الوصول إلى الأقصى للصلاة، بذريعة الحفاظ على الأمن تارة أو اللجوء إلى بث أخبار عن انهيارات محتملة في منطقة الحرم تارة أخرى، وكان آخر تلك الأخبار إعلان الحكومة نيتها إغلاق المصلى المرواني أمام المصلين وقد تبيّن لاحقاً أن هذا كلهّ محض افتراء، حيث أثبتت لجنة اعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية زيف هذا الإدعاء وتهافته.

إن من المؤسف حقاً أن الدولة التي كانت راعية السلام هي التي تحمي شارون عدو السلام وحكومته العنصرية عبر سكوتها، أو حتى بتأييدها لممارسات حكومة شارون العدوانية، المتمثلة بهدم المنازل والقتل والتنكيل ومصادرة الأراضي وإقامة الحواجز. لولا الدعم المتواصل من الإدارة الأمريكية لإسرائيل ولولا الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن الذي يشجعها على استمرار العدوان ومخالفة الشرعية الدولية، لما وجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها بحاجة لأن تحارب الإرهاب الذي طال العالم بأسره. ولكان السلام قد عمّ ليس في منطقتنا العربية فحسب، بل وفي معظم أرجاء العالم.

أو ليس كل ما تقوم به إسرائيل من عدوان على الشعب الفلسطيني هو الإرهاب بعينه، أم أن الصوت اليهودي في الانتخابات الأمريكية يجعل قادة الإدارة الأمريكية الحالية يغضون النظر عن انتهاكات إسرائيل اللا إنسانية واحتلالها للأرض العربية وتحديها لقرارات مجلس الأمن الدولي والشرعية الدولية في الوقت الذي تطالب فيه الإدارة الأمريكية الدول الأخرى بالالتزام بقرارات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن.

لنا أمل في أن تنتصر المبادئ والقيم على كل المصالح السياسية في هذا العالم ليعمّ السلام والأمن. وفي الوقت الذي نثمن فيه صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة آلة الحرب والعدوان الإسرائيلي السافر، فالشعب الفلسطيني الذي ضحى وما يزال بالغالي والنفيس في سبيل حريته واستقلاله يستحق من كل دول العالم ومن الداعين الى السلام الوقوف إلى جانبه ودعمه ومساندته ليتمكن من الصمود والبقاء على أرضه أمام الغزو الصهيوني والهجمة الشرسة التي يتعرض لها.

واللجنة الملكية لشؤون القدس، في الوقت الذي تستنكر فيه إجراءات إسرائيل العدوانية ضد الشعب الفلسطيني في القدس وكلّ فلسطين، لتأمل من الأمم المتحدة وأمينها العام ومنظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والدول التي تعمل لصالح استقرار العالم ومن كل دعاة السلام في أنحاء المعمورة أن تضع حدّاً لهذه الممارسات اللاإنسانية والخطيرة.

عبد الله كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

21/10/2004