بيانات اللجنة

التهجير القسري اعتداء على الحقوق التاريخية والشرعية للشعب الفلسطيني

عبدالله توفيق كنعان/ أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

تتكرر التصريحات والدعوات للتهجير القسري للشعب الفلسطيني في محاولة فاشله لطرده من أرضه التاريخية ومنها مؤخراً تصريح الرئيس الأميركي ترامب، ويتوهم مُطلقوها ومروجوها أنها الحل المُفضي إلى السلام المزعوم، وباتت هذه الدعوة المناقضة للحقوق التاريخية والشرعية للشعب الفلسطيني، تُشكل في الغالب مجرد مادة سياسية دعائية لبعض الساسة الإسرائيليين والمؤيدين لهم لتحقيق مكاسب شعبوية في مجتمعاتهم، فعلى الرغم من أن المخطط الصهيوني الاستعماري يقوم على تهجير أهل فلسطين وإحلال المستوطنين مكانهم، إلا أن توقيت اللجوء إليها اليوم على وجه التحديد يأتي في سياق فشل الحلول العسكرية الإسرائيلية في عدوانها على غزة ولبنان وسورية واليمن، والتي لم تخلف إلا الإبادة الجماعية والدمار وتهديد منظومة السلام والأمن في المنطقة والعالم.

لقد اتفقت جميع مواد القانون الدولي وبنود المعاهدات ومواد الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الانسان خاصة خلال الحروب على أن التهجير القسري جريمة من جرائم الحرب التي تستوجب العقاب الرادع، وفي عام 1949م تمّ توقيع اتفاقيات جنيف الأربع، واختصت الاتفاقية الرابعة منها بأوضاع المدنيين في زمن الحرب، ونصت المادة 49 من الاتفاقية على أنه: “يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة أياً كانت دواعيه”، وبالتالي فإن التهجير الجماعي كما حدث طوال عقود من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين المحتلة سواء بالطرد الجماعي وخلق بيئة غير صالحة للحياة كما يحدث اليوم في غزة وجنين والقدس وكل فلسطين، أو من خلال ابتكار ظالم وغير قانوني لما يُسمى الإبعاد والنفي والأمثلة على ذلك كثيرة في ممارسات ونهج الاحتلال الإسرائيلي العدواني ضد الشعب الفلسطيني ومنها الإبعاد عن المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس وإبعاد الأسرى الفلسطينيين ونفيهم خارج فلسطين كما يجري اليوم بعد معركة طوفان الأقصى.

إن اللجنة الملكية لشؤون القدس تؤكد أن ما تمارسه إسرائيل وحكومتها اليمينية المتطرفة من سياسة استعمارية من شأنها دفع المنطقة نحو عدم الاستقرار واشعال فتيل حرب اقليمية لا يمكن التنبؤ بنتائجها، فإضافة الى القتل والأسر والإبعاد ومصادرة الأراضي وتدمير البنية التحتية والبيوت والمؤسسات الخدمية والمساجد والكنائس في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية فإن مخطط التهجير القسري للشعب الفلسطيني من غزة يُعتبر جريمة تعارض الشرعية الدولية وجميع القوانين والقيم والأخلاق الانسانية، وهي سياسة تأتي كمحاولة إسرائيلية لتحطيم الصمود التاريخي الأسطوري للشعب الفلسطيني في أرضه وتمسكه بحقوقه التي قدم ويقدم من أجلها التضحيات، والملاحظ أن هناك عددا من ساسة الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بمن فيهم نتنياهو  ووزير حكومته المستقيل بن غفير والوزير سموتريتش يحاولون استخدامها كسلاح سياسي لإقناع الناخبين الإسرائيليين بعد فشلهم في تحقيق حزمة مزعومة من أهداف حرب الإبادة على غزة وكل فلسطين.

إن اللجنة الملكية لشؤون القدس تُبين للرأي العام الدولي بأن تصريح بعض زعماء العالم ممن رفع قبل أيام شعار تحقيق السلام العالمي ووزراء إسرائيل ممن يستخدمون كعادتهم وبشكل يجدر التنبه له مصطلحات زائفة مثل تشجيع هجرة طوعية وأماكن جديدة لبدء حياة الغزيين، لن تخفي حقيقة بشاعة الاحتلال ومشروعه الخطير بحلم إسرائيل الكبرى المزعومة ومخططاتها الاستعمارية التي تُهدد الأمة كلها، الأمر الذي يستوجب وحدة الصف الفلسطيني والعربي والاسلامي والعالمي الحر لردع إسرائيل وحماية الشعب الفلسطيني وتحقيق العدالة وإعادة الثقة بالقانون والمؤسسات الشرعية الدولية، هذه المؤسسات المهددة بشكل علني من قبل إسرائيل مثل منظمة الأونروا التي وجهت لها إسرائيل إنذارا بإغلاق مقارها في القدس وصرحت بقطعها جميع أشكال الاتصال بها أو بأي هيئة تنوب عنها، مما يُظهر للعالم بأن استهداف خدمات اللاجئين وفي وقت هم بأمس الحاجة للمساعدة والإغاثة، إضافة الى نهج إسرائيل المتمثل بتقويض حل الدولتين والسعي لتهجير الشعب الفلسطيني بعد تدمير كل مقومات الحياة في مدن فلسطين هو شريعة الغاب الإسرائيلية التي تتحدى بها العالم المتحضر.

إن اللجنة الملكية لشؤون القدس تؤكد أن الأردن شعباً وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، يقف صفاً واحداً خلف ثوابت الشعب والقيادة في رفض التهجير، ورفض كل ما يهدد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967م، وتؤكد اللجنة أن استمرار جهود الأردن في الإغاثة الإنسانية وتسيير قوافل المساعدات براً وجواً، وإنشاء المستشفيات الميدانية في غزة وفلسطين، كذلك مواصلة الجهود الدبلوماسية الاردنية النشطة وبتوجيهات ملكية مباشرة بهدف حشد الرأي العام الدولي نحو السلام وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، جميعها تدلل على أن القضية الفلسطينية وجوهرتها القدس هي بالنسبة لنا قضية وطنية وقومية وبوصلتنا السياسية والإعلامية والثقافية هي الدفاع عنها ومساندة أهلنا مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.

الغد 30/1/2025 ص8

اللجنة الملكية لشؤون القدس

اللجنة الملكية لشؤون القدس هي لجنة أردنية رسمية مقرها العاصمة عمان تأسست عام 1971 لتُعنى بأوضاع مدينة القدس ونشر الوعي بأهمية قضية القدس.

مهامنا

وضع الإطار العام لتوجهات اللجنة سياسياً وإعلامياً والمصادقة على الخطة العامة السنوية للجنة، واتخاذ القرارات الكفيلة بإنجاحها ومتابعة تنفيذها.