1: مقدمة

اذا كان اكتشاف قوانين الطبيعة، ومواجهة تحدياتها تأميناً لاستمرار الحياة البشرية يدخل في صلب اختصاص علماء الطبيعة، فان البحث في الحراك المجتمعي وتطوره والنزوع نحو التجديد لهي موضوعات من اختصاص علماء العلوم المجتمعية، دون ان يعني ذلك عدم الاحتفاظ بالقيم من المنظومات القيمية للمجتمعات البشرية وتراثها الانساني. بمعنى آخر أن علم الطبيعة معني باكتشاف الثوابت الطبيعية المؤسسة او المنشئة للمتحرك في محيطها، بينما العلوم الانسانية معنية باكتشاف المتغير في حياة الانسان والمجتمعات، واستشراف آفاق المستقبل مستفيدة من قوانين الحياة الثابتة المتحكمة كلياُ أو جزئياً بعملية الحراك الحياتي، والنشاط والسلوك الانسانيين، دون أن تقوى على الغائها.

لذا فان اشكالية الثوابت والمتغيرات، اشكالية الاستمرارية والتحول تبقى قائمة ما دامت الحياة مستمرة على هذا الكون. بيد أن ظاهرة الثوابت بصيغة القوانين الطبيعية، سواء تلك التي تمكن الانسان من الكشف عنها، وحل ألغازها، لا يمكن الانتقال بها من طبيعتها الثابتة الى حالة متحركة، وانما التكيف معها.

أما ظاهرة الثوابت في العلوم المجتمعية فهي على العكس تماماً. اذ أن المجتمع الانساني محكوم عليه بالتغيير والتحول والحراك بحثاً عن البقاء والاستمرارية كانعكاس لاستجابة الانسان للتحديات التي واجهته وبيئته المجتمعية. وستظل تعترض سبيل حراكه المجتمعي الى قيام الساعة. فالحراك الاجتماعي والتحول اللذان يطولان الثوابت المجتمعية هما صيغتان من صيغ الاستجابة للتحديات بمختلف اشكالها الطبيعية والبيئية والمجتمعية، وذلك بدافع حب البقاء والاستمرارية. استمرار الحياة البشرية ومنظوماتها المجتمعية القيمية. فما هو ثابت بالأمس بات متغيراً اليوم. وثابت اليوم هو بكل تأكيد متغير الغد، طالما ظل الحفاظ على استمرار الحياة الانسانية والمجتمعية والنظم والهياكل الحاملة لها الهدف المجتمعي الأسمى للبشرية.

واذا كان استمرار الحياة السياسية والمجتمعية، وهو ما يعبر عنه في العلوم السياسية، بالمصالح الوطنية والقومية ذات الطبيعة المصيرية، هو الثابت السياسي الوحيد، فان السياسات المجتمعية للدول بحكم هذا الثابت الحيوي والهياكل المجتمعية والأدوات والوسائل المحققة لها متغيرة قطعاً. كما لا يمكن عزل هذه السياسات عن سلسلة المتغيرات التي تحصل في محيطها الداخلي والخارجي، باعتبارها مجموعة التحديات التي تواجه السلوك السياسي لمجتمع ما كشرط لاستمرار الحياة الانسانية والمجتمعية ومنظوماتها القيمية في بعديها المبدئي – الاستراتيجي، والسياسي – التكتيكي.

وعليه فان البحث في اشكالية التحول في الرؤية الأردنية لقضية القدس والسلوك السياسي ليس بطراً أو ضرباً من ضروب الترف الفكري، ولا يدخل في باب المناكفات السياسية قطعاً.

