أولاً: الأهداف الأمنية:

1- توفير حزام أمني أكثر قرباً من مناطق القدس الآهلة بالسكان ومن الساحل.

2- تكثيف دفاعات الطريق المؤدي إلى القدس من جهة الساحل.

3- حماية الطريق المؤدي إلى القدس من جهة نهر الأردن. فالحزام
الأمني الأساسي على امتداد نهر الأردن يعتبر من وجهة نظر عسكرية – استراتيجية أفضل وأهم كثيراً من مستوطنات السامرة الغربية وممر القدس.

كما استمرت إسرائيل في بناء المستوطنات الاستعمارية رغم مفاوضاتها مع الطرف الفلسطيني مع بدء العملية السلمية بعد توقيع اتفاقية أوسلو وغزة – أريحا أولاً وإعلان المبادئ الفلسطيني الإسرائيلي في 13/3/1993م.

ثانياً: الأهداف الديموغرافية:

اعتمد قادة إسرائيل في سنة 1967 مبدأين أساسيين في سياستهم
التهويدية للقدس الشرقية:

الأول: زيادة عدد السكان اليهود.

والثاني: عرقلة نمو السكان العرب وإجبارهم على بناء منازلهم في
اماكن أخرى.

وفي سنة 1967 قام جنرلان إسرائيليان (شلومو لاهط ورحبمام زئيفي) برسم الحدود الجديدة لبلدية القدس وفقاً لمبدأين:

– ضم الجزء الأكبر من الأراضي الفلسطينية غير المبنية وتخصيصها لأغراض بناء المستعمرات اليهودية.

– إقصاء التجمعات الفلسطينية الكبرى عن نطاق البلدية (خصوصاً
العيزرية وأبو ديس والرام) تقليصاً لعدد الفلسطينيين.

وعليه قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلية فعلاً بمصادرة ثلث اراضي القدس الشرقية لبناء مستوطناتها الكثيفة ومسـتلزماتها من بنية تحتية. كما منعت الفلسـطينيين من البناء على 80% من الأراضي المتبقيـة (39كم2 من مجموع 46كم2) بحجة أنها تقع خارج “المخططات الهيكلية” الحصرية الموضوعة للقدس الشرقية العربية.

ثالثاً: الأهداف الاقتصادية والسياسية:

إن تحويل القدس الكبرى من مدينة إلى منطقة سيفصل بين المناطق
الشمالية والمناطق الجنوبية من الضفة الغربية، ويفك التواصل الجغرافي، ويتحكم في حركة الفلسطينيين بحيث يجعل الدولة الفلسطينية المرتقبة غير قابلة للحياة، وسيادتها مصطنعة ومخلخلة. إن القدس الكبرى بكثافة سكانية إسرائيلية ستشل الحياة الفلسطينية
الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وذلك لأن نحو 40% من الاقتصاد الفلسطيني يدور حول القدس من خلال السياحة والحياة التجارية والصناعة. كما أن انتزاع القدس من الحيز الفلسطيني يقضي نهائياً على قابلية الدولة الفلسطينية للحياة. بالاضافة إلى
خطر أن يعترف العالم بالقدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل إلى اعتراف دول العالم بسياسة الأمر الواقع.

رابعاً: الأهداف الدينية:

يمكن تلخيص الاهداف الدينية بالآتي:

1- طمس معالم الحضارة العربية الاسلامية في القدس من خلال هدم المسجد الاقصى وقبة الصخرة وغيرهما من رموز للحضارة العربية الاسلامية وتقاسمهما مع العرب والمسلمين في أقل تقدير.

2- اقامة الهيكل المزعوم مكان الأقصى ليكون محل جذب لليهود من شتى انحاء العالم.

المواقف من السياسة الاستيطانية الإسرائيلية

أولاً: الاستيطان في القانون الدولي

بناء المستوطنات في الضفة الغربية ومن ضمنها القدس يعد خرقاً
للقانون الدولي والمواثيق الدولية والقانون الدولي الانساني في الحرب والسلم. وكذلك خرقاً لحقوق الإنسان المتعارف عليها بموجب القانون الدولي.

القانون الدولي الإنساني يمنع الدولة المحتلة من نقل مواطنيها إلى
المناطق التي قامت باحتلالها (البند 49 لاتفاقية جنيف الرابعة). بالإضافة إلى ذلك تنص أنظمة (ماغ) على منع الدولة المحتلة من أجراء تغييرات دائمة في الأرض المحتلة، باستثناء التغييرات الضرورية الملحة لحاجات عسكرية، أو لصالح السكان المحليين.

كما أن بناء المستوطنات يمس بحقوق الفلسطينيين المنصوص عليها في القانون الدولي، وأهمها حق تقرير المصير، وحق المساواة، وحق الملكية، والحق بالحياة بمستوى لائق وحق حرية التنقل.

