المصطلح الاعلامي الاسرائيلي سلاح للتهويد والأسرلة

عبد الله توفيق كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

     يشكل المصطلح  التاريخي والثقافي العربي الفلسطيني هدفاً تسعى اسرائيل الى تغييبه وتحريفه بكافة الوسائل، ومن هذا المناخ الهجومي  ولد المصطلح  الاعلامي  الاسرائيلي بوصفه سلاح خطير بيد وسائل الاعلام  الصهيونية والاسرائيلية تستغله للترويج لروايتها التوراتية المزيفة خدمة لاسطورة الوطن القومي لليهود في فلسطين التاريخية، وتعتمد عليه في التحريف التاريخي و الثقافي والمعرفي المتصل بتاريخ وأرض فلسطين العربية المحتلة بهدف طمسها، والأخطر أنه أصبح اليوم وسيلة دبلوماسية وركيزة في خطاب ساسة اسرائيل وقادة واعضاء حكومتها يوجهونه للرأي العام خاصة الغربي، لتغيير قناعته وكسبهم لصفها، الأمر الذي يستدعي من المؤسسات والجهات الثقافية والاعلامية العربية والاسلامية والمهتمة الوقوف بجدية أمام هذا التحريف والخداع وكشف زيفه وكذبه للعالم، من خلال توفير اعلام موجه  من الفضائيات والاذاعة وشبكات التلفزة والانباء ووسائل التواصل الاجتماعي، وبكافة اللغات بما فيها العبرية.

     اقامت الحكومة الاسرائيلية جهات مختصة بتغيير الاسماء العربية منها ( لجنة تغيير الأسماء بديوان رئاسة الوزراء الاسرائيلية عام 1951م)، والتي غيرت أكثر من 700 اسم في عموم الاراضي الفلسطينية المحتلة، شملت المدن والقرى والشوارع وغيرها، وفي اهمية هذا النهج التهويدي يقول (ديفيد بن غوريون) : ” علينا استبعاد الأسماء العربية لأسباب سياسية بما أننا لا نعترف سياسياً للعرب بحق امتلاك البلاد”، ولان القدس هي رمز الصمود والنضال والوجود التاريخي العربي كانت منذ البداية في مقدمة الاستهداف، فعمدت اسرائيل الى شطب كلمة القدس العربية من وثائق وأوراق بلدية القدس المحتلة، وامعاناً في التهويد جاءت توجيهات وزير المواصلات الاسرائيلي السابق عام 2009م بتغيير اسماء المدن على اللافتات والاشارات، وفي الاعلام الاسرائيلي لم تكن الحرب أقل شراسة بل كانت مسؤولية الترويج للمصطلحات الاعلامية الاسرائيلية موكلة بجميع المؤسسات، لذا تشكلت عام 1942م ما تسمى ( هيئة التحرير) من جميع رؤساء الصحف الاسرائيلية التي يزيد عددها عبر عقود الاحتلال عن 85 صحيفة منها حوالي 50 صحيفة تصدر بالانجليزية تستهدف الراي العام الغربي  واليهود  في أصقاع العالم لتشجيعهم على الاستيطان، ولم تشكل وزارة خاصة بالاعلام الاسرائيلي الا عام 2009م تحت اسم ( وزارة الاعلام والشتات) في عهد رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو، مما يعيد لذاكرتنا خطورة امكانية تكرار هذا المشهد وينبه الجميع بالوعي لكل ما يمكن أن تقوم به مكاتب الاعلام الاسرائيلية والتي تتبنى جميعها ما يمكن تسميته بشرعية الاعلام الصهيوني حسب زعمهم وهي شرعية قيام دولة الاستيطان وشرعية  الهجرة والتهويد وشرعية الديمقراطية والحرية لليهود فقط، مقابل سحب الشرعية التاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني وحقه بارضه ومقدساته بهويتها وملامحها العربية العريقة.

