تشكل القضية الفلسطينية وجوهرها القدس ركيزة وطنية وقومية في الفكر السياسي والتحرك الدبلوماسي الأردني النشط على كافة الأصعدة، هذا بالإضافة إلى مواقف كل الشعب الأردني الثابتة والمستمرة تجاه هذه القضية المركزية وجوهرها القدس.
وتنهض القيادة الهاشمية ممثلة بجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله الذي سار على نهج والده وأجداده في الحرص على الدفاع عن قضية فلسطين والقدس، والقيام بدور محوري في بحث تداعيات ومستجدات هذه القضية في المحافل الدولية.
مؤكداً على ضرورة حل القضية الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية على أساس حل الدولتين والعمل على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وقد وجه جلالته الدبلوماسية الأردنية والمؤسسات الأردنية الرسمية والشعبية للعمل جاهدة في هذا المسار.
ولا يخفى على أحد ما تقوم به الأردن من دور فاعل في بحث تداعيات ومستجدات القضية الفلسطينية، وسعيها الدؤوب في تحشيد الرأي العام العالمي لمناصرة هذه القضية، خاصة في ظل محاولة إسرائيل “السلطة القائمة بالاحتلال” كسب تأييد بعض الدول لها في سياستها العامة تجاه فلسطين والقدس، غير أن حالة التذمر العالمي من سياسة حكومة إسرائيل زادت بسبب عدم التزامها بقرارات الشرعية الدولية واستمرارها في الاعتداءات اليومية مخالفة بذلك كل القرارات الدولية الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن واليونسكو وكافة المنظمات الدولية الأخرى.
وتعتبر الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس هي الذراع القوي للأردن وفلسطين في حماية هذه المقدسات ومواجهة إجراءات التهويد والتزوير التي تقوم بها إسرائيل، هذه الوصاية التي شملت الإشراف على المسجد الأقصى المبارك والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والأوقاف جميعها، والاهتمام بمجالات الاعمار للمقدسات وإنشاء المراكز والمؤسسات التعليمية وتعيين الموظفين، إضافة إلى تسهيل دخول المساعدات الأردنية والدولية الغذائية والطبية لأهلنا في القدس من خلال الإبقاء على القنوات الدبلوماسية مفتوحة لأجل مصلحة شعبنا وأهلنا في القدس؛ والتصدي المستمر لكل محاولات إسرائيل الهادفة للتضييق على الشعب الفلسطيني، والاعتداءات اليومية على المقدسات الإسلامية والمسيحية وكل من هو في القدس، فلم يعد خافياً على أحد ما يقوم به المتطرفون اليهود بقيادة حاخامات ومسؤولين من اقتحامات شبه يومية للمسجد الأقصى المبارك والاعتداء على حراس المسجد والمصلين والمرابطين وإقامة صلوات تلمودية فيه.
وانطلاقاً من واجب اللجنة الملكية لشؤون القدس في تعريف المهتمين والباحثين عربياً وإسلامياً ودولياً بدور الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وأهميتها البالغة في الدفاع عن القدس فإنها تضع هذا الكتيب (الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف) بين يدي المهتمين والباحثين تظهر فيه جانباً من الجهد الأردني الفعّال بقيادته الهاشمية تجاه القدس، بشكل موجز تقتضيه طبيعة الدراسة على اعتبار أن اللجنة كانت قد أصدرت كتاباً مفصلاً عن الدور والجهد السياسي التاريخي للأردن بعنوان: “القدس والهاشميون”، والعمل جار على اصدار طبعة ثانية منه سيضاف لها بعض الفصول التي تتناول المستجدات والتطورات على صعيد القدس والقضية الفلسطينية، وسندلل بهذا الكتيب الذي بين أيدينا بالوثائق التاريخية والسياسية على جذور الوصاية الهاشمية التي حفظت المقدسات من العبث والتطاول الإسرائيلي عليها، إلى جانب إرفاق وثائق وتصريحات إقليمية ودولية تؤكد الاعتراف بهذه الوصاية لأهمية وجودها واستمرارها، وسيعنى الكتيب بدراسة كافة الجوانب المتعلقة بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس التي تم مباركتها اعترافاً بجهود جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه المتواصلة في خدمة القدس والدفاع عنها في كافة الميادين خاصة في ظل تمادي سلطات الاحتلال الإسرائيلية في ممارساتها العدوانية اليومية سعياً من جلالته لوقف هذه الاعتداءات. مما شكل دعماً وسنداً حقيقياً لتثبيت المواطنين العرب من مسلمين ومسيحيين في القدس باعتبارها أولوية أردنية هاشمية لم ولن يتوانى الأردن بقيادته الهاشمية عن بذل كل جهد ممكن لتحقيقها مهما كان الثمن وبلغت التضحيات، وتأكيداً “بأن المسجد الأقصى المبارك (بمساحته الكاملة 144 دونماً) والمقدسات المسيحية في القدس أمانة في عنق قيادتنا الهاشمية تاريخياً وحاضراً ومستقبلاً أباً عن جد، ومن جيل إلى جيل”، كما قال جلالته في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر أيلول 2019: “إن استمرار الاحتلال (إسرائيل) يعتبر مأساة أخلاقية عالمية”، وكذلك كلماته المشهورة “إن القدس خط أحمر لا تنازل عنها، ولا بديل عن حل الدولتين من أجل الأمن والسلام العالمي”.