الأم الفلسطينية والمقدسية تنزف جراحها في يوم عيد الأم

                                                  عبد الله كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

     تحتفل المجتمعات الانسانية حديثاً بيوم أو عيد الأم وحددت كل منها يوم محدد، جاء بعضها في شهر آذار وأخرى في أيار أو غيرها من الشهور، وتعود فكرة هذه اليوم كمناسبة للتذكير بالمعاناة والألم الذي تعرضت له المرأة في الحروب والكوارث، إذ يقال  في هذا السياق أن الكاتبة الأمريكية ( جوليا هوي) اقترحت هذا اليوم للتذكير بما اسفرت عنه الحرب الاهلية الامريكية انذاك من أحزان ونتائج سلبية كثيرة، لذا فمن المستهجن أن تكون امريكا دولة الحريات والديمقراطية وحرية المرأة تغمض عينها عن وجع الام الفلسطينية وما تتعرض له من قتل وتنكيل وابرتهايد اسرائيلي، وتكيل سياستها بمكيالين وتنحاز لاسرائيل، وعلى العالم كله أن يعي بأن ما يصيب الام الفلسطينية والمقدسية من قتل وتشريد واسر وأبعاد يفوق وجعه وخطره ما قد تتعرض له أي أم في العالم المعاصر.

   وبالرغم من تخصيص هذا اليوم الاحتفالي المعني بتمكين المرأة وتوفير المناخ الامن والسلمي الكفيل بتعزيز شراكتها وابداعها العالمي، غير أن المرأة في بعض الدول والمجتمعات ما تزال تعاني محدودية الموارد وغياب العدالة الاجتماعية، والأقسى أن المرأة الفلسطينية والمقدسية تشكو تعرضها للكراهية والوحشية وسياسة الابرتهايد الاسرائيلية التي من شأنها تعريضها للخطر على حياتها ومستقبلها، فالمرأة في فلسطين والقدس هي شهيدة  وأسيرة وأرملة وأم شهيد، تدافع عن وجودها وهويتها وارضها ومقدساتها أمام أبشع احتلال عرف في العصر الحديث، حيث تظهر الاحصائيات ( أصدرها نادي الاسير الفلسطيني) أن عدد المعتقلين الفلسطينيين حتى نهاية عام 2022م حوالي 7000 معتقلاً (حوالي 3000 في مدينة القدس)، بينهم 172 معتقلة، بينما بلغ الاسرى حوالي (4700 أسيراً) بينهم 29 أسيرة وثلاث قاصرات، وهن: (نفوذ حماد، وزمزم القواسمة، وراما أبو عيشة)، وأقدمهنّ الأسيرة ميسون موسى المعتقلة منذ العام 2015، وأعلاهنّ حكماً الأسيرتان شروق دويات، وشاتيلا عيّاد المحكومتان بالسجن لمدة (16) عاماً، إلى جانب معتقلة إدارية وهي الأسيرة رغد الفني، ومن بين الأسيرات أيضاً (7) أمهات يحرمهنّ الاحتلال من رؤية أبنائهنّ، بالإضافة إلى (10) أسيرات جريحات، وأصعبهنّ حالة الأسيرة إسراء جعابيص من القدس المحكومة بالسجن مدة(11) عام وهي في حالة صحية صعبة، إلى جانب ذلك وعلى الصعيد الاقتصادي فتظهر احصائيات عام 2022م  وجود فجوة كبيرة في المشاركة في القوى العاملة بين الذكور والإناث، فحوالي 7 من كل 10 ذكور مشاركون في القوى العاملة مقابل حوالي 2 من كل 10 إناث، وبلغت نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة 18.6% مقابل 70.7% للذكور، وكل ذلك نتيجة لسياسة التضييق الاقتصادي الاسرائيلية ، يضاف الى ذلك اضطرار المرأة الفلسطينية للعمل جراء استشهاد زوجها أو اعتقاله مما يجعلها المسؤول عن اعانة الاسرة.

    ان يوم الأم يذكر العالم بمأساة ومعاناة الأم الفلسطينية، فحقها في الحياة والتعليم والعيش بكرامة ينعدم في ظل سياسة الاحتلال الاسرائيلي القمعية، وهو أمر مقلق يفرض على المنظمات الدولية المعنية بالمرأة وحقوق الانسان الاسراع فوراً لنصرتها وازالة جحيم الاحتلال عنها، فلا يعقل ان تنهض في العالم العديد من الحركات والمنظمات النشطة بحقوق المرأة والمطالبة بحقوقها ومساواتها مع الرجل والمنادية بمشاركتها الحزبية والسياسية والنقابية ومحاكمة كل من يتعدى عليها، بينما تعاني المرأة الفلسطينية والمقدسية المرارة والالم والحصار من قبل حكومة الاحزاب الصهيونية المتشددة، التي تقوم برامجها على تشريد الشعب الفلسطيني وابادته العرقية وحرمانه حقوقه التاريخية والشرعية باقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

ان اللجنة الملكية لشؤون القدس في يوم الام توجه التحية والاعتزاز بالام الفلسطينية الشهيدة والاسيرة والجريحة وام الشهيد والجريح والمعتقل، وبالام الاردنية التي قدمت شهداء معارك القدس والكرامة وبكل ام اعلامية وناشطة حرة تضحي وتعمل نصرة لفلسطين والقدس، وتؤكد  اللجنة أن الام الفلسطينية اليوم تشكل نموذج الصمود والنضال والرباط ضد اطماع الصهيونية ومخططاتها الاستعمارية، هذه المرأة الحرة القابضة على هويتها ووجودها واسرتها ومقدساتها الى جانب الرجل الفلسطيني في وجه ابشع الة قمع واستعمار عرفها التاريخ المعاصر، ونقول بأن الام التي ترفع نعش ابنها الشهيد وتودع كل الشهداء بالزغاريد وتحبس المها ودموعها  على ابنها الشهيد المحتجز في مقابر الارقام وثلاجات المعتقلات الاسرائيلية، وتحول كل ذلك بعزيمة وتصميم نحو الكفاح لاجل الحرية ونيل الحقوق وتقرير المصير ، لا يمكن ان يقف في وجهها احتلال مهما طال الزمان.

وفي اطار الموقف الاردني الراسخ شعبا وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس تدعو العالم ومنظماته أن يكثف مساعدته للمرأة الفلسطينية بوصفها انسان كفل القانون الدولي حقه وشرعية مطالبه،  وعلى الاعلام الحر بكافة اشكاله أن يفضح الجرائم والانتهاكات الاسرائيلية وينقل بشاعة ووحشية سلوكه غير الانساني ضد اهلنا المدنيين العزل في فلسطين والقدس. وسيبقى الاردن بقيادته الهاشمية وبكافة قطاعاته ومؤسساته السند والداعم للمرأة الفلسطينية وكافة أبناء الشعب الفلسطيني مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.

21/3/2023

Comments are disabled.