عبد الله توفيق كنعان/ أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس
تتطهر النفوس وتتعاظم أعمال الخير الانسانية في أوقات معينة، ومنها شهر رمضان المبارك الذي نعيش اليوم نفحاته وروحانياته، ولكن يأبى الاحتلال الاسرائيلي الا أن ينغص على أهلنا في فلسطين المحتلة وعلى أمتنا وشعوب المنطقة أيامهم ومناسباتهم الفضيلة الخيّرة، بما يمارسه من أفعال عدوانية تزيد القناعة لدى العالم بأننا أمام مشاهد وجرائم لأبشع احتلال عُرف في العصر الحديث، فلقد كان الحادي عشر من رمضان الذي يصادف اليوم شاهد على نزيف وجراح أهلنا في فلسطين المحتلة.
ومن المحطات المؤلمة ما جرى يوم 11 رمضان 1428هـ الموافق 23 ايلول 2007م، حيث كان استمرار لفرض سلطات الاحتلال للطوق العسكري والأمني وحصار مدينة القدس ومنع المصلين من الوصول للمسجد الأقصى بزعم الاحتفال بعيد الغفران، كما اعلنت اسرائيل افتتاحها لمعبد يهودي قرب الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى، وأسفل باب السلسة على بعد 97 مترا فقط عن قبة الصخرة المشرفة، مما يجعل من مناسباتهم الصهيونية واعيادهم المزعومة مناخ لبث الكراهية، وممارسة عدوانية لمنع حرية العبادة والتضييق الشامل على المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
وفي سياق محطات ذاكرة الوجع الرمضانية وتحديداً في غزة بتاريخ 11 رمضان 1435هـ الموافق 8 تموز 2014م، كان العدوان على غزة فيما أطلق عليه الاحتلال الاسرائيلي آنذاك اسم (عملية الجرف الصامد)، حيث أرتقى على أثرها وحسب تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوشا) حوالي 2200 شهيداً، و11,100 جريحاً بينهم 530 طفلا و302 امرأة، إلى جانب خسائر اقتصادية هائلة.
وها هو العالم وفي نفس اليوم من شهر رمضان المبارك، يشهد نهج الاحتلال الاسرائيلي الظالم نفسه، والذي يرتكز على الاستمرار في جرائم الابادة والتجويع والتهجير، وما يزال نزيف دماء الابرياء من ابناء الشعب الفلسطيني، فلم يعد القانون والشرعية الدولية والاخلاق الانسانية قادرة على كبح جماح الاحتلال، وقد زادت للأسف عنجهية الاحتلال بما يُمارس من قبل قوى الديمقراطية المزعومة من سياسة الكيل بمكيالين، وانعدام الارادة الدولية الفاعلة القادرة على معاقبة الاحتلال وردعه.
ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وهي تستذكر ما حدث في مثل هذا اليوم من شهر رمضان، لتؤكد أن كل يوم ولحظة من رمضان المبارك وغيره من الشهور وعلى مدى عقود الاستعمار الاسرائيلي، هي محطة من مسلسل الاجرام والابادة والتطهير والقتل والاستيطان والتدمير والاقتحام للمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس وغزة وكل فلسطين المحتلة، فغزة هاشم الابية الصامدة قابعة تحت الحصار والجوع، وقدس الاقداس والعروبة ومعها معظم مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية تتعرض للاقتحامات والحواجز والاغلاقات والتهجير وكل اشكال التضييق.
وتؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس على ثبات الموقف الهاشمي الداعم لأهلنا في القدس وفلسطين، وهنا نستذكر من محطات رمضان، يوم 11 رمضان 1428هـ الموافق 23 ايلول 2007م حيث تبرع آنذاك صاحب الوصاية الهاشمية جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله، بمبلغ مقداره مليون ومائة وثلاثة عشر الف دينار لصالح الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الاقصى وقبة الصخرة المشرفة وأمر جلالته أيضا بصرف راتب اضافي لصالح العاملين في أوقاف القدس، تقديراً لجهودهم وصمودهم وأهل القدس في وجه الاحتلال، ولا زال جلالته يرعى القدس ومقدساتها ويساند أهل فلسطين ومن ذلك قبل أيام تبرع جلالته بثمن "كمية من الذهب" لترميم قبة الصخرة وأعمدة ذهبية وألواح، فرمضان في فلسطين هو عنوان للصمود في وجه الاحتلال والصبر على صنوف التضييق والاستعمار.
وسيبقى الاردن شعباً وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس الداعم لأهلنا في فلسطين مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.
اللجنة الملكية لشؤون القدس 12/3/2025