الصورة الصحيحة للمسجد الأقصى المبارك

تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي جاهدة في تهويد مدينة القدس الشرقية، ولتحقيق ذلك تقوم بعدة إجراءات عملية لعل من أخطرها التوسع الاستيطاني في المدينة والعمل على تهويد المسجد الأقصى المبارك بكافة السبل، ولم تخف سلطات الاحتلال سياستها هذه بل أعلنت مراراً وعلى لسان بعض مسؤوليها وحاخاماتها عن نيتهم في ازالة المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه.

ويقوم بالاعتداءات أفراد ومجموعات ومنظمات يهودية متطرفة بتشجيع من السلطات الإسرائيلية أو بعلمها وحمايتها على الأقل كما تم عندما قام أحد المتطرفين عام 1969 بإحراق المسجد القبلي وادعوا أنه مجنون، كما قامت السلطات الإسرائيلية ولازالت بحفريات حول سور المسجد الأقصى وتحته وفتح بعض الأنفاق أسفله مما هدد بعض أجزاء المسجد بالانهيار.

ويتم بشكل أصبح شبه يومي اقتحام المسجد الأقصى من قبل متطرفين يهود، ويشاركهم في ذلك عدد من الوزراء وأعضاء الكنيست اليهود، ومجموعات من الجنود والمجندات بلباسهم العسكري، ويقود هذه الاقتحامات في معظم الأحيان حاخامات متعصبون، ويتم خلال الاقتحام التجول في ساحات المسجد وأداء بعض الطقوس الدينية ورفع صور عليها صورة للهيكل المزعوم بدلاً من قبة الصخرة، والمناداة بضرورة إقامة الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى وذلك بهدف إظهار أنهم أصحاب حق في المكان، وخلق أمر واقع جديد.

وتتم كل هذه الاعتداءات والاقتحامات تحت مرأى ومسمع لا بل بحراسة مشددة من الشرطة الإسرائيلية، وقد تقدم أفراد وقادة من الجماعات المتطرفة وبعض المسؤولين وأعضاء الكنيست بطلبات إلى السلطات والمحاكم والكنيست الإسرائيلية للمطالبة بالسماح لليهود بدخول المسجد الأقصى وأداء صلاتهم فيه بحرية، ومنع المسلمين من دخول المسجد، وطالبوا أيضاً بتقسيم المسجد زمانياً ومكانياً بين اليهود والمسلمين، ورفع الوصاية الهاشمية عن المقدسات في القدس الشرقية ووقف أعمال دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية التي تتولى مسؤولية الحفاظ عليها ليتمكنوا من إطلاق يدهم في الاعتداء على المسجد الأقصى تمهيداً لوضعه بالكامل تحت سيادتهم كما حصل في المسجد الابراهيمي في مدينة الخليل.

وقد استجابت سلطات الاحتلال الإسرائيلي لبعض مطالب المتطرفين اليهود فحددت عدد وساعات دخول المصلين للمسجد ومنعت عدداً من المرابطين والمرابطات وطلبة العمل وحراس المسجد من الدخول إليه مرات عدة ولفترات زمنية متفاوتة، كما أصدرت مرات عدة أوامر لدائرة الأوقاف الإسلامية بوقف الترميم في المسجد الأقصى المبارك. وتجاوزت الاعتداءات إلى إغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسجد الأقصى المبارك ومداخل بلدة القدس القديمة ومنع إقامة صلاة الجمعة في المسجد الأقصى في سابقة منذ احتلال القدس عام 1967 بسبب الهبة الشعبية والرسمية الفلسطينية التي قامت لرفض وضع السلطات الإسرائيلية بوابات إلكترونية في المسجد الأقصى المبارك  بتاريخ 14 تموز 2017، ورافق الرفض الفلسطيني تضامن عربي وإسلامي وقد أثمرت الجهود الدبلوماسية الأردنية التي قادها جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله بالتعاون مع الدول العربية والإسلامية في تراجع قوات الاحتلال عن إقامة تلك البوابات.