   واليوم ما يزال الاعلام الاسرائيلي يروج للكثير من المصطلحات وبالطبع فان الغاية منها هو محاولة بائسة لطمس وجود وحق الشعب الفلسطيني، ومن المصطلحات الاعلامية الخطيرة التي باتت تتردد هذه الأيام مصطلحات أطلقتها أو صاغتها مراكز صنع القرار الاسرائيلي وتحديداً الوزراء والكنيست، مثل مصطلح :” أرض اسرائيل”، الذي جاء في وثيقة الحكومة الاسرائيلية اليمينية الحالية والمقدمة للكنيست الاسرائيلي ويقصد به جميع اراضي فلسطين المحتلة بزعم انها ارض ووطن قومي لليهود، حيث وردت كمصطلح في سياق أكثر عنصرية جاء فيه : ” للجمهور اليهودي حق حصري لا جدال فيه في جميع اراضي اسرائيل”، وهو تغييب كامل لفلسطين التاريخية كمصطلح تاريخي وجغرافي أصيل وكشعب فلسطيني محتل له حق تقرير المصير سلبت ارضه وحقوقه من قبل حكومة احتلال واستعمار، صدر بحقها مئات القرارات الدولية من هيئة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها بما فيها قرارات تدعم حل الدولتين وحق الشعب الفلسطيني باقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية .

 والمصطلح الاعلامي الصهيوني الآخر مصطلح ” مجمع الاقصى”  ويقصد به ساسة اسرائيل واعلامها (مجمع مقدس للمسلمين واليهود )، وحسب تزييفهم هو جبل الهيكل ومكان الهيكل المزعوم، الذين يسعون بكل الوسائل الباطلة تاريخيا وقانونيا لاقامته بعد نهج التقسيم الزماني والمكاني كخطوة أولى و هدم المسجد الاقصى المبارك كخطوة ثانية، وبالطبع فإن حادثة اقتحام وزير الامن القومي الاسرائيلي اليميني المتشدد ايتمار بن غفير وهو أيضاً زعيم وحاخام قاد المستوطنين  وجماعات وطلبة الهيكل والمدارس التلمودية في اقتحامات كثيرة سابقاً، رافقها الترويج لهذا المصطلح الخطير بقصد تعميمه في الاعلام ، لذا يجب على الاعلام  المهني جميعه العربي والاسلامي والعالمي الحر التنبه الى هكذا مصطلحات  والالتزام بالموضوعية والحقائق تجاهها ، واعتماد المصطلح القانوني والتاريخي المجمع عليه بالنسبة لفلسطين المحتلة والتي ترد بهذه الصياغة ( فلسطين المحتلة) في بنود الكثير من قرارات الامم المتحدة وقبل ذلك كحقيقة تاريخية  متجذرة عبر الحضارة الانسانية وتسبق قيام دولة الاحتلال، كذلك الحال بالنسبة لمصطلح مجمع الاقصى، فهو في الحقيقة يسمى (المسجد الاقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف) والذي أكدته تقارير لعصبة الامم المتحدة وقرارات لهيئة الامم المتحدة والمنظمات التابعة لها بما فيها اليونسكو التي أكدت بأن المسجد الاقصى المبارك بمساحته الكاملة 144 دونما، ملكية اسلامية خالصة ولا علاقة لليهود به، وكل ما سبق حقائق عززتها نتائج الدراسات البحثية التاريخية والاثرية العالمية بما فيها اسرائيلية وغربية ولعقود طويلة تتلخص بعدم وجود اي اثر للهيكل المزعوم  سواء داخل المسجد الاقصى أو تحته أو حوله.

     ان اللجنة الملكية لشؤون القدس تؤكد على الاهمية والمسؤولية المهنية الموكلة بالاعلام العربي والاسلامي والعالمي الحر بشأن تنبيه كافة وسائل الاعلام الى خطورة تسرب بعض المصطلحات الصهيونية الى الاعلام خاصة الغربي، والتي من شأنها محاولة تزييف الحقائق  وقلبها، والسعي عبر كافة وسائل الاعلام المختلفة وبمختلف اللغات بما فيها العبرية الى الدفاع عن المصطلح والحق الفلسطيني .

24/1/2023

Comments are disabled.