2: محددات الرؤية الأردنية للقدس

رؤية الأردن للقدس محكومة بمجموعة من المحددات الدستورية والمبدئية والروحية والدينية والوطنية والقومية والدولية. ومع أن هذه المحددات متداخلة في عدد منها، ليس في تحديدها لمعالم صورة القدس الأردنية فحسب، بل وفي ذهنية القيادة السياسية الأردنية وفي سلوكها السياسي. ومع ذلك فانه من الأنسب التعاطي مع هذه المحددات في صيغتها الانفرادية وليست الجمعية، ليسهل على المرء تحديد معالم الاستمرارية والتحول في كل بعد من ابعاد الصورة الأردنية للقدس.

فما هذه المحددات وما تأثيرها في السلوك السياسي الأردني تجاه القدس؟

1:2: المحدد الدستوري.

الدستور الأردني النافذ المفعول حالياً والذي يشكل المرجعية القانونية الاساسية لكل التشريعات الأردنية باعتباره القانون الاسمى والمحدد للسلوك السياسي الأردني يشدد على أن أراضي المملكة الأردنية الهاشمية وحدة واحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن شيء منها، وذلك استناداً الى المادة الاولى من الدستور الأردني التي تنص على ان:

“المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينـزل عن شيء منه …” (الدستور الأردني، المادة الاولى، مطبوعات مجلس الامة، عمان 1986م، ص5.)

ولما كان المطلق سنداً للقاعدة القانونية يؤخذ على اطلاقه، فان عبارة ” لا ينزل عن شيء منه” تعني عدم جواز النـزول عن أي شيء من الارض الأردنية لاية جهة اجنبية او عربية. ولا يقتصر ذلك على الضفة الشرقية، وانما ينسحب على الضفة الغربية، التي اصبحت بعد مصادقة مجلس الامة الأردني المؤلف آنذاك من عدد متساوٍ من ممثلي شطري المملكة الأردنية الهاشمية في اول جلسة له عقدها في 24/4/1950م على قرار المجلس الشعبي الفلسطيني المنعقد في أريحا عام 1949م، لتصبح جزءاً لا يتجزأ من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية لا يجوز دستورياً التنازل عن أي شيء منها مهما كانت الأسباب ولأي طرف كان.

لذا فان أي اجراء، قانوناً كان او مرسوماً، او قراراً، وبقطع النظر عن الجهة التي صدر عنها يسمح بالتنازل عن أي شيء من اراضي المملكة الاردنية الهاشمية يعد مخالفة صريحة وواضحه لمنطوق المادة الاولى من الدستور الأردني.

وعليه فان قرار فك الارتباط الاداري والقانوني مع الضفة الغربية باستثناء الاماكن والشؤون الاسلامية والمقدسات الذي اعلنه الاردن في 31/7/1988 لاسباب سياسية قاهرة، يتناقض نصاً وروحاً مع الدستور الأردني لعام 1952م والنافذ حتى الآن.

اما قرار محكمة العدل العليا برد دعوى رفعتها محامية اردنية ضد رأس الدولة الأردنية مطالبة بالغاء القرار لعدم دستوريته بحجة عدم الاختصاص باعتبار ذلك القرار عملاً من اعمال السيادة لا تمتد صلاحياتها اليه، فلا يمكن أن يعتد به دستورياً ولا يقلل بأي شكل من الاشكال من شأن المانع الدستوري دون التنازل عن أي شيء من اراضي الدولة الأردنية لاي طرف كان؛ فضلاً عن ان هذا القرار استثنى القدس والشؤون والاماكن الاسلامية والمقدسات في عموم الضفة الغربية من فك الارتباط. وان هو عاد لاحقاً واقتصر مفعول سريان هذا القرار على الشؤون والاماكن الاسلامية والمقدسات في القدس.