ان اختيار الباحث لخوض غمار موضوع لا يخلو من المجازفة بشكليها البحثي والشخصي … موضوع : “الرؤية الأردنية للقدس بين الاستمرارية والتحول” يعود لعدة اسباب اهمها :

  1. اغفال المؤلفات والدراسات السابقة حول القدس، العربية منها والأجنبية، للرؤية الأردنية تجاه القدس وسياسة المملكة الأردنية الهاشمية نحوها اغفالاً شبه مطلق. واذا ما صادف وتعرضت بعضها بصيغة مباشرة اوغير مباشرة لهذا الموضوع، فغالباً ما تكون هذه المؤلفات، اما ذات طبيعة عاطفية وجدانية، أو غائية نفعية.بمعنى الارتزاق المادي أو المعنوي سعياً وراء جاه أو سلطة. ومن هنا تكتسب هذه الورقة مسوغاتها وأهميتها.
  2. الغموض الذي يكتنف حقيقة السياسة الأردنية تجاه القدس والرؤية المستندة اليها لدرجة تصل الى حد انبلاج الباب على مصراعيه امام الاجتهادات المتناقضة بما يزرع الشكوك، أو يعززها لدى الأطراف العربية الأخرى وبخاصة لدى الطرف الفلسطيني، منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطنية.
  3. الابتعاد عن ظاهرة مرضية في البحوث والدراسات العربية، ظاهرة شخصنة الظواهر المجتمعية والسياسية بما في ذلك شخصنة الدولة ومؤسساتها. وذلك لضمان أكبر قدر من الموضوعية والحيادية والرصانة العلمية.وجميعها شروط لا غنى عنها لأي بحث علمي. وكي لا يحمل من هم في المواقع القيادية في الدولة وحدهم وزر نتائج السياسات غير المتكافئة مع كلفتها المادية والمعنوية، أو حتى وزر السياسات الخاطئة أو الارتجالية التي شارك في عمليات صنعها عبر مراحلها المختلفة العديد من دوائر صنع القرار، وفي مقدمتها الحكومات نفسها، والمستشارون السياسيون أو البطانة التي غالباً ما تقول “نعم لكل شيء”، أو أن تسمع صانع القرار ما يرغب في سماعه فحسب، وتحجب عنه كل معلومة تتعارض مع آرائه ورغباته، مما يؤثر سلباً في عملية صنع القرار واتخاذه.
  4. ان مثل هذا النمط من الدراسات الوجدانية النفعية يسيء الى البحث العلمي، والى الرموز الوطنية التي نجلها ونقدرها ويجب علينا تكريمها على نحو ما فعل مركز اليرموك لدراسات اللاجئين والنازحين والهجرة القسرية في احيائه للذكرى الأولى لفقيد الوطن والأمة؛ راحلنا الكبير المغفور له باذن الله الحسين بن طلال من خلال ندوة فكرية حول: القضية الفلسطينية في مسيرة الحسين.

ولكن ذلك لا يعني بأي شكل من الأشكال التقليل من أهمية المتغير الشخصي في العملية السياسية التي قد تكون حاسمة في عملية صنع القرار كما هو حال الحسين لأنه الأكثر حديثاً عن القضية الفلسطينية بعامة والقدس بخاصة ولأن طروحاته بشأن القدس التي احتلت مكانة خاصة من قلب الحسين ووجدانه وضميره تشكل المرتكز الأساسي للسلوك السياسي الأردني على الصعيدين الداخلي والخارجي. الأمر الذي يتبينه المرء دون أدنى شك في مجموعة الخطب والمقالات، والأحاديث، والمقابلات الصحفية، والرسائل التي وجهها الحسين الى الشعب الأردني والأمة العربية، وأخرى موجهة الى الملوك والرؤساء العرب والأجانب حول القضية الفلسطينية والقدس التي جرى جمعها في كتابين وثائقيين الأول للزميلين محمد عبد الله ابو علبة ونبال تيسير الخماش الموسوم بـ:

“النطق السامي 1952 – 1998 لجلالة الملك الحسين بن طلال المعظم حول شؤون القدس الشريف والمقدسات، والآخر صدر عن الأمانة العامة للجنة الملكية لشؤون القدس الموسوم بـ : القدس في أقوال الحسين والحسن”.

وهذان الكتابان – وبخاصة الأول- يشكلان المصدر الرئيسي في اعداد هذا البحث للأسباب الوارد ذكرها آنفاً.

