عبد الله توفيق كنعان
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس
يمثل الاجماع العربي والاسلامي الأمل المنشود والسبيل الأوحد لمواجهة التحديات والمخاطر التي تعصف بالمنطقة وتهدد الأمن والسلام العالمي، ولا شك أن العدوان الاسرائيلي الوحشي على غزة ومدن الضفة الغربية بما فيها القدس في اكتوبر عام 2023م ، وما تلاه من توسع خطير تمثل باجتياح اسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال) للجنوب اللبناني، يعتبر مرحلة عصيبة يجدر بأمتنا والمجتمع الدولي وعي مخاطرها والعمل على اعداد استراتيجية شاملة سياسية واقتصادية واعلامية لمواجهة تداعياتها المتسارعة .
وقد سارعت منظمة التعاون الاسلامي بتاريخ 18 اكتوبر 2023م، لعقد قمة اسلامية استثنائية في جدة، تبعها انعقاد قمة عربية واسلامية مشتركة غير عادية بتاريخ 11 نوفمبر 2023م في الرياض، واستكمالاً لأعمالها ومباحثاتها جاءت القمة العربية والاسلامية المشتركة بتاريخ 11 نوفمبر 2024م وفي الرياض أيضاً، وبطبيعة الحال فإن المناخ السياسي المتأزم في منطقتنا ومواصلة الانتهاكات والتعديات الاسرائيلية ضد أهلنا في فلسطين ولبنان، فرض نفسه على أعمال ومخرجات القمة العربية والاسلامية، مما يعني أن هذه المؤتمرات يقع على عاتقها مسؤولية العمل المشترك وتتعلق بها آمال وتطلعات الشعوب العربية والاسلامية، من هنا جاء خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله في قمة الرياض أمس، دقيقاً وعميقاً في أبعاده ومضامينه والنداءات المتكررة عربياً واسلامياً وعالمياً بوقف الحرب والانتهاكات واغاثة الشعب الفلسطيني واللبناني، والمضي قدماً نحو السلام العادل، على أساس الشرعية التاريخية والأممية باقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
إن اللجنة الملكية لشؤون القدس تؤكد أن خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حمل رسائل عديدة ، سياسية وقانونية وانسانية قدمت دعائم وركائز لتحقيق ما يمكن تسميته بثلاثية الواقع المنشود ( وقف الحرب، كسر الحصار، تحقيق السلام)، استراتيجية عملية وواقعية هي السبيل الوحيد الذي نتجاوز بها الحالة الراهنة المتوترة والخطيرة، فكما قال جلالته : " لا نريد كلاماً ، نريد جهوداً ملموسة لإنهاء المأساة وانقاذ أهلنا في غزة وتوفير ما يحتاجون من مساعدات"، وذلك من خلال جسر جوي وبري كان الاردن السباق والفعال فيه، خاصة في ظل ما تزمع اسرائيل القيام به من اغلاق مقار منظمة الاونروا وحرمان الشعب الفلسطيني من خدماتها والتضييق على غيرها من المنظمات والجهود الدولية المؤسسية والفردية الداعمة لفلسطين، أما الرسالة الملكية للمجتمع الدولي فهي ضرورة وجود الارادة والفعالية في ايقاف اسرائيل لأن الفشل في ذلك ساهم في تمادي اسرائيل للأسف.
وتُبين اللجنة الملكية لشؤون القدس بأن خطاب جلالة الملك جاء في مرحلة دولية مهمة تتمثل بمجيء ادارة أمريكية قادمة ممثلة بالرئيس ترامب، ينظر العالم لها اليوم بعين الأمل، وانطلاقاً من الوعود الانتخابية التي اطلقها ترامب في حملته، والمتمثلة بسعيه نحو وقف الصراعات في العالم بما في ذلك الحرب في اوكرانيا وغزة ولبنان، خاصة أن بعض ساسة اسرائيل مثل وزير مالية حكومة اليمين الحالية سموتريش، صرح بسعي اسرائيل لفرض سيادتها على الضفة الغربية في حقبة الرئيس الامريكي الجديد، مما يجعل الادارة الامريكية القادمة أمام اختبار وملفات شائكة تنتظر الحل العادل وفق الشرعية الدولية لا شريعة الغاب الاسرائيلية، التي من شأنها توسيع الحروب ودفع الاجيال نحو النضال من أجل حقوقها ومستقبلها.
ولأن الموقف الاردني وتضحياته التاريخية وجهوده المستمرة وبتوجيهات من القيادة الهاشمية بإغاثة أهلنا في غزة ومدن الضفة الغربية، فقد سبق وأكدت البيانات الختامية للقمم العربية والاسلامية واللقاءات الدولية مع القيادة الهاشميةبما في ذلك البيان الختامي لقمة الرياض امس على ضرورة احترام اسرائيل ( السلطة القائمة بالاحتلال) الوضع القانوني والتاريخي القائم في المقدسات، وأن المسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف بكامل مساحته البالغة 144 ألف متر مربع، هو مكان عبادة خالص للمسلمين فقط، وأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية هي الجهة الشرعية الحصرية صاحبة الاختصاص بإدارة المسجد الأقصى المبارك وصيانته وتنظيم الدخول إليه، في إطار الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
وسيبقى الاردن شعباً وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس السند الداعم لاهلنا في فلسطين والقدس وغزة مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.
صحيفة الصوت الحر 13/11/2024