2:2: المحدد المبدئي

تعتبر المملكة الأردنية الهاشمية الوريث الشرعي للثورة العربية الكبرى بمبادئها وأهدافها وأهمها اقامة دولة عربية تضم بلاد الشام: سوريا، ولبنان، وفلسطين، والأردن وشبه الجزيرة العربية والعراق برئاسة الشريف الحسين بن علي. وكذا كانت نظرة الملك المؤسس الدولة الأردنية كنواة للدولة العربية الواحدة. وقد يكون ذلك هو السبب الرئيسي في عدم اعتراف جامعة الدول العربية والدول المنضوية تحت لوائها آنذاك بوحدة ضفتي نهر الأردن عام 1950م. فهذه الدول وبخاصة مصر كانت ترى في مثل هذه الوحدة تقوية للزعامة الهاشمية ومنافسة جدية لها على زعامة العرب. وفي هذا السياق يقول الحسين بن طلال في حديث له لدى زيارته للواء الهاشمي في 13/8/1958م:

“الحمد لله الذي شرفنا في حمل رسالة هذه الأمة وفي الدفاع عن مقدساتها وتراثها”. ويقول الحسين أيضاً في رسالة له الى رئيس مجلس ادارة الاتحاد العربي للمحاربين القدماء اللواء محمد نبيه امين في 10/7/1963: “وما كان الاردن العربي المدافع عن دنيا العرب ومقدساتها الا ثمرة من ثمار الجهاد القومي الموصول في سبيل وحدة كل العرب”. ويقول الحسين كذلك في حديث له بمناسبة عيد الاستقلال ويوم الجيش في حفل تسليم الرايات لعدد من كتائب القوات المسلحة في 25/5/1965م:

“وخطنا في هذا البلد الصابر واضح لا عوج فيه وهدفنا بّين لا التواء عليه، هو أن يكون دورنا هو الدور الطليعي.. وان نتحمل مسؤولية الحفاظ على بقايا المأساة والدفاع عن دنيا العرب ومقدسات الاسلام”.

ويقول جلالته في خطاب له في عيد الجلوس الملكي في 10/8/1967:

“نحن هناك مع اهلنا وعشيرتنا في الضفة الغربية صابرون صامدون مصممون، نؤثر أن نفنى جميعاً على أن نفرط بحبة من حقنا، او ذرة من ارضنا الحبيبة، ونختار ان نمضي جميعاً قبل أن نفرط بحجر واحد من قدسنا الشريف، قدس العرب والمسلمين وسائر المؤمنين بالله، اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، مسرى محمد بن عبدالله، ومهد عيسى عليه السلام ومثوى ابي الثورة الكبرى الحسين بن علي طيب الله ثراه.

لقد كنا سدنة القدس وحماتها عبر قرون وقرون، ولن نبخل ببذل ارواحنا رخيصة من اجل الحفاظ على حقنا في البقاء، اولئك الحماة والسدنة نيابة عن أبناء امتنا وسائر المسلمين..

ولن يخبو املنا في ان يستيقظ في العالم ضميره الذي مات ولا في أن يعود الى حياة البشر في هذه الأرض ما افقدها اياه الباطل والظلم من قيم ومبادئ، فلعل الدنيا عندنا تعمل منها على تصحيح لكل الاوضاع التي نجمت عن عدوان اتضحت حقيقته ومراميه فتعود لنا ولامتنا اولاً وقبل كل شيء ارضنا العربية كلها والقدس درتها”.

ويقول جلالته في كلمة له بمناسبة انتهاء المرحلة الاولى من الاعمار الهاشمي الثالث للمسجد الاقصى وقبة الصخرة في 19/4/1994:

“ها نحن على العهد نفسه الذي قطعه آباؤنا واجدادنا على انفسهم بأن لا تنحني هاماتهم الا لله سبحانه وتعالى، وان يقفوا في وجه الظلم والقهر وقوفاً يليق بانتسابهم الى حمزة في احد وجعفر في مؤته والحسين في كربلاء، وكم قال شهيد منهم، “رب اني لا املك الا نفسي وهي في سبيلك مبذولة”، وكم تبايعوا على الموت حتى لا يسجل التاريخ ان بينهم من تراجع او استسلم او استكان، وتلك اضرحتهم ” يملأن عرضاً في البلاد وطولاً”، وتلك ارواحهم الخالدة حاضرة في فضاء تاريخ الأمة تطوف بين مقدساتها ولا تعترف بسيادة عليها الا للأمة الواحدة ولا تسأل احداً الاذن للصلاة في هذا المقام او ذاك فهم الذين علموا الدنيا (ما) الفرق بين الحرية والقيد، وبين العدل والظلم، وبين الكبرياء والخنوع، وكم امتد نداؤهم في الازمات التي تعصف “هذا اوان الشد (فاشتدوا)”( هكذا وردت في النطق الملكي السامي)، لأنهم ظلوا يحملون املاً بامة واحدة حرة عادلة كريمة ومجد يضيء تاريخها مهما كانت الدروب اليها وحشة والظمأ شديداً، ولأن روح التحدي لا تهدأ فينا، سنظل اوفياء لرسالتهم حتى تنتصر الامة او نلقى وجه الله بشهادة، ” تقوم مقام النصر ان فاتنا النصر ” … سلام على قدس الفاروق وصلاح الدين والحسين بن علي، على الصخرة والقبلة الاولى، والمسرى والمعراج والقيامة. زمن البهجة والمجد التليد”.

