رداً على سؤال صحفي حول المزاعم الاسرائيلية بوجود أخطار تتهدد المصلى المرواني وتنذر بانهيار سقفه تحت ثقل المصلين في شهر رمضان المبارك. أجاب الأستاذ عبد الله كنعان أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس قائلاً:

قبل عامين ملأت وسائل الاعلام الاسرائيلية العالم ضجيجاً حول المخاطر التي تتهدد المسجد الأقصى المبارك، نتيجة وجود تشوهات وبروز وانبعاج في مساحات صغيرة من الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى، وكان ذلك ايضاً على ابواب شهر رمضان.

وعندما حاولت مديرية الأوقاف الاسلامية في القدس القيام بأعمال الترميم اللازمة في الجدار الجنوبي، منعت سلطات الاحتلال الاسرائيلية مهندسي الأوقاف الاسلامية من اجراء عملية الترميم المطلوبة، بحجة عدم كفاءة مديرية الأوقاف للقيام بذلك. وكانت هذه حجة باطلة تستهدف سلطات الاحتلال من ورائها التدخل في شؤون المسجد الأقصى، حيث أن أطماع اليهود بالسيطرة على هذا المكان المقدس غير خافية على أحد، إذ يدعون أنه “جبل الهيكل” المزعوم. وهم بذلك يحاولون انتزاع “حق” يؤكدون من خلاله وجودهم فيه.

ولكن مديرية الأوقاف الاسلامية في القدس قد رفضت ذلك، علماً بأنها تتبع وزارة الأوقاف الأردنية. عند ذاك جرت اتصالات مع الجهات الأردنية التي أوفدت بعثة للقدس للحصول على عينات من الجزء المتضرر في الجدار الجنوبي. وقد حاولت سلطات الاحتلال ايضاً التدخل في الاشراف على أخذ العينات، ولكن البعثة الأردنية رفضت ذلك مما اضطرها للعودة دون الحصول على العينات المطلوبة.

وبعد أن تعهدت سلطات الاحتلال بعدم التدخل، عادت البعثة وحصلت على العينات المطلوبة، هذا على الرغم من أن قوات الأمن الاسرائيلية قد اعترضت طريق البعثة الأردنية أثناء عودتها، وأجبرتها على التخلي عن جزء من العينات تحت التهديد.

بعد ذلك قام موظفو مديرية الأوقاف في القدس باجراء الترميم اللازم في الجدار الجنوبي باشراف خبير أردني، وتم العمل على اكمل وجه. وقد تأخرت أعمال الترميم مدة عام كامل بسبب المماطلة الاسرائيلية، وانتهى العمل في الجدار الجنوبي عام 2003.

فما أشبه الليلة بالبارحة!!

كانت الضجة المفتعلة آنذاك على ابواب حلول شهر رمضان المبارك. تماماً كما هو الحال على ابواب الشهر الفضيل هذا العام.

فالهدف بات معروفاً: التدخل اليهودي الرسمي بكافة السبل والوسائل في شؤون الحرم القدسي الشريف، ومحاولة عدم السماح للمصلين المسلمين من الوصول الى المسجد الأقصى في رمضان المبارك.

ويجيء الأمر هذه المرّة مقترناً مع الرغبة الأردنية في انشاء مئذنة خامسة للمسجد الأقصى في الجهة الشرقية (حيث المصلى المرواني). ومن هنا الادعاء بخطر انهيار المصلى المرواني.

أما الحقيقة الساطعة فهي أن مديرية الأوقاف الاسلامية قد تنبهت منذ مدة طويلة لوجود تشوهات وبروز وانبعاج في الجدار الشرقي للحرم (الذي هو أيضاً الجدار الشرقي للمصلى المرواني). وسببه طول العهد والتقلبات المناخية الطبيعية.

وقد قامت بعثة أردنية وبضمنها خبراء مصريون، بفحص عينات من الجدار الشرقي وتحليلها، وأوصت بعمل اللازم من أجل ترميمها. وبالفعل بدأت أعمال الترميم في الجدار الشرقي. ” حيث تمت ازالة الاحجار القديمة الضخمة بطول 22 متراً وارتفاع 7 أمتار، ومن ثم اعادة البناء بشكل عمودي يتناسب مع الجدار بعد ان كان بارزاً الى الخارج بحوالي (35) سنتميتراً . ويتم الآن إعادة البناء باستخدام مواد الترميم الخاصة وتحت اشراف مهندسي لجنة الاعمار الأردنية الموجودة في القدس. وقد تم اعادة بناء ثلث المساحة، على أن يتم الباقي منها خلال 3 أسابيع، حيث سيصار لترميم أحجار متآكلة وتشققات مختلفة بطول 80 متراً وارتفاع 20 متراً بتكلفة اجماليه تقدر بـ 100.000 (مائة الف) دينار أردني، على أن يتم الانتهاء من البناء العام المقبل”.

هذا ما صرح به معالي المهندس رائف نجم نائب رئيس لجنة اعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة، الذي أضاف قائلاً ” الجدار الشرقي ثابت ولا يوجد أي خطر عليه. إن ما تهدف إليه اسرائيل هو اقفال المصلى المرواني أمام المصلين في شهر رمضان المبارك. وقد تم ايضاح الأمر للجانب الاسرائيلي. وتعكف الأوقاف الاسلامية في الأردن حالياً على وضع المواصفات الخاصة بنظام قضبان الشدّ الذي يعمل على شدّ الجدران والأعمدة باحكام حتى تصبح كتلة واحدة تقاوم أي اهتزاز قد تتعرض له”.

هذا هو رأي الخبير الأردني المختص في شؤون ترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة. أما المزايدات الاسرائيلية والتحذيرات التي تستهدف تخويف المصلين من انهيار المصلى المرواني بسبب التشققات، فهي التي قد تستخدم ستاراً لقيام عصابات المتطرفين الاسرائيليين، بتواطيء مع الجهات الرسمية الاسرائيلية، من أجل هدم المصلى المرواني أو المسجد الأقصى – لا سمح الله – لأن النوايا العدوانية الاسرائيلية والأطماع اليهودية في حرم الأقصى ليست جديدة ولا هي خافية على أحد.إذا أردوا بالمسلمين وبالحرم القدسي الشريف خيراً، فليرفعوا أيديهم عنه.

وعلى اسرائيل أن تنسحب من كافة الأراضي العربية المحتلة اذا أرادت سلاماً آمناً لشعبها ولها كدولة، وأي سلام لا تقبله أجيال العرب والمسلمين لن يدوم، والسلام الذي يدوم هو المبني على قرارات الشرعية الدولية، وعلى راعية السلام الولايات المتحدة الأمريكية أن تكف عن دعم هذا الكيان الصهيوني الذي يسيء الى علاقاتها مع كل العرب والمسلمين في العالم أجمع.

عبد الله كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

27/9/2004