لذا فإن سياسة إسرائيل الاستيطانية يرفضها القانون الدولي وقرارات هيئة الأمم المتحدة الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي واليونسكو، والتي تحظر على إسرائيل اجراء أي تغيرات قانونية أو عملية أو التركيبة الديموغرافية للأراضي المحتلة والقدس وفي معالمها الحضارية والتاريخية والدينية، وتعتبر جميع اجراءاتها لاغية وتطالبها بالرجوع عنها، كما تطالب الدول الأعضاء بعدم الامتثال لدعوات إسرائيل بنقل بعثاتها الدبلوماسية أو القنصلية من تل أبيب إلى القدس، وبضرورة ممارسة الضغط على إسرائيل لحملها على الاذعان لقرارات الشرعية الدولية.

ثانياً: الموقف الفلسطيني

الشعب العربي الفلسطيني على اختلاف طبقاته وشرائحه وفئاته وقواه واطيافه السياسية والاجتماعية هو المعني الاول بسياسة الاستعمار الاستيطاني الاحلالي الاسرائيلية التي تتمحور حول انكار وجود الشعب الفلسطيني، وتكريس الاحتلال لارضه، وطمس هويته وحضارته العربية والاسلامية ومقاومة جهاده من اجل حقه في  تقرير مصيره، واقامة دولته المستقلة ذات السيادة التامة على كل ترابه الوطني وعاصمتها القدس.

ويستند الموقف الفلسطيني من سياسة الاستعمار الاستيطاني الاحلالي الاسرائيلية الى جملة من المبادئ اهمها:

1- رفض الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية الفلسطينية وعدم
الاعتراف بشرعية الاحتلال.

2- حق الشعب العربي الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي
لاراضيه.

3- حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة ذات السيادة التامة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس.

4- التمسك بحق العودة والتعويض، عودة جميع اللاجئين الفلسطينيين ممن شردوا من وطنهم قسراً وتعويضهم عن معاناتهم الطويلة عادوا ام لم يعودوا.

اما الموقف العملي للطرف الفلسطيني في مواجهة سياسة الاستعمار
الاستيطاني الاحلالي الاسرائيلية فقد أخذ اشكالاً متعددة ابرزها :

1- الانتفاضات والثورات الشعبية المتكررة وآخرها انتفاضة الاقصى التي اندلعت في 28/9/2000م اثر قيام مجرم الحرب ارئيل شارون بتدنيس باحة الحرم القدسي الشريف تحت حراسة الآلاف من عساكر الاحتلال المدججة بالسلاح.

2- الكفاح الشعبي المسلح الذي مر بمراحل عديدة تراوحت بين المد
والجزر وانتهت الى مفاوضات سياسية بسبب جملة من المتغيرات السياسية المحلية والعربية والاقليمية والدولية التي جاءت جميعها لصالح الكيان الصهيوني.

3- النضال السياسي الذي اتخذ اشكالاً مختلفة منها المفاوضات،
والاعترافات المتبادلة بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين اسرائيل والاتفاقات مع الكيان الصهيوني.

4- التصدي لاجراءات سلطات الاحتلال التهويدية وبناء المستعمرات الصهيونية بوسائل متعددة تراوحت بين الصدام مع سلطات الاحتلال الاسرائيلية، وحراسة الاراضي، والاحتجاجات السياسية، وانتزاع القرارات من المحافل الدولية واهمها هيئة
الامم المتحدة بمؤسساتها المختلفة: مجلس الأمن، والجمعية العامة، واليونسكو، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك اللجوء الى المحاكم الاسرائيلية.

ثالثاً: توصيات المؤتمر الوطني لمواجهة الاستيطان

من المفيد التعرض لبعض التوصيات المؤتمر الوطني لمواجهة الاستيطان الذي انعقد في جامعة “النجاح” والتي تتلخص بالآتي:

– وقف المفاوضات نهائياً مع الإسرائيليين وربط استئنافها بوقف
الاستيطان، والتعامل مع القدس بخصوصية والدفاع عنها في وجه المخططات الرامية إلى تهويدها.

– المصادقة على مشروع الخطة الوطنية لحماية الأرض وتوزيعها على أوسع نطاق شعبي ممكن ومطالبة المجلس الوطني الفلسطيني بإجازتها ومن ثم تطبيقها.

– تشجيع هيئة التنسيق الموحدة لمواجهة الاستيطان والدفاع عن الأرض.

– الدعوة لعقد الاجتماع التأسيسي لصندوق الأرض، ودعوة رجال
الأعمال والمال والاقتصاد للمشاركة الفاعلة فيه، وإخراجه إلى حيّز الوجود.