ويقول جلالته في خطاب له موجه للشعب في 5/11/1992:

“كنت وسأبقى حافظاً وصية الجد المؤسس اذ قال لي انه كان يرى عمره حلقة في سلسلة متصلة ممن خدموا الامة، وانه يتوقع مني ان اكون حلقة جديدة متينة في ذلك العقد … وكم استعدت هذه الوصية بيني وبين نفسي وكم تذكرتها كما لم اتذكر غيرها من وصايا، واستوعبت ابعادها كما قررت بأنها يجب ان تستوعب، ذلك انها تختصر رؤية الشيخ المؤسس لمسؤولية القيادة نحو الشعب الذي عاش له ونحو امته التي ناضل في سبيل حريتها ووحدتها وقضى في سبيلها، وكان وهو يعانق ثرى القدس شهيداً يسلم راية بني هاشم وآل البيت الى هاشمي آخر من عترة النبي صلى الله عليه وسلم”.

ويقول جلالته في مؤتمر صحفي عقده في الديوان الملكي في 4/9/1993:

“لا اريد ان افتح جراحات قديمة، ولكن كحقيقة تاريخية عندما قامت الوحدة بين الضفتين لم تعترف تقريباً ولا دولة عربية بهذه الوحدة ولا في سيادة الأردن على القدس، وكان الموقف العربي، وموقف المجموعة الدولية آنذاك باستثناء ثلاثة دول من العالم كله تتبنى شكلاً من اشكال تدويل المدينة واعتقد ان السيادة على هذه المقدسات هي للذين يحمونها ويحفظونها في قلوبهم”.

ويقول جلالته في كلمة له امام المؤتمر الوطني العام في 12/10/1991:

“لولا وحدة الضفتين التي شملت القدس العربية التي انقذناها عام 1948، لما كان لنا في عالم السياسة قضية قدس، وبخاصة ان سائر الدول العربية في حينه وقفت الى جانب دول العالم مع تدويل المدينة المقدسة ماعدا باكستان، وبريطانيا التي تربطها بالأردن معاهدة”.

من كل ما تقدم من مقتطفات من نطق ملكي سامٍ يخلص المرء الى الآتي:

  • وحدة قضية الأمة العربية بكل ابعادها.
  • تبوّء الهاشميين وبارادة وقرار عربيين مكاناً طليعياً في الدفاع عن قضية الأمة العربية.
  • عدم تفريط الهاشميين بذرة من التراب العربي وايثار الشهادة على أن يفرطوا او يتنازلوا عن ارض عربية.
  • للجيش العربي شرف انقاذ القدس العربية التي بدونها لم يكن للعرب قضية قدس في عالم السياسة.
  • عدم اعتراف اي دولة عربية بوحدة ضفتي المملكة تحسباً من نزوع الأسرة الهاشمية نحو زعامة العرب، لا سيما وان القيادة السياسية في الأردن نظرت الى المملكة الأردنية الهاشمية كنواة للدولة العربية الواحدة.
3:2: المحدد الروحي – الديني

احتلت الضوابط الروحية والدينية موقعاً محورياً في فكر الحسين. فما من حديث لجلالة الحسين خلا بشكل او بآخر من الإشارة الى المحدد الروحي الديني. ففي كلمة للحسين بمناسبة ذكرى الاسراء والمعراج صرح قائلاً: “ففي هذا البلد الطيب المبارك، اودت السماء قدس رسالتها وطهر دعواتها، وخلدت في ارجائه منارات اديانها وركائز مقدساتها لتظل تجدد معاني الهدى والحق للإنسانية وتنير سبل الخير ودروب الرشاد امام بني الإنسان”.

وفي حديث لصحيفة النهار البيروتية في 1/3/1969م يحدد الحسين المكانة الخاصة التي تحتلها القدس لدى الهاشميين مؤكداً عروبتها واحقية الهاشميين والعرب فيها قائلاً:

“القدس لها مكانة لا استطيع ان اصفها لك بالنسبة لي كهاشمي وبالنسبة اليّ والى اسرتي التي ضحت باستمرار في سبيلها، من الثورة العربية الكبرى حتى اليوم. قائد هذه الثورة يرقد في القدس، وجدي هناك، انها كل شيء. والقدس لها عندي المكانة نفسها كمسلم وعربي. وكفاحنا من اجلها وفي سبيل الاحتفاظ بها كفاح لا يهدأ. القدس عربية والقدس، حقنا ولن نفرط في هذا الحق ولو كلفنا حياتنا. تسألني عن القدس وتريد جواباً بكلمات؟ القدس كل شيء”.

وفي ذكرى المولد النبوي الشريف في 7/11/1954 تطرق الحسين للمحدد الروحي الديني قائلاً:

“ما احوجنا ان نقف صفاً واحداً ندافع بايمان وعقيدة عن مسرى الرسول ومهد المسيح وتراث الآل الصالحين لنسجل على الدهر صفحة مشرقة جديدة نضمها الى سفر تاريخنا العربي لتكون امثولة تقتدي بها الاجيال القادمة المتعاقبة”.

ويقول جلالته في هذا السياق في حديث له بذكرى الاسراء والمعراج في 26/2/1957:

“ومهما باعدت الذكرى بيننا وبين حاضرنا فانها تأبى الا أن ترى فينا وتشدنا اليه، كيف لا والمسجد الاقصى الذي بارك الله حوله مازال عامراً بالاسلام وبيت المقدس عاصمتنا الروحية، ومدينة الاسلام (ما تزال) محجة العرب والمسلمين”.

ويقول جلالته في حديث آخر له بمناسبة ذكرى الاسراء والمعراج في 15/2/1958:

“حقاً ان مسرى الرسول قد ملك على العرب والمسلمين البابهم منذ فجر الدعوة الاسلامية الخالدة وسيبقى هذا شأنه الى يوم الدين. ونحن نشهد الله ونعاهد التاريخ المنصف على ان لا نفرط بشبر من ربوع المعراج الطاهرة وحمى الاديان السماوية الهادية الى الخير والرشاد”.

ويقول الحسين في حديث له لدى لقائه ضباط وجنود سلاح الهندسة الملكي الاردني في 9/8/1958:

“ما في شك في اننا سنقف جميعاً مثلما وقف آباؤنا واجدادنا يداً واحدة وقلباً ندافع عن بلادنا، ندافع عن مقدساتنا، ندافع عن معتقداتنا.. نعتبر ارواحنا رخيصة في سبيل امتنا وفي سبيل الدفاع عن مقدساتنا وعن معتقداتنا وعن القومية العربية”.

ويقول الحسين في حديث له بمناسبة ذكرى الاسراء والمعراج في 14/1/1961:

“تحية لكم من بلد قدسه الله بانوار النبوات تشرق في آفاقه جيلاً بعد جيل، وتضيء في رحابه نوراً على نور ومحبة لكم من أخ كرّمه العلي القدير حين القى اليه تبعة القيام على خدمة العرب وخدمة الدين الحنيف”.

ويقول الحسين في حديث له موجه الى الشعب الأردني في 10/10/1978م محدداً فيه المكانة الروحية للقدس لدى العرب والمسلمين:

“ان القدس العربية أمانة عربية اسلامية منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولا يملك أحد في العالمين العربي والاسلامي التصرف بها أو التنازل عنها، ولن تتمكن اسرائيل ولا سواها من تغيير هذا الواقع ولو بدا ذلك ممكناً الى حين”.

“ان مسؤولياتنا نحو بيت المقدس والمسجد الأقصى والقضية الفلسطينية مسؤولية عميقة الجذور مستمرة لا يقطعها قرار سياسي بفك العلاقة القانونية والادارية مع الضفة الغربية، وتنبثق هذه المسؤولية من صلب رسالة عربية اسلامية حملها الهاشميون على مدى تاريخهم الطويل، وعلينا أن نواصل حملها وفاءً للأمانة، وتأدية للواجب”.

