الاقتحامات الاسرائيلية سياسة هيمنة واقصاء بلباس ديني مزعوم

                                                                  عبدالله توفيق كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

 يمكن للمتابع والمراقب لما يجري في مدينة القدس المحتلة من سياسة اعتداءات اسرائيلية ممنهجة تتمثل بالقتل والاعتقال ومصادرة الممتلكات واخلاء الاحياء والبلدات وهدم المنشآت والمنازل وتشريع القوانين العنصرية، التيقن بأن سياسة الاقتحامات اليومية للمسجد الاقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، تشكل السلاح الاكثر خطورة في معركة تهويد وصهينة مدينة القدس العربية ومحو هويتها التاريخية والشرعية العربية( الاسلامية والمسيحية)، وما من شك بأن قيادة ومشاركة حكومة الاحزاب الدينية اليمينية المدعومة من المستوطنين وجماعات الهيكل المزعوم توفر البيئة اللازمة للاقتحامات والجرائم الاسرائيلية في فلسطين بشكل عام والقدس بشكل خاص.

 وتشير الاحصائيات بأن حوالي 5000 مستوطن اقتحم المسجد الاقصى المبارك خلال شهر نيسان الماضي، وبوتيرة يومية ضمن مجموعات استيطانية تتراوح ما بين 100 -200 مستوطن، وتتصل استراتيجية العدد بالغاية من الاقتحام والذي يرتبط بشكل وثيق بممارسة الشعائر والطقوس بما فيها النفخ في البوق والسجود الملحمي الاسطوري وغير ذلك من الاكاذيب والممارسات الاحتلالية، وتعتبر الاعياد والمناسبات اليهودية الاسرائيلية المناخ الاكثر موائمة لهذه الاعتداءات، وبشكل يتزامن مع منع المسلمين والمسيحيين من الاحتفال باعيادهم ومناسباتهم، ولزيادة تحقيق الاهداف الاستعمارية من الاقتحامات التي تشمل المسجد الاقصى المبارك والمقدسات المسيحية، تتبع اسرائيل تضييق شامل اقتصادي واجتماعي على المقدسيين، حيث تظهر الارقام خلال شهر نيسان الفائت رصد 700 حالة اعتقال في مدينة القدس، وحوالي 517 أمر ابعاد ومنع من السفر اضافة المضي قدما في مشاريع الاستيطان، حيث تمت الموافق على ستة مشاريع استيطانية جديدة خلال شهر واحد فقط، وعلى الصعيد الدولي تمارس الدبلوماسية الاسرائيلية حملتها الدؤوبة في تضليل الراي العام العالمي وتصوير نفسها بالضحية التي تحتاج للدعم، خاصة أن السياسة العالمية ومراكز القوى فيها اصبحت أمام تحديات ومشاكل عالمية جعلت من القضية الفلسطينية ملف ثاني على اقل تقدير.

  ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وأمام تزايد الاقتحامات الاسرائيلية واعلان الحكومة الاسرائيلية القيام بمسيرات واحتفالات استفزازية تتزامن مع يوم النكبة الفلسطيني، تذكر العالم الحر ومنظماته الشرعية برسالته الانسانية وواجبه الاخلاقي في نصرة الشعوب المظلومة وحقها في تقرير مصيرها بما في ذلك حق الشعب الفلسطيني باقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، كما تبين اللجنة أن مناخ الاحتفالات الاسرائيلية المزعومة يقوم على حق الملايين من الشعب الفلسطيني ممن هجروا قسرا ودمرت مدنهم وقراهم حتى وصف اسرائيليين كثر ذلك بالتطهير العرقي ومنهم المؤرخ اليهودي ايلان بابيه في كتابه ( التطهير العرقي في فلسطين).

وتؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس ان الاردن شعبا وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس سيبقى الداعم والمساند للاهل في فلسطين والقدس مهما كان الثمن وبلغت التضحيات، فمناسبة ذكرى النكبة الفلسطينية المؤلمة تذكر القاصي والداني بشهداء الجيش العربي الاردني، وترسخ في اذهان الجميع رسالة المحبة والسلام العادل على اساس الحقوق التاريخية الشرعية التي يحملها الاردن في كافة المحافل الدولية.

 وتلفت اللجنة الملكية لشؤون القدس انتباه جميع المؤسسات الاعلامية و دعاة السلام والحرية في العالم الى خطورة الاوضاع والمعاناة التي يعيشها أهلنا في القدس وغزة المحاصرة وجميع مدن فلسطين المحتلة، وتدعوهم جميعا الى نصرتهم والدفاع عنهم فوراً، فلا يمكن ابدا لعالم يدعي الانسانية والديمقراطية أن يقف صامتاً أمام سياسة اسرائيل البربرية القائمة على قتل الاطفال والشباب والشيوخ والنساء في فلسطين،  مما يتطلب سياسة عالمية صارمة لا تبني مواقفها على أساس الكيل بمكيالين والانحياز لاسرائيل، وعلى اسرائيل ان تفهم بان عليها اذا ارادت السلام تطبيق قرارات الشرعية الدولية ووقف حالة الاستعمار الشرسة التي تمارسها منذ عقود ضد شعب فلسطيني أصيل أعزل صاحب الارض والتاريخ والهوية.

الدستور 11/5/2023

Comments are disabled.