– ضرورة تطوير دور المركز القانوني للدفاع عن الأرض والذي يتخذ من مدينة نابلس مقراً له، بحيث يصبح مرجعاً وطنياً لمتابعة قضايا المواطن الجماعية والفردية لحماية الأرض من التهويد والسرقة والمصادرة والاستيلاء، بحيث تنبثق عنه فروع في كل المحافظات الفلسطينية.

– دعوة القيادة الفلسطينية لوضع البرامج والخطط الضرورية لتفعيل
دور التجمعات والجاليات الفلسطينية في الشتّات في معركة الدفاع عن الأرض، بما في ذلك تفعيل نشاط السفارات والممثليات الفلسطينية في دول الخليج العربي والأمريكي.

– تشجيع الفعاليات الجماهيرية والسياسية النوعية في مواجهة
الاستيطان وإعلاء الصوت الفلسطيني الموحد في رفض ومقاومة سياسة الأمر الواقع، وتهويد القدس.

– الدعوة لمؤتمر تشارك فيه وجوه من الدول العربية والإسلامية.

– ودعا المؤتمر الى ضرورة الاستناد إلى الأسس التفاوضية والقانونية، واستخدام الأرض والجهد الشعبي، واستحداث دائرة أرض فاعلة تعمل على استكمال تسوية الأرض، وإعداد الخرائط، خاصةً وأن 70% من الأراضي ما زالت مسجلة في قيود مالية وليس (طابو)، وضرورة توفير الخرائط للأراضي المصادرة لخدمة الطاقم المفاوض، وأهمية استحداث مرجعية محددة لمواجهة الاستيطان.

– قُدمت اقتراحات للعمل في الأرض منها: بدء العمل في الأرض
المصادرة استصلاحاً وزراعة خاصة في محيط المستوطنات، وشق شبكة طرق فلسطينية وتشغيل العاطلين عن العمل، واستصلاح الأرض، وتشجير الأراضي الشفاغورية، ووضع خطة خمسية
للزراعة وإنشاء مركز قانوني متخصص للدفاع عن الأراضي، لإرشاد أصحاب الأراضي المصادرة في بحث قضاياهم.

– التأكد على إن جميع قرارات وإجراءات المصادرة والاستيطان
والإغلاق والاستملاك التي قام بها اليهود باطلة ومخالفة للقانون الدولي الذي يحظر على الدولة المحتلة التصرف في أراضي الإقليم المحتل.

– ضرورة التصدي لهذه الهجمة العدوانية الاستيطانية بالعمل لا
بالقول، والعمل بكل جد وإخلاص لاستعادة عروبة القدس لما تمثله من قداسة للمسلمين والمسيحيين وللعالم المتحضر كله. وكذلك العمل من أجل إعمار القدس، عمرانياً وسكانياً ليكون سكانها درعاً يصد هذه الهجمة الصهيونية الشرسة ومن أجل إبقائها عربية اسلامية حتى يجيء يوم التحرير.

– دعم مؤسسات القدس الخيرية حتى تستمر في نشاطاتها وفعالياتها وتقوم بدورها الاجتماعي والإنساني والثقافي وعدم التخلي عنها، وإلاّ نكون قد فرطنا في حقّنا وخنّا الأمانة التي سلّمها السلف الصالح لننقلها إلى الأجيال القادمة. فلنبدأ جميعاً بالعمل، كل في مجاله، حسب قدرته واستطاعته لصون هذه الأمانة.

– وجوب التنبه الى أهمية دور الإعلام في إبراز قضية الاستيطان
كخطر حقيقي، يتمثل في الهجمة الشرسة للاستيلاء على الأرض وإفراغها من سكانها.
وتشكيل صناديق للأرض في البلدان العربية والإسلامية لدعم صمود الإنسان الفلسطيني حتى لاتتمكن رياح الاستعماري الاستيطان من اقتلاعه.

رابعاً: الموقف العربي والاسلامي

يبدو الجانب العربي مكتفياً بردود الفعل، إذ يتحرك دون إستراتيجية
محددة أو برنامج واضح لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية في المدينة، ففي أعقاب كل قرار استيطاني تحاول الأطراف العربية استصدار قرار دولي يدين ذلك – أي الاستيطان – ويثبت الحق العربي في المدينة. والحقيقة أنه لا يمكن إغفال أهمية استصدار قرارات ترسخ حق العرب في القدس. بيد أنه لا يمكن القول أن هذه القرارات تغني عن تحرك مواز لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية ويسعى لإبطال مفعولها والدفاع عن الوجود العربي في المدينة.
ولا تختلف مواقف الدول الاسلامية ومنظمة المؤتمر الاسلامي عن مواقف الدول العربية وجامعتها في شيء. فقراراتهما جميعاً للحفظ لا للتطبيق.