عبد الله كنعان
عرفت عبيدة الشربجي طفلة يافعة وأنا في ريعان شبابي، كما عرفت إخوانها وأخواتها الأعزاء وهم بمثابة أشقاء وشقيقات وأصدقاء وصديقات لي. لكنها بالنسبة لي لم تكن يوماً مجرد صديقة للعائلة، بل كانت شقيقة أغلى النساء على قلبي، زوجتي هيا أم علاء. فكيف لا تدمع العين حين بلغني نبأ دخولها أيامها الأخيرة؟ وكيف لا ينفطر القلب عندما غادرتنا بصمت موجع؟ بكيت... ولم أستطع كبح دمعي.
لم أشأ زيارتها في لحظات المرض، لأني أردت أن تبقى صورتها في قلبي كما عهدتها، بل كنت أكتفي بالسؤال عنها وكانت كلمات ودموع أم علاء تكفي لأعرف أين وصل الحال بها رحمها الله : تلك المربية الفاضلة، الذكية، الهادئة المتزنة، التي أنهت مسيرتها التعليمية بشرف، وتفرغت في تقاعدها للقراءة، والتأمل، والحوار العميق.
كانت تجيد الإصغاء، وتحسن النقاش، وتبني من صداقاتها نسيجاً ناعماً من المحبة والاحترام، داخل العائلة وخارجها.
حلوة الحضور، محبوبة من الجميع، تبعث في من حولها سكينة وطمأنينة بصوتها الهادئ وحديثها الحكيم، وتشاركها شقيقتها الغالية الآنسة هالة في هذه الصفات حيث تقيمان معاً.
وحين اتصلت لأطمئن على حالها، أخبرني شقيقها مازن أنها رحلت قبل قليل... فبكيت، وبكيت كثيرًا.
بكيت، ليس فقط لأنها غالية، بل لأن الحزن الذي كانت تحمله شقيقتها – زوجتي أم علاء – كان يتضاعف كل يوم، وكل ساعة.
كانوا يعلمون، كما قال شقيقها الأكبر الدكتور عامر، أن أيامها باتت معدودة... لكن القلب لا يهيأ أبدًا لوداع من نحب.
بكيت كما بكيت من قبل على من فقدتهم من عائلتي، وهم أعز الناس على قلبي: أمي، إخوتي، أخواتي... دون أن يعلم أحد.
لطالما عجزت عن الكتابة عنهم، لأن الكلمات تخونني، والدموع تسبقني، والوجع يخرس قلمي.
لكن اليوم، وجدتني أكتب عن عبيدة، رغم أنني عجزت دوماً عن التعبير عمن أحببت، وافتقدتهم فجأة، وتركوا فراغاً لا يُملأ.
سلامٌ على روح عبيدة، وعلى طيبتها، وعلى ذكراها التي ستبقى حية فينا ما حيينا.
إلى جنات الخلد يا عبيدة ... هذه هي الحياة استقبال ووداع وفراق ... وفراقك صعب والله، لكنه قضاء الله ولا راد لقضائه.
ان العين لتدمع وان القلب ليحزن وانا لفراقك أيتها الأخت الحبيبة لمحزونون
انا لله وانا اليه راجعون
22/6/2025