انطلاقاً من واجب اللجنة الملكية لشؤون القدس ومن ضمن نشاطاتها المتعددة، تقوم اللجنة بإعداد ونشر الأبحاث والدراسات ذات العلاقة بالقدس أما بشكل كتب ورقية أو بنشرها على الموقع الالكتروني الرسمي للجنة، وتحرص بشكل عام على إصدارها في كتيبات ورقية، الأمر الذي ييسر ويسهل على الدارسين والباحثين والمختصين استخدامها والاستفادة منها في أعداد الدراسات والبحوث التي من شأنها ترسيخ حقنا الثابت في أرضنا ومقدساتنا على ارض القدس وفلسطين، وقد أصدرت اللجنة الملكية لشؤون القدس عدداً من الكتيبات والكتب والمجلدات التي تناولت مواضيع مختلفة عن القدس تاريخية وقانونية وثقافية.
ومن الدراسات الهامة والحديثة التي تتناول الملفات المستجدة على الساحة المحلية والدولية والتي تلقي الضوء على جانب هام من جوانب قضية القدس وما تتعرض له المدينة من تحديات تهدد هويتها وتفتح المجال أمام توسيع سياسة إسرائيل التهويدية وعدوانها على القدس، دراسة أعدها المحامي علاء محاجنة بعنوان: “القدس في القانون الإسرائيلي في ضوء إعلان ترامب”، وتتناول الدراسة شرح الأدوات “القانونية” التي تستغلها إسرائيل للسيطرة على القدس وتسعى من خلالها لتغيير طابعها الديمغرافي والجغرافي – المكاني، لا سيما ما يلحق هذه الأدوات القانونية من تغير كبير بعد قرار ترامب المتمثل بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والذي يعتبر بمنزلة إقرار بالواقع الذي فرضته إسرائيل على الأرض، وقد قسم الباحث الدراسة إلى ثلاثة محاور أساسية: يتناول المحور الأول تفنيد القانون الإسرائيلي، بصفته إحدى أدوات السيطرة على المدينة، بعد فرض الأمر الواقع منذ احتلال الشق الغربي للمدينة عام 1948. ويغطي المحور الثاني الانعكاسات السياسية لإعلان ترامب، واستغلال إسرائيل هذا الإعلان، أمّا المحور الثالث، فيطرح سؤال الخيارات الفلسطينية والعربية والإسلامية المتاحة لمواجهة هذه السياسات، ومن ضمنها إعلان ترامب، ومحاولة خلق أفق بديل للعمل.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة قد تم نشرها سابقاً في مجلة “سياسات عربية” الصادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في عددها الثاني والثلاثون لشهر أيار/ 2018م.
وإذ تقدر اللجنة الملكية لشؤون القدس الجهود التي بذلها الباحث علاء محاجنة في إعداد هذه الدراسة فإنها تقدم له جزيل الشكر على ذلك الجهد، كما تشكر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات قبوله إعادة نشر الدراسة.
وإتماماً للفائدة ونظراً للتطورات العديدة التي جرت على الساحة بسبب قرار ترامب فقد رأت اللجنة الملكية لشؤون القدس ان من المفيد للمهتم والمطلع من جهة ولغايات استكمال الموضوع من جهة أخرى ان تمهد للدراسة المشار إليها بفصل يتناول نص إعلان ترامب وتوضيح مضامين وأسباب وأبعاد هذا القرار والتذكير ببعض القوانين العنصرية الإسرائيلية والتي تلتقي مع الأهداف العنصرية لقرار ترامب بينما تعارض قرارات الشرعية الدولية التي لم تعترف بإعلان ترامب مما سبب بردود فعل دولية رافضة لما له من أثر سلبي على مجريات حل القضية الفلسطينية وإحلال السلام في المنطقة والعالم وسنذكرها في هذا الفصل كما سنبين علاقة هذا الإعلان بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والذي لن يؤثر عليها باعتبارها معترف بها عربياً وإسلامياً ودولياً، وهي درع واق لهذه المقدسات نقف جميعاً خلفها، ونود التأكيد أن تاريخ مدينة القدس كان عربياً منذ خمسة آلاف عام وقد أكدت قرارات الشرعية الدولية وعلماء الآثار والتاريخ ذلك.
وفي الختام أود أن أقدم الشكر الجزيل للدكتور نصر الشقيرات مدير وحدة الدراسات في اللجنة الملكية لشؤون القدس الذي قام بإعداد الفصل الأول وبذل من الجهد ما يلزم لذلك، كما أشكر الأخوة الزملاء محمد سدر وحسام نصار والأخت سوسن كيلاني على جهدهم في مراجعة الكتاب وإخراجه.