تتعدد وسائل وآليات مسلسل تهويد القدس الإجرامي، ولكن الهدف محدد بقضم القدس شيئاً فشيئاً. وكما أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في آب/1969 على تسهيل مهمة المجرم مايكل روهان اليهودي الأسترالي الجنسية في حرق الأقصى، واقتحام السفاح شارون لباحة المسجد الأقصى بحراسة الآلاف من عساكر الصهاينة، وتشجع كل يوم انتهاكات المتطرفين الصهاينة للحرم القدسي الشريف، فها هي اليوم توفر الأجواء لجريمة نكراء أخرى بسماحها لأحد حاخامات المستعمرات اليهودية بإجراء مراسيم عقد قران نجله في باحة الحرم القدسي الشريف متحدية بذلك مشاعر أكثر من مليار مسلم على امتداد العالم، وغير آبهة بالمشاعر الوطنية والقومية والدينية لأربعمائة مليون عربي، ومديرة الظهر للأمم المتحدة وقرارات مؤسساتها للإراده الدولية.

ان اللجنة الملكية لشؤون القدس في الوقت الذي تستنكر فيه وتشجب بشدة مثل هذا العمل الإجرامي،فإنها على يقين بان مثل هذه الجريمة البشعة ما كانت لتتم دون تواطؤ قوات الاحتلال وتشجيعها وحمايتها ورعايتها من جهة، وحالة الهوان والضياع التي يتلفع بها عالمنا العربي والإسلامي، والسبـات العميق الذي تغط به الأمة العربية الإسلامية من جهة ثانية، وتخاذل المجتمع الدولي وامتناعه عن اعتماد الآليات الكفيلة بحمل إسرائيل على الامتثال لقرارات الشرعية والإرادة الدولية من جهة أخرى.

ان عالمنا العربي والإسلامي مدعو أولاً وقبل كل شيء إلى التوقف فوراً عن سياسة الاستكانة والانتظار بالانتقال إلى سياسة المبادرة والعمل الجماعي الذي يضمن توفير مستلزمات حمل المجتمع الدولي على اعتماد آلية لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالصراع الإسرائيلي – العربي وبالقدس والتي تفرض على سلطات الاحتلال الامتناع عن إجراء أي تعديل أو تغيير ديموغرافي أو حضاري أو ديني أو تراثي في الأراضي العربية المحتلة واعتبار جميع ما تم من تغيير أو استيطان أو تهويد عملاً غير شرعي ولاغياً بالمطلق، والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك القدس بما يسمح بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة وعاصمتها القدس.

فالشجب والاستنكار لم يعدا يجديان، لا بل أن إسرائيل وعصابات الصهاينة ترى فيهما ما يشجعها على المضي قدماً في مسلسلها الإجرامي، فضلاً عن ان سياسة الشجب والاستنكار والمطالبة تفضي إلى مزيد من تخدير الإنسان العربي وديمومة سباته العميق.

أجل آن الأوان لنا عرباً ومسلمين، شعوباً وقادة أن نستيقظ من رقادنا قبل أن تغوص الركب، إن لم تكن قد غاصت حقاً.

عبد الله كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

13/9/2004