عبد الله توفيق كنعان
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس
يُحيي الأردنيون في السابع من شباط، ذكرى الوفاء للمغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله، والبيعة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه، حامل راية الوفاء وقائد مسيرة العطاء والنماء، فكما كان تاريخ السابع من شباط لعام 1999م، حزيناً ومؤلماً برحيل المغفور له الحسين، فقد كان في الوقت نفسه يوم عزيمة وارادة بأن تسلم الراية الملك عبد الله الثاني بن الحسين، فما تزال انجازات وكلمات ووصايا الراحل الحسين تُنير الدرب وتستمر بالبذل والعمل الدؤوب والتوجيهات السامية من الملك عبد الله الثاني حفظه الله بالاصرار على التنمية الشاملة .
ولما كانت وما تزال القدس ومقدساتها الاسلامية والمسيحية حالها حال القضية الفلسطينية تشكل البوصلة والضمير والجهد الهاشمي المتواصل على الدوام، فقد سار جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله ومنذ اللحظة الأولى لتوليه سلطاته الدستورية ملكاً للمملكة الاردنية الهاشمية بكل ثبات وإخلاص على نهج الأباء والاجداد من بني هاشم الاخيار، في صون أمانة الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، وحماية ورعاية المقدسات ودعم صمود ورباط أهلنا في القدس، للحفاظ على هويتهم ووجودهم راسخاً منيعاً في القدس، خاصة في وقت يحتاج فيه اهالي القدس للاسناد المتواصل لمواجهة مخططات التهويد والأسرلة والاستيطان ، والمتابع لما يجري اليوم من أحداث وتطورات يزداد لديه اليقين بأن المنطقة على صفيح ساخن، وهي بأمس الحاجة للحكمة والحنكة والرؤية الهاشمية الثاقبة لجلالة الملك عبد الله الثاني القادرة بما تحظى به من ثقة دولية أن تحافظ على دبلوماسية وسياسة الراحل الملك الحسين المتوازنة، إضافة لوعي جلالته الدقيق للتطورات والمتغيرات الاقليمية والدولية الجارية، من أجل وضع الرأي العام الدولي أمام مسؤولياته وأولها حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، فهي صمام السلام والأمن الذي من شأنه منع الأوضاع في المنطقة من التدهور نحو حرب اقليمية لا يمكن التنبؤ بنتائجها.
حرص الملك عبد الله الثاني حفظه الله على مواصلة مسيرة الاعمار الهاشمي للمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، ولعل متابعة جلالته المباشرة لخطوات استكمال اعادة عمل منبر صلاح الدين التي بدأت في حياة والده الراحل عام 1993م، حيث أمر بذلك المغفور له الحسين بن طلال ضمن توجيهاته الملكية الفورية بسرعة اعمار ما تضرر في المسجد الاقصى المبارك بسبب حريق عام 1969م بما في ذلك المنبر، ففي عام 2002م وضع جلالة الملك عبد الله الثاني اللوحة الزخرفية الأساسية على المنبر، وبتاريخ 25 تموز 2006م ازاح جلالته الستار عن المنبر الذي استكمل مؤذناً ببدء عملية نقله، فوضع في موقعه بتاريخ 2 شباط 2007م، وعلى نفس المسار كانت أيضاً رعاية المقدسات المسيحية في القدس بما في ذلك ترميم كنيسة القيامة والصعود وغيرها، وعلى الصعيد السياسي الدولي المتصل بملف الدفاع عن القضية الفلسطينية خاصة القدس، فقد تابع جلالة الملك عبد الله الثاني ما تمّ على مستوى صدور قرارات دولية صادرة عن هيئة الامم المتحدة والمنظمات التابعة لها في عهد والده الراحل، ففي اكتوبر عام 2016م صدر قرار منظمة اليونسكو الذي أكد أن المسجد الاقصى المبارك، الحرم القدسي الشريف مُلك خالص للمسلمين ولا علاقة لليهود به قطعاً، كما طالب القرار إسرائيل( السلطة القائمة بالاحتلال) بإتاحة العودة إلى الوضع التاريخي الذي كان قائما حتى أيلول 2000م إذ كانت دائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية السلطة الوحيدة المشرفة على شؤون المسجد الاقصى، وهذه الاستحاقات الدبلوماسية تدعم قرارات سابقة كان للاردن في عهد الحسين الراحل جهداً ودوراً معروفاً في صدورها، مثل قرارات اليونسكو بادراج البلدة القديمة واسوارها في قائمة التراث العالمي عام 1980م، ولاحقاً ادراجها على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر عام 1982م، كذلك الحال على مستوى الجمعية العامة ومجلس الأمن وخطابات جلالة الملك عبد الله الثاني ودعوته المتكررة قيادات العالم بالسعي الجاد نحو السلام والزام اسرائيل بالقرارات الدولية ، فهي تمسك بخطاب والده الراحل الداعي للسلام والعدالة للشعوب المظلومة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، فكما كانت هذه الدعوة والقيم السامية سبباً في استحقاق والده الراحل لجوائز عديدة منها جائزة داغ همرشولد للسلام والتعاون الدولي (1987)، وجائزة أمير استورياس في مجال التفاهم الدولي (1995)، فعلى خطاه كان الملك عبد الله الثاني الذي استحق جوائز عديدة لسعيه للسلام والوئام ومنها جائزة تمبلتون 2018 وقد خُصص وبتوجيهات من جلالته جزءاً منها لترميم كنيسة القيامة، وجائزة مصباح السلام 2019م وجائزة رجل الدولة الباحث 2019م.
ان اللجنة الملكية لشؤون القدس في يوم الوفاء للراحل الحسين والبيعة للملك عبد الله الثاني بن الحسين، تؤكد أن القدس ومقدساتها كما هي القضية الفلسطينية تشكل محوراً رئيساً في الفكر والجهود الهاشمية، وما نشهده اليوم من وصاية هاشمية على المقدسات في القدس والتي يؤكد عليها بل ويطالب بها العالم، الى جانب جهود الاغاثة الانسانية والدبلوماسية الدولية المكوكية للاردن للدفاع عن غزة وفلسطين، جميعها تأكيد على أن الهاشميين والقدس تاريخ عريق من النضال والتضحيات المستمرة.
كما تُبين اللجنة للراي العام أن الوصاية الهاشمية والجهود الاردنية المتواصلة وبتوجيهات هاشمية هي درع وجدار منيع يحمي القدس ومقدساتها، ويدعم رباط وصمود اهل فلسطين مهما كان الثمن وبلغت التضحيات، وهذا الموقف هو عهد دائم نستذكره بمناسبة يوم الوفاء والبيعة .
8/3/2025