والى جانب الخطوات العملية التي تقوم بها سلطات الاحتلال لتهويد المسجد الأقصى، فإنها تسعى من خلال وسائل اعلامها المضللة إلى خلق لبس لدى المشاهد بتركيزها على عرض صورة جزء فقط من أجزاء المسجد الأقصى (كالمسجد القبلي بمفرده أو قبة الصخرة بمفردها) متجاهلة عن قصد عدم إظهار الصورة الكاملة للمسجد بما يضمه من معالم متعددة، في محاولات ترويجية منها لإيهام المشاهد – وخاصة الأجنبي – ولزرع انطباع في فكره عند قيامها بالاعتداء على أي من الأجزاء والمعالم الاخرى غير المعروضة في الصورة، أو إذا طالبت بتواجدها في أجزاء أخرى منه كالساحات مثلاً أنها لم تعتد على المسجد الأقصى المبارك.

ولكشف زيف الاحتلال والدفاع عن قضية القدس والحفاظ على المسجد الأقصى المبارك رأت اللجنة الملكية لشؤون القدس ضرورة التنبيه إلى الخطأ الجسيم الذي تقع فيه بعض وسائل الاعلام المرئية (العربية والإسلامية) أو الكتب المصورة – عن قصد أو دون قصد – عندما تعرض صورة المسجد القبلي بمفرده أو صورة قبة الصخرة بمفردها للدلالة على المسجد الأقصى المبارك.

لإن المسجد الأقصى المبارك الذي ورد ذكره في مطلع سورة الاسراء في القرآن الكريم بقوله تعالى ﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ     ﭙ     ﭚ  ﭛ  ﭜ   ﭝ  ﭞ  ﭟ     ﭠ  ﭡﭢ  ﭣ      ﭤ  ﭥ  ﭦﭼ. هو كل المساحة البالغة (144) ألف متر مربع والمحددة بسور المسجد بما فيه من أبواب وما هو محصور داخل هذا السور من مساجد ومعالم متعددة اخرى أهمها: المسجد القبلي، والمسجد القديم، ومسجد قبة الصخرة، ومسجد البراق، ومسجد المغاربه، ومسجد النساء، والمصلى المرواني إضافة إلى (14) قبة أهمها قبة الصخرة المشرفة و(4) مآذن و(12) مدرسة و(8) بوائك وعدداً من الأسبلة والمحاريب والمصاطب والآبار العامرة ورواقين غربي وشمالي. بالإضافة إلى حائط البراق.

فالمسجد القبلي: هو جزء هام من المسجد الأقصى وهو الجزء القائم حالياً في الجهة الجنوبية من المسجد الأقصى المبارك ويطلق عليه أيضا (المسجد المسقوف أو الجامع الأقصى) وقد سمي بالمسجد القبلي لأنه يقع في الجهة الجنوبية من المسجد الأقصى المبارك، وقد بدأ بناءه بشكله الحالي الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان واستكمل بناؤه في عهد ابنه الوليد بن عبدالملك، وهذا المسجد هو جزء هام فقط من المسجد الأقصى المبارك ولا يجوز أن يشار اليه في الأوساط الاعلامية والسياسية على أنه المسجد الأقصى المبارك.

أما الجزء الهام الآخر الذي لا يجوز إظهار صورته على أنه المسجد الأقصى كاملاً فهو قبة الصخرة المشرفة وهي واحدة من قباب المسجد الأقصى وأكبرها وأجملها، وتقع هذه القبة في وسط المسجد الأقصى المبارك وتحتها مسجد الصخرة المشرفة وقد بناها الخليفة عبدالملك بن مروان. ومع أنها شاهد على عروبة وإسلامية القدس وأنها تحفة فنية تشد اليها الأنظار من كافة أنحاء العالم الاّ أنها جزء هام فقط من أجزاء المسجد الأقصى وليست كل المسجد.

لذلك لا بد من أن تتنبه كافة وسائل الإعلام والجهات المعنية إلى ضرورة الحرص على إظهار صورة المسجد الأقصى المبارك بمساحته الكاملة (144) دونماً عند الحديث عن المسجد الأقصى أو الإشارة إليه، وتجنب عرض صورة الجزء (كقبة الصخرة المشرفة بمفردها أو صورة المسجد القبلي بمفرده) في أي وسيلة مرئية، وخاصة في وسائل الإعلام للدلالة على الكل وهو المسجد الأقصى المبارك، ليرسخ في ذهن المشاهد العربي والإسلامي والأجنبي، ان كل شبر داخل سور المسجد الأقصى المبارك هو جزء منه وليس بديلاً عنه وبذلك نفوت على سلطات الاحتلال الإسرائيلي ما تهدف إليه من محاولات تهويد المسجد الأقصى المبارك أو وضع يدها على أجزاء منه، وهذه هي الصورة الصحيحة للمسجد الأقصى المبارك: