عمان (بترا) – صالح الخوالدة – تعرض الشعب الفلسطيني وما زال إلى أشرس إبادة جماعية عرفت في التاريخ الحديث، في انحياز أعمى للمحتل الإسرائيلي ودعم غربي غير منقطع بالعتاد والسلاح لذبح شعب مسالم تحت مرأى ومسمع العالم بأجمعه.
يقول أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إنه منذ أن قامت دولة الاحتلال الإسرائيلي وحتى تاريخنا المعاصر فإنها تمارس كافة أنواع الاعتداءات والجرائم، إذ تظهر الاحصائيات ارقاما مرعبة تعكس حجم الهجمة الصهيونية ومخططها الاحلالي الاستيطاني قبل النكبة وبعدها، فحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فقد هُجر عام 1948م، حوالي مليون ونصف المليون فلسطيني (يشكلون اليوم حوالي 6,5 مليون لاجئ فلسطيني في العالم يعيش جزء كبير منهم في مخيمات اللجوء)، كما استولت العصابات الصهيونية من البالماخ والارغون والهاجاناه وشتيرن المسؤولة عن أكثر من 70 مجزرة على 774 مدينة وقرية فلسطينية، دمرت منها اكثر من 531 قرية ومدينة، واستشهد على أثرها أكثر من 137 ألف فلسطيني.
وأضاف: فيما يخص الاستيطان (الاستعمار) هذا السرطان الذي يفتت الأراضي الفلسطينية، فقد بلغ عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية نهاية عام 2022 في الضفة الغربية 583 موقعاً، بواقع 151 مستعمرة و25 بؤرة مأهولة تابعة لمستعمرات قائمة، و163 بؤرة استعمارية، و144 موقعاً مصنفاً (مناطق صناعية وسياحية وخدماتية ومعسكرات لجيش الاحتلال).
يشار إلى أن التوسع الاستيطاني الحالي هو نوع خطير من المستوطنات (المستوطنات الرعوية اي مناطق مصادرة بذريعة تخصيص مراعي للمستوطنين)، وتنشط فيه منظمة صهيونية متطرفة (فتيان أو شباب التلال) وتقوم عقيدتهم التوراتية المزيفة على مشروع أرض إسرائيل الكبرى ويرفضون فكرة اخلاء المستوطنات، وينفذون اليوم الكثير من الهجمات على القرى والمدن الفلسطينية المجاورة لبؤر الاستيطان.
وتستمر النكبة بمشاهد لجرائم ومجازر ابادة جماعية مفزعة في قطاع غزة والضفة الغربية، منذ السابع من تشرين الاول الماضي (معركة طوفان الأقصى)، حيث ارتقى أكثر من 35 الف شهيد، و83 الف جريح، وتدمير 360 الف وحدة سكنية، و13 الف حالة اعتقال، وخسائر تزيد عن 30 مليار دولار، مما عرض الحياة الاقتصادية والصحية والتعليمية والخدماتية لضرر كبير، إلى جانب الحصار المفروض على ادخال المساعدات الاغاثية (العلاجية والغذائية)، واغلاق مراكز الاونروا في غزة والقدس بعد الاعتداء المباشر عليها بما في ذلك هجمات المستوطنين كما جرى في مدينة القدس. وأضاف أن هذه النكبة المتجددة تجري بشكل متسارع وسط محاولة إسرائيلية لتعطيل عمل الاعلام وقتل الاعلاميين وتكذيب ما يتسرب من اخبار تظهر حجم الفاجعة الكبير، اضافة إلى التضييق الاعلامي الذي شمل قتل أكثر من 140 صحفيا منذ السابع من اكتوبر، ومحاولة الترويج للرواية الاعلامية الصهيونية القائمة على مصطلحات مغلوطة ومضللة تصف الجرائم الإسرائيلية بحق الدفاع عن النفس، وتعتبر النضال الفلسطيني عن الأرض والإنسان والمقدسات ارهاباً.
وقال كنعان ان اللجنة الملكية لشؤون القدس تؤكد ان النكبة الفلسطينية مستمرة على الرغم من مرور 76 عاماً من الظلم والابادة، والتي تبدلت فيها أدوار القتل والقمع والظلم بين العصابات الصهيونية وجماعات الهيكل المزعوم وحكومة اليمين المتطرفة، في ظل غياب تام للرقابة والعدالة الدولية، وعدم فعالية ما يسمى اليسار الإسرائيلي الذي أُزيح تماماً عن المشهد السياسي الإسرائيلي في الحكومة والكنيست، باستثناء بعض الاصوات المتذمرة في الإعلام الإسرائيلي أو الأروقة السياسية والتي يُضيق عليها ويتم اتهامها بمعاداة السامية، هذه التهمة الباطلة التي توجه لكل الفئات الإنسانية من الراي العام العالمي كما هو الحال اليوم من اتهام طلبة الجامعات في امريكا والكتاب والساسة في العالم، وحتى ضد من يرفع صوته وبشكل قانوني في محكمة العدل الدولية، وهذه السياسة الصهيونية المدعومة من اللوبي الصهيوني في العالم الغربي ومراكز صنع القرار يساندها اعلام غربي يسير خلف مصالحه المادية، ملقياً من قاموسه شرف المهنة واخلاق الإنسانية وعدالة الحقوق الشرعية.
وتؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس ان النكبة ليست مجرد أرقام شهداء وجرحى وأسرى وملايين دونمات الأراضي المصادرة وملايين المشردين فقط، بل هي ذكرى نستحضر معها رغم حجم الألم تضحيات خالدة لرجال أحرار صنعوا خلفهم أجيال لن تنسى حقها بالتقادم وما زالوا وسيبقون يرابطون في فلسطين من البحر إلى النهر، بل هي أيضاً نكبة في ضمير الإنسانية نفسها لعجزها عن نصرة المظلوم ومواجهة عنجهية إسرائيل التي تضرب بالشرعية الدولية ومئات القرارات الدولية عرض الحائط، فمن غير المعقول والمنطقي قطعاً أن تصنع إسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال) لنفسها شرعية وجود مزعوم اسطوري على جثث الابرياء والشهداء وممتلكاتهم وتاريخهم وهويتهم العربية الخالدة.
وقال كنعان ان درس ذكرى النكبة لامتنا العربية والاسلامية هي الوحدة ونبذ الخلافات، فقوة أمتنا دعم لصمود وحرية فلسطين وأهلها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ورسالة إنسانية للأحرار في العالم وللمنظمات الإنسانية والقانونية والشرعية بضرورة الضغط باتجاه إلزام إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وبين أن رسالة النكبة أيضاً موجهة للإعلام بجميع اشكاله بما في ذلك القائمين على وسائل التواصل الاجتماعي هي تذكير العالم بجرائم ومجازر إسرائيلية ما تزال تُذبح بحرابها المسمومة الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يجب ان تعاقب عليه إسرائيل وتحاكم اسوة بغيرها ممن ثبت جرمهم بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي والفصل العنصري والتهجير القسري إذا كان العالم فعلا يحترم حقوق الإنسان ويبتعد عن المعايير المزدوجة.
ووجه كنعان تحية إجلال للأهل في فلسطين والقدس، الصامدين والمرابطين والمنافحين عن حقوقهم وقضيتهم الخالدة.
وأكد أن الأردن شعبا وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس سيبقى السند والداعم لأهلنا في فلسطين والقدس والبلسم الذي يضمد جراح نكبتهم مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.
وكالة الأنباء الأردنية بترا 14/5/2024