ويقول الحسين في حديث له في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده والرئيس المصري حسني مبارك والفلسطيني ياسر عرفات في 6/7/1998م:

“القدس من أخطر وأهم القضايا، وعلاقتنا فيها علاقة تفرض علينا جميعاً، ليس كفلسطينيين أو عرب فقط، وانما كمسلمين وهذا العالم كله أن يتصدى لما يجري ويوقف أي تغيير أو تبديل على أرض الواقع”.

من خلال ما تقدم من مقتطفات من النطق الملكي السامي في مجال المحدد الروحي يمكن استنتاج الآتي:

  1. التمسك بالقدس حاضنة المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى ومسرى رسول الله صلى عليه وسلم ومعراجه الى السماء يرقى الى مستوى الرسالة الالهية التي توارثها الهاشميون ابا عن جد. لذا فإن التفريط بها غير وارد على الاطلاق حتى وان كلف ذلك الهاشميين الفناء على بكرة ابيهم.
  2. القدس بالنسبة للهاشميين عامة وللحسين خاصة “كل شيء”، ولا يمكن له أن يتحدث عنها بكلمات.
  3. القدس العربية أمانة عربية اسلامية ولا يملك أحد في العالمين العربي والاسلامي حق التصرف فيها أو التنازل عنها.
4:2: المحدد الوطني – القومي – الاقليمي

القدس جزء لا يتجزأ من فلسطين والضفة الغربية بما فيها القدس كان للجيش العربي الأردني شرف انقاذهما من الوقوع تحت الاحتلال الصهيوني في حرب 1948م لتصبح بعد توحدها مع الضفة الشرقية جزءاً من المملكة الاردنية الهاشمية لا يجوز التنازل عن اي شيء منها لأي سبب كان، فهي لاسباب دستورية ومبدئية وديموغرافية قضية وطنية التزم الأردن ليس بالحفاظ عليها فحسب، وانما بالعمل على استرداد الجزء السليب من فلسطين.

وفي هذا المقام يقول الحسين في كلمة له بمناسبة عيد النهضة العربية في 12/3/1956:

“ها هي الصهيونية تحتل قسماً من وطننا الغالي، وقد اصابت للشعب العربي اعز تراثه واغلى مقدساته”.

ويقول الحسين في حديث آخر له بمناسبة ذكرى الاسراء والمعراج في 25/1/1960:

“نحن الذين نقف على خط الدفاع الاول عن دنيا العروبة ومقدسات الاسلام، وانني من هذه الارض المقدسة التي بارك الله حولها ادعو بني وطني وامتي وديني الى العمل الموحد من اجل احقاق الحق في فلسطين، وفي كل بلد عربي، بل انني ادعو الانسانية على اختلاف مشاربها في كل مكان ان تكفر عما حل بالمثل والمقدسات في هذه الارض التواقه الى الحرية والسلام”.

ويقول الحسين في حديث له بذكرى الاسراء والمعراج في 14/1/1961:

“…نحن نقف في خط التضحية والفداء دفاعاً عن دنيا العروبة والاسلام، وذوداً عن مقدسات الشعوب من سائر الاديان.

ويقول الحسين في حديث له لدى لقائه اعضاء المؤتمر الاسلامي في القدس18/1/1961:

“ارحب بكم واحييكم اطيب تحية، وآمل ان نلتقي دائماً في هذا البلد الذي يرحب بزيارتكم حيث تجدوننا في خدمة العروبة والاسلام مصممين على الدفاع عن هذه البلاد ومقدساتها، محافظين على هذا التراث الديني العظيم وعلى هذه المقدسات العزيزة”.

ويقول جلالته في حديث له في ندوة المؤتمر الاسلامي بذكرى الاسراء والمعراج في 14/1/1962:
“ان هذا البلد الذي يعيش على خطوط الفداء ويحمي مقدسات الاديان جميعاً في وجه الغارة الصهيونية ليحس اكثر من غيره باهمية التعاون القائم على الثقة بين الشعوب العربية والاسلامية”.

ويقول الحسين في رسالة له الى رئيس مجلس ادارة الاتحاد العربي في 10/7/1963:

“وما كان الأردن العربي المدافع عن دنيا العرب ومقدساتها الا ثمرة من ثمار الجهاد القومي الموصول في سبيل وحدة كل العرب”.