1 : 1 : اشكالية البحث

ونظراً لغزارة مادة هذا الكتاب التي تغطي جميع أبعاد الرؤية الأردنية للقدس، وانعكاسات هذه الرؤية على السلوك السياسي الأردني نحوها، ولأن طروحات الحسين – كما ورد آنفاً – المرتكز الأساسي الذي تستند اليه الرؤية الأردنية تجاه القدس والدليل العملي للسلوك السياسي الأردني، فان هذا البحث سيعتمد اعتماداً شبه كلي على أقوال جلالة الحسين في القدس باعتبارها المنبع الأصيل والشافي ليس للتعرف على الرؤية الأردنية فحسب، وانما لاستنباط مشكلة البحث والمشكلات المتفرعة عنها. فقد تحدث جلالته في كلمة له في حفل تخريج الفوج السادس لكلية الحرب الملكية في 7/10/1993 عن علاقة الهاشميين بالقدس قائلاً:

“هذه هي علاقة الهاشميين بالقدس، انها علاقة تاريخية وشرعية دينية، والتزام بني هاشم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدس يؤيده الدين وترفده الشهادة ويسجله التاريخ وسوف نبقى أوفياء لها مدافعين عن حق الأمة فيها، حريصين على مقدساتها. وسيظل الهاشميون وأبناؤهم وأحفادهم على هذه الضفة من نهر الأردن في مقدمة أهلهم الأردنيين من كل منابتهم وأصولهم على العهد نفسه الى آخر الزمان. أما عن الأماكن الاسلامية المقدسة فيها على وجه التخصيص فان موقفنا هذا لا تغيير عليه، وما نزال نرعاها ونلتزم بشؤون اعمارها وأوقافها ونحن لم ولن نعترف بسيادة عليها الا لله سبحانه وتعالى وعلى مقدسات سائر المؤمنين بالله في (قدس الأقداس) التي شاء أن تكون تلك البقعة الطاهرة الصغيرة المساحة العظيمة هي التي تهفو اليها أفئدة المؤمنين من عباده جميعاً، وأملهم أن تحترم حقوقهم وحرياتهم، وأن يمارسوا عبادة الله فيها تحدوهم مخافته عز وجل وسعيهم لنيل رضاه”.

وفي كلمة لجلالته في حفل تخريج الدورة الرابعة والثلاثين لكلية الأركان في 1/12/1993 يقول الحسين: “أما القدس التي ما زال دم شهداء قواتنا المسلحة الأردنية يعطر أسوارها وبواباتها على مقربة من مأوى الحسين بن علي ويمتزج بدم عبد الله ابن الحسين في باحة أقصاها، فقد قلنا بوضوح أن علاقة الهاشميين بالقدس الشريف علاقة تاريخية وشرعية دينية. وان التزامنا نحوها التزام يؤيده التاريخ وترفده الشهادة، واننا سنبقى على العهد لها ولمقدساتها، نرعاها ونلتزم باعمارها، ولا نعترف بسيادة عليها الا لله سبحانه وتعالى”.

وبمقارنة هذين النصين الساميين اللذين لا يفصل بينهما سوى بضعة أسابيع فقط سرعان ما يخلص المرء الى الاستنتاج بأن ” السيادة لله ” تتعرض في النص الأول الى ” الأماكن الاسلامية ” في القدس ” على وجه التخصيص “، بينما هي في النص الثاني تمتد الى ” القدس الشريف ” و ” لمقدساتها ” بمعنى آخر أن هناك اختلافاً في المنطقة المعنية بسيادة الله، الا اذا كان المقصود بالقدس الشريف هو تلك “البقعة الطاهرة الصغيرة المساحة العظيمة هي التي تهفو اليها أفئدة المؤمنين من عباده جميعاً “. وبهذا المعنى تحدث الحسين بن طلال في وقت مبكر، ان جذور هذه النظرة ” لا سيادة على القدس الا لله ” أو لا سيادة على الأماكن الاسلامية المقدسة الا لله ” تعود في الحقيقة الى عام 1969 حيث يقول الحسين في خطاب له في نادي الصحافة الوطني في واشنطن في 10/4/1969م : ” ان القدس بوصفها التراث الروحي للديانات العالمية الكبرى يجب ان لا تصبح العقبة في طريق السلام، وسنعمل كل ما نستطيعه لنجعل من القدس ما يوحي به اسمها، أي مدينة السلام، حالما يعترف بحقوقنا فيها. واذا ما حل السلام في نهاية الأمر فستكون القدس وسيلة لجمع شمل المؤمنين بالله على مدى الزمن “.

