القدس وجهة الاحتلال الدائمة ومركز نشاطه الاستعماري التهويدي

عبد الله توفيق كنعان
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس
إن ما يجري في قطاع غزة المحتل من عدوان وابادة جماعية صهيونية وتصاعد التوترات الاقليمية والتهديد باحتمالية توسع الصراع في المنطقة كلها، كل ذلك لم يشغل الاحتلال الاسرائيلي لحظة واحدة عن مخططه المستمر بتهويد وعبرنة وأسرلة مدينة القدس، وذلك بالطبع مرتبط بأهميتها ورمزيتها التاريخية والدينية والنضالية في وجه الاستعمار الاسرائيلي، الذي يسعى وعبر جرائم القتل والاعتقال وهدم البيوت ومصادرة الممتلكات واقتحامات المقدسات الاسلامية والمسيحية والاستيطان لفرض هوية يهودية صهيونية مزعومة عليها ومحو هويتها العربية وطرد أهلها وتهجيرهم لاحلال المستوطنين مكانهم.
ان مركزية مدينة القدس في الصراع الاسرائيلي العربي والاسلامي والانساني من جهة وتصدرها أجندة وبرامج الاحزاب الصهيونية الدينية اليمينية الحاكمة من جهة أخرى، جعلها تشهد اليوم سياسة تهويدية مستعرة من مظاهرها مؤخراً مصادقة “الكابينت” الإسرائيلي (مجلس الوزراء المصغر) على تشريع بؤر استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس، ومصادرة صلاحيات سيادية للسلطة الفلسطينية ، وفرض عقوبات على مسؤولين فيها وتحويل ادارة الضفة لادارة مدنية يستحوذ عليها المستوطنون الذين تم تسليحهم واطلاق يدهم بشكل كبير في الضفة الغربية، ضمن خطوة متسارعة تسعى عملياً لضم حوالي 60% من مساحة الضفة الغربية، والتي تعتبرها اسرائيل فضاءاً للاستيطان، وهي ما تعرف بخطة الحسم للوزير سموتريتش، الى جانب ذلك سلمت سلطات الاحتلال مؤخراً للكنائس في القدس قراراً يتضمن نيتها اتخاذ اجراءات قانونية ضدهم لعدم دفعهم ضريبة العقارات (الأرنونا) ، وجميعها اجراءات تهويدية يقصد منها دفع سكان الضفة الغربية لواحد من ثلاث خيارت وهي الرضوخ والعيش في ظل سيادة بلدية الاحتلال وسلطته الاستعمارية، أو الهجرة واحلال المستوطنين مكانهم أو في حالة الرفض يكون القمع والقتل والاعتقال مصيرهم، كل ذلك يجري في ظل غياب واضح للشرعية الدولية وقدرتها الفعلية على الزام اسرائيل بمئات القرارات الضامنة لحقوق الشعب الفلسطيني.
وتؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس للرأي العام الدولي أنه وفي ظل تصاعد وتيرة هجمة الاحتلال في الضفة الغربية بما فيها القدس وبالتزامن مع العدوان المستمر على قطاع غزة المحتل، أنه يجب على العالم الحر ممثلاً بمنظماته الشرعية ودعاة ورعاة السلام الزام اسرائيل بتنفيذ قرارات الشرعية والتفاهمات والاتفاقيات الدولية الموقعة عليها اسرائيل، وبشكل يضمن تحقيق السلام واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، خاصة في اطار ما تتعرض له عملية السلام من خطر صهيوني مقصود يهدف لزعزعة المنطقة والقضاء على حل الدولتين ونقض جميع الاتفاقيات والتعهدات الاسرائيلية بهذا الخصوص.
وتبين اللجنة الملكية لشؤون القدس بأن الموقف الاردني راسخاً وثابتاً يرفض السياسة التهويدية الاسرائيلية المعارضة للشرعية الدولية، حيث اشار جلالة الملك عبد الله الثاني صاحب الوصاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس للثوابت السياسية والدبلوماسية والاستشرافية الاردنية ومن ذلك قول جلالته في خطاب العرش السامي بتاريخ 11 اكتوبر 2023م :” لا أمن ولا سلام ولا استقرار من دون السلام العادل والشامل الذي يشكل حل الدولتين سبيله الوحيد”، وهي دعوة تستدعي ارادة دولية وتفعيل للشرعية وسياسة عالمية بعيدة عن سياسة الكيل بمكيالين، وهي دعوة حذر من آثار عدم تبنيها صاحب السمو الملكي ولي العهد الامير الحسين بن عبد الله في مقابلة اعلامية بقوله :”هنالك محاولات لتهميش القضية الفلسطينية منذ سنوات، والشعوب فقدت ثقتها بالعملية السلمية”، وبنفس السياق الهاشمي السلمي الساعي لمخاطبة العالم وبيان خطورة الممارسات الاسرائيلية ، يقول الامير الحسن بن طلال ” كما يحدث على أرض فلسطين في سعي لمحو الذاكرة المكانية عبر تغييب أصحابها من خلال القتل والتدمير الممنهج للأحياء والمربعات سكنية بأكملها.”
ان هناك حالة تذمر عالمي ضد اسرائيل تتمثل بالمظاهرات والمسيرات العالمية، كذلك تزايد الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، واعلان العديد من الدول مثل اسبانيا وتشيلي مؤخراً المشاركة في دعوة محكمة العدل الدولية المرفوعة ضد اسرائيل بتهمة ( الابادة الجماعية)، فاذا ارادت اسرائيل السلام والاستقرار في المنطقة كما تزعم يجب عليها وقف العدوان وانهاء الاحتلال وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وغير ذلك فان الحق في النضال والمقاومة سوف يترسخ لدى الاجيال الفلسطينية التي وأدت احلامهاوتطلعاتها، وسيبقى الاردن شعبا وقيادة هاشمية السند الداعم لاهلنا في فلسطين والقدس.

بترا 1/7/2024

Comments are disabled.