عبد الله توفيق كنعان
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس
يحيي العالم الحر في شهر اكتوبر مناسبات عديدة تتصل بالمرأة، منها ذكرى صدور قرار مجلس الأمن رقم (1325) بتاريخ 31 اكتوبر عام 2000م والخاص ( بالمرأة والسلام والأمن) والمتضمن حماية المرأة من اثر الصراعات والنزاعات وتمكينها في كافة المجالات بما في ذلك حقها في المشاركة السياسية، وبالتزامن مع هذه المناسبة يأتي اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية والذي اقره مجلس الوزراء الفلسطيني بتاريخ 2019م وأعلن عن الاحتفال به بتاريخ 26 اكتوبر من كل عام .
ولكن شهر اكتوبر هذا لم يجلب معه للمرأة الفلسطينية المناضلة والصامدة والمرابطة الا المعاناة، فقد اصبحت تقاسي ظروف التهجير والنزوح والقتل والاسر على يد الاحتلال الاسرائيلي، الى جانب مسؤوليتها برعاية أطفالها الايتام، فهي إما شهيدة أو ام شهيد أو زوجة شهيد، وقدمت المرأة الفلسطينية الالاف من الشهيدات والاسيرات والجريحات، فمنذ السابع من اكتوبر عام 2023م وحتى اليوم وعلى مدار عام من النضال في وجه العدوان والابادة الاسرائيلية في غزة ارتقى اكثر من 11 الف شهيدة، ومن نجت من القتل فهي اما مفقودة او جريحة او معتقلة في سجون الاحتلال ومعتقلاته التي تمارس فيها كل مظاهر التنكيل والتعذيب.
ولقد قدمت المرأة الفلسطينية طوال مسيرة النضال والكفاح الفلسطيني الكثير من الانجازات ومنذ تاريخ مبكر في القرن العشرين مما يعكس وعيها بضرورة مواجهة مخططات الاستعمار الاوروبي الذي مهد للصهيونية والاحتلال الاسرائيلي، ففي عام 1921م تأسس أول اتحاد نسائي فلسطيني، كان له دور بارز في عام 1929م بعقد أول مؤتمر نسائي فلسطيني في مدينة القدس، كما نستذكر أيضاً في يوم المرأة الفلسطينة كل نساء فلسطين، فكل واحدة هي شاهد حي سيبقى طوال التاريخ يكشف بشاعة الاحتلال الاسرائيلي الوحشي، فان خنساء فلسطين ( ام نضال فرحات) تلاها أجيال من خنساوات فلسطين الصابرات المحتسبات، لتبقى الام الفلسطينية مدرسة في صناعة الشهداء والعزيمة والارادة والدفاع عن الارض والمقدسات الاسلامية والمسيحية.
ان اللجنة الملكية لشؤون القدس تؤكد أن المرأة الفلسطينية في القدس وغزة وكل مدن وقرى ومخيمات فلسطين، سجلت بالدماء والتضحيات تاريخ انساني مجيد في العصر الحديث أمام ابشع احتلال، وفي مدينة القدس يضيق الاحتلال على المرأة المقدسية خاصة المرابطات في المسجد الاقصى المبارك فيمنع النساء من الصلاة ويصدر اوامر الابعاد عن المسجد الاقصى ومدينة القدس، اضافة الى اغلاق المؤسسات الخدماتية والصحية المعنية بالمرأة والاسرة، كذلك يصدر الاحتلال قوانين عنصرية مثل ( قانون لم الشمل عام 2000م) والذي يعرقل ويصعب لم شمل العائلة الفلسطينية الواحدة، ومقابل المنع على المرأة الفلسطينية تحظى المرأة في اسرائيل حق انشاء منظمات تمارس العنف والكراهية ضد الشعب الفلسطيني مثل منظمة ( نساء لأجل الهيكل المزعوم)، والتي تمارس دوراً خطيراً في اقتحام المسجد الاقصى.
وتؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس على ان رسالة ذكرى صدور قرار مجلس الامن المعني بالمرأة والسلام والامن وذكرى اليوم الوطني الفلسطيني، مفادها دعوة المنظمات بما فيها المعنية بحقوق المرأة بشكل خاص وكافة منظمات حقوق الانسان بشكل عام ضرورة انقاذ المرأة الفلسطينية التي تتعرض لابشع اشكال العنف تحت نير الاحتلال الاسرائيلي، ورسالة هذه المناسبات للاعلام بأن يرفع شعار وواجب فضح ممارسات الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية لتشكيل راي عام عالمي يضغط على الحكومات في العالم للعمل على وقف الحرب والانتهاكات ضد المرأة والاسرة الفلسطينية، ونثمن بهذه المناسبة دور جميع المؤسسات والفعاليات العاملة لاجل نساء فلسطين والقدس التي حافظت على التراث والهوية الفلسطينية، بما في ذلك جمعيات ومؤسسات اردنية وعربية واسلامية وعالمية، ونشير الى ان اللجنة الملكية لشؤون القدس من خلال تقريرها الاخباري اليومي والنشرة الرصدية الشهرية ومن خلال مؤلفاتها ومنها كتاب ( موسوعة تراجم النساء المقدسيات) تكشف للعالم جرائم الاحتلال وتوثق تاريخ وبطولة المرأة الفلسطينية والمقدسية .
وسيبقى الاردن شعبا وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس على الدوام وفي كافة المجالات الداعم والسند لاهلنا في فلسطين والقدس مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.
الرأي 3/11/2024