وسواء كان المقصود بـ “لا سيادة الا لله” الأماكن الاسلامية المقدسة في القدس، أو القدس كلها أو “القدس القديمة”، أي الكيلو متر المربع الواحد الذي يضم الأماكن الاسلامية المقدسة، فانها لم تترك الكثير، مفكرين كانوا أم سياسيين، أم باحثين في الداخل والخارج في حيرة من الأمر والارباك فحسب، بل هي فوق ذلك تطرح اشكالية متعددة الأوجه والأبعاد والمظاهر ومعقدة التركيب. تطرح اشكالية الاستمرارية والتحول في الرؤية الأردنية لقضية القدس وانعكاسات هذه النظرة ثباتاً وتحولاً على السلوك السياسي للدولة الأردنية. وانطلاقاً من هذه الاشكالية المحورية فان هذا البحث يثير مجموعة من الاسئلة كمدخل للتعرف على حقيقة الاستمرارية والتحول في النظرة الأردنية للقدس ومدى هذا التحول وعمقه، ان وجد، واتجاهاته وانعكاساته على السياسة الأردنية تجاه القدس. ويمكن تلخيص هذه الأسئلة بالآتي :

  1. ما محددات الرؤية الأردنية للقدس؟
  2. هل يمكن الفصل بين النظرة الأردنية للقدس وبين الرؤية الأردنية للصراع الاسرائيلي – العربي وجوهره القضية الفلسطينية؟
  3. هل تشكل مقولة الحسين : ” لا سيادة الا لله ” على الأماكن الاسلامية المقدسة، أو على ” القدس الشريف ” تحولاً عن ثوابت الرؤية الأردنية للقدس، ومن ثم تحولاً في السياسة الأردنية تجاهها؟ أم أن لهذه المقولة جذوراً ومقدمات تعود لفترة الخمسينات مروراً بالعقود التي تلتها وصولاً الى هذه المقولة التي أكدها جلالته غير مرة في التسعينات؟
  4. هل يمكن قياس هذا التحول، ان وجد، وهل هناك من معايير موضوعية لقياسه؟
  5. ما طبيعة هذا التحول، ان وجد؟ أهو تحول مبدئي – استراتيجي، أم سياسي – مرحلي – تكتيكي؟ وما مقتضياته أو أسبابه ومراحله وأبعاده ومظاهره؟

ان البحث في الرؤية الأردنية للقدس بين الاستمرارية والتحول، وانعكاسات ذلك على السلوك السياسي الأردني يقتضي:

  1. تحديد مضمون مصطلحي الاستمرارية والتحول. بمعنى آخر تعريفهما اجرائياً بما يمكن من استنباط وتعميم معايير موضوعية للتثبت من تواصل الرؤية الأردنية للقدس أو تحولها، والتعرف على طبيعة هذا التحول وميادينه واتجاهاته وعمقه، وتقويم مدى ارتباط نتائج البحث بمقدماته والعلل بمسبباتها والتثبت من مصداقية الاستنتاجات التي انتهى اليها البحث.
  2. تحديد ثوابت الرؤية الأردنية تجاه القدس باعتبارها المنطلق الحاسم في التعرف على مظاهر الثبات أو التحول في السياسة الأردنية تجاه القدس.