ويقول الحسين في كلمة له في حفل افتتاح المرحلة الاولى من اعمار الصخرة المشرفة في القدس في 6/8/1964:

“ولعل الحاجة الى التقاء الكلمة، واتحاد الارادة في الضمير العربي الاسلامي لا تتمثل في بقعة من الارض كما تتمثل في هذه البقعة التي تزدهي اليوم بلقائكم و(تمرع) ربوعها بما يحمله لها هذا اللقاء من بشرى وطالع ميمون…على اننا ونحن نغتبط اليوم، اذ نمد ابصارنا من خلالكم فنرى الملايين من العرب والمسلمين في آسيا وافريقيا، وقد اجتمعت من حول فلسطين هذه الساعة، نحب ان نذكر، بأن اعمار مسجد الصخرة وقبتها المشرفة، ان بدأ فوق ارض المسجد في حدودها الضيقة، فان انقاذ الصخرة، والحفاظ على مسجدها وصون قبتها، تنتهي هناك في الارض السليبة، في الارض العربية الحبيبة وفي استرداد حقوقنا فيها كاملة غير منقوصة”.

ويقول الحسين في حديث له بمناسبة عيد الاستقلال ويوم الجيش في 25/5/1965:

“وحظنا في هذا البلد الصابر واضح لا عوج فيه وهدفنا بيّن لا التواء عليه، هو ان يكون دورنا هو الدور الطليعي.. وان نتحمل مسؤولية الحفاظ على بقايا المأساة والدفاع عن دنيا العرب. ومقدسات الاسلام”.

ويقول الحسين في حديث له بمناسبة احتفال منظمة اليونسكو بعيدها العشرين في 4/11/1966:

“اننا في الاردن نحظى حقاً بمسؤولية الحفاظ على الاماكن المقدسة وحمايتها، تلك الاماكن التي تقدسها جميع الاديان والتي تنتصب منائر يهتدي بهديها الضمير الانساني والجهد الانساني”.

يقول الحسين في كلمة توجيهية له في ندوة الوعاظ والمرشدين في 14/5/1979م:

“هناك تحديات تهدد الشخصية الاسلامية والعربية تتمثل في الصهيونية التي تحتل الأرض العربية وجزءاً غالياً على قلب كل مسلم وعربي، فهي تحتل القدس، قدس عمر وصلاح الدين وقدس الأجيال المتعاقبة وقدس العرب والمسلمين، وتهدد بمزيد من التوسع في حاضرنا ومستقبلنا”.

ويقول الحسين في حديث آخر موجه الى الشعب الأردني حول قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية في 31/7/1988م:

“كانت قناعتنا ومنذ عدوان عام 1967 أن الأولوية الأولى لعملنا وجهودنا ينبغي أن تنصب على تحرير الأرض والمقدسات من الاحتلال الاسرائيلي”.

ويقول الحسين في حديث له مع قناة أوربت الفضائية في 24/2/1998م مؤكداً هذا التوجه:

“كل هدفنا وهمنا أن نكون السند كما كنا دائماً للأخوة الفلسطينيين للمطالبة بحقهم على ترابهم الوطني هناك، إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها في القدس وليس في أي مكان آخر”.

من خلال ما تقدم من استعراض لبعض المقتطفات من النطق الملكي السامي يمكن استخلاص الآتي:

  1. ان قضية فلسطين والمقدسات الاسلامية في القدس بالنسبة للعرب والمسلمين قضية قومية ودينية، أما بالنسبة للاردن فهي اضافة الى ذلك كله من قبل ومن بعد قضية وطنية وشرعية تاريخية ودينية.
  2. لذا فان الاردن يتحمل قانونياً وعملياً دوراً طليعياً في الحفاظ على الضفة الغربية باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من اراضي المملكة الاردنية الهاشمية وفي العمل وطنياً وقومياً واسلامياً وعالمياً على استرداد الجزء السليب من فلسطين.
  3. الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني شكل خطوة أولى على طريق تخلي الأردن عن الضفة الغربية.
  4. فك الارتباط القانوني والاداري للأردن مع الضفة الغربية وان هو استثنى القدس ومقدساتها الاسلامية من هذا القرار يعني عملياً التخلي الكلي عن الضفة الغربية لصالح منظمة التحرير الفلسطينية تسهيلاً لحركتها الدولية وتمكيناً لها من اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وتخليصاً للأردن من الضغوطات الاسرائيلية والأمريكية لحمله على الدخول في تسويات نيابة عن الفلسطينيين.
  5. التحول من الحديث عن القدس عاصمة للدولة الفلسطينية الى العاصمة الفلسطينية في القدس.