ولكن ما المقصود بالاستمرارية والتحول لأغراض هذا البحث؟

  1. الاستمرارية تعني لأغراض هذا البحث استمرار المملكة الأردنية الهاشمية على ثوابتها المبدئية والسياسية تجاه الصراع الصهيوني – العربي وجوهره القضية الفلسطينية بعامة وقضية القدس لب القضية الفلسطينية بخاصة.
  2. التحول : كل انحراف عن ثوابت الرؤية الأردنية قسرياً كان أو طوعياً.
1 : 2 : ثوابت الرؤية الأردنية

يمكن تلخيص الثوابت التي استندت اليها الرؤية الأردنية للقدس وحكمت سياسة الأردن الداخلية والخارجية تجاهها بالآتي :

  1. التناقض الوجودي بين الحركة الصهيونية باعتبارها حركة استعمارية استيطانية احلالية وبين المشروع النهضوي العربي.
    ففي هذا السياق يقول الحسين في كلمة له بمناسبة عيد النهضة العربية في 21/3/1956 :

    ” ها هي الصهيونية تحتل قسماً من وطننا الغالي، وقد أصابت بالشعب العربي أعز تراثه وأغلى مقدساته”. ويقول الحسين في كلمة له في افتتاح ندوة المؤتمر الاسلامي بمناسبة ذكرى الاسراء والمعراج في 4/1/1968 أيضاً:

    ” … ان هذا البلد الذي يعيش على خطوط الفداء ويحمي مقدسات الأديان جميعاً في وجه الغارة الصهيونية المعتديه ليحس أكثر من غيره بأهمية التعاون القائم على الثقة بين الشعوب العربية والاسلامية”.

  2. الأردن حامل رسالة الهية وقومية باعتباره الوريث الشرعي لتراث الرسل والأنبياء من جهة وللثورة العربية الكبرى بارادة وقرار عربي من جهة أخرى. اذ يقول الحسين في هذا المقام في كلمة بمناسبة عيد الميلاد المجيد في 25/12/1958 :
    ” ونؤمن بأن العناية الالهية اذ وضعت بذلك بين أيدينا رسالة مقدسة، وفي أعناقنا أمانة عظمى، انما لتبقى على صلة للأرض بالسماء ولتحفظ تراث الرسل والأنبياء ومنابر النور “.

    ويقول الحسين أيضاً في كلمة له لدى زيارة له لمحافظة البلقاء في 2/5/1988 :

    ” بدأت قصتي وقصة الأردن في بدايات هذا القرن بالحسين الأول الذي آثر أن يضحي بكل شيء على أن يساوم على فلسطين وعلى حق فلسطين وعلى حق شعب فلسطين. على أرض فلسطين أو على عروبته. وقد نفي وشرد وقضى ويقضي الى جوار الأقصى. واستمرت المعركة فيكم ومعكم بعبد الله ابن الحسين. وفي عام 1948 بذل رحمه الله وبذلتم في هذا البلد المستحيل لانقاذ ما يمكن انقاذه وتم انقاذ القدس والضفة الغربية”.

    ويقول الحسين رحمه الله بمناسبة زيارته لمحافظة المفرق في تاريخ 4/5/1988:

    ” لقد ترك لنا الحسين الأول موقفاً نفتخر به ولا يمكن أن نسير في كل الظروف والأحوال الا على الطريق الذي اختاره وآثر أن يضحي بكل شيء على أن لا يفرط بشبر من الأرض أو بشيء من الحق لأهله وإخوانه أبناء فلسطين على تراب فلسطين فشرد ونفي وقضى يرقد الى جوار الأقصى”.

    ويمضي الحسين قائلاً في نفس المناسبة:

    ” بعون الله الطريق الذي سار عليها آبائي وأجدادي سأسير عليها دائماً، وسيسير عليها هذا البلد العربي، فالقضية ما هي قضية قوة أو ضعف، بل القضية قضية حق وعدل، واذا كانوا يتحدثون عن التاريخ وتأثيره عليهم فلنا أيضاً تاريخنا الهاشمي ومن يأتي من بعد وكل أبناء هذا البلد لا أعتقد بأنه يمكن في حال من الأحوال أن يتصور أي انسان أنهم ينقضون الوثيقة العمرية، والوثيقة العمرية بالنسبة الى القدس لن ننقضها. فالموت أشرف من أن تمس من قبل أي منا والحق يعلو ولا يعلى عليه، وسيعود بعون الله الى أهله والى أصحابه “.

    وفي كلمة أمام مؤتمر القمة العربي في الجزائر في 7/6/1988 يقول الحسين مؤكداً هذا التوجه المبدئي :
    “وقف جدي الكبير المغفور له الحسين بن علي في وجه بريطانيا العظمى في ذلك الوقت متمسكاً بمبادئ الثورة العربية الكبرى وبحق العرب في فلسطين وقد دفع ثمن ذلك غالياً”.

    وفي مناسبة أخرى يقول الحسين بمناسبة عيد الجلوس الملكي في 10/8/1967:

    “لقد كنا سدنة القدس وحماتها عبر قرون وقرون ولن نبخل ببذل أرواحنا رخيصة من أجل الحفاظ على حقنا في البقاء اولئك الحماة والسدنة نيابة عن أمتنا وسائر المسلمين”.

  3. تحرير كامل فلسطين من البحر حتى النهر أو الفناء دون ذلك الهدف.

    يقول الحسين في حديث له بمناسبة الاسراء والمعراج في 26/2/1957:

    “ان الأردن … يعاهد الله والتاريخ للبقاء وفياً لآمال العرب، ساهراً على خط دفاعه، أميناً على تراثهم ومقدساتهم … لا نزال نعتقد جازمين بأن معركة العرب التي تنتظرهم لن تكون الا على صعيد الوطن السليب حيث حطين وغزة وبيت المقدس “. ويقول الحسين في خطاب العرش في 1/11/1961:” ولاسترداد حقوقنا المغتصبة في فلسطين الغالية والدفاع عن مقدساتنا ومعتقداتنا كنا وسنبقى نبذل الجهد لتمكين قواتنا المسلحة على المستوى الرفيع الذي حققته وظفرت به”.

    ويقول الحسين في خطاب له في الأمم المتحدة في 26/6/1966 : ” لقد سقطت القدس في أيدي أجنبية للمرة الثانية خلال 1300 سنة”.

    ويقسم الحسين في كلمة له بمناسبة ذكرى الاسراء والمعراج في 15/2/1958 بعدم التفريط بشبر من فلسطين قائلاً : “ونحن نشهد الله ونعاهد التاريخ المنصف على أن لا نفرط بشبر من ربوع المعراج الطاهرة وحمى الأديان السماوية الهادية الى الخير والرشاد”.

  4. التمسك بالقدس عاصمة روحية للمملكة الأردنية الهاشمية، لا بل وعاصمتها السياسية الثانية.
    يقول الحسين في هذا السياق في رد له على سؤال للكاتب الأمريكي ليلينتال بتاريخ 6/10/1954:

    “والقدس عاصمة دولتنا الروحية ، وهي مهد تراثنا وأمجادنا ، ومن الواجب أن تنظر هيئة الأمم المتحدة الى قضية فلسطين جملة لا تفصيلاً “.

    ويقول الحسين في كلمة له لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في القدس في 19/1/1960:

    “يهمني قبل كل شيء أن أعبر عن مدى سعادتي وسروري باجتماعنا هذا اليوم مرة أخرى في هذا البلد المقدس وفي العاصمة الثانية للمملكة الأردنية الهاشمية”.

  5. رفض تدويل القدس.

    يقول الحسين في هذا السياق في رد على سؤال للكاتب الأمريكي ليلينتال بتاريخ 6/10/1954: “ان موقف حكومتي من تدويل القدس لم يتغير وقد بيناه في عدة مناسبات”.

  6. التمسك بالعهدة العمرية اساساً لتحديد مستقبل القدس وحقوق أتباع الرسالات السماوية الأخرى بها.