اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري وابرتهايد الصهيونية في القدس

                                                  عبد الله كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

  يحتفل العالم في 21 اذار من كل عام باليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري، ضمن جهود الجمعية العامة للامم المتحدة مواجهة كل مظاهر العنصرية واثارها الخطيرة على الوفاق والسلم الانساني، فهذا المرض العضال من شأنه تفتيت الاخوة الانسانية وخلق بيئة تشتد فيها الأزمات والحروب،  ولكن وبالرغم من هذه الدعوات والانشطة تبقى العنصرية في عالمنا  المعاصر ظاهرة فردية وجماعية تتبناها بعض الحكومات وتمارسها بلباس مخادع وخفي تحت شعار الديمقراطية.

   إن الاجراءات العنصرية التي تتبعها الحكومة الاسرائيلية في ظل تصاعد سيطرة اليمين المتشدد، جعلت من الواقع الفلسطيني نموذجاً يفوق ما كان يمارس في دولة جنوب افريقيا، خاصة أننا أمام عنصرية تتعدى العرق واللون لتشمل محاربة الاديان والهوية الثقافية العربية بل وحتى الوجود البشري الفلسطيني الذي يتعرض للطرد والتهجير والتقتيل، حيث تشير احصائيات عام 2022م ، الى وجود حوالي 7 ملايين فلسطيني مهجر يعيش خارج وطنه فلسطين المحتلة، وتمّ هدم اكثر من 1000 مبناً منها ما نسبته 30% في مدينة القدس، كما بلغ عدد الشهداء حوالي 224 شهيداً، وعدد الاسرى حوالي 7000 اسير فلسطيني، وبلغت أوامر الابعاد عن مدينة القدس حوالي 871  قرارًا ، اضافة الى الكثير من القوانين العنصرية التي تستهدف التضييق الشامل على الفلسطينين بمن فيهم الاسرى والمعتقلين والتوجه نحو سحب المواطنة والاقامة وتنفيذ الاعدام فيمن يثبت إدانته أمام المحاكم الاسرائيلية التي تكال فيها التهم الباطلة، لقد مضى على التمييز العنصري الاسرائيلي اكثر من سبعين عاماً منذ عام 1948م وحتى الان، والعالم الحر الذي يدعي الديمقراطية يكتفي بقرارات لم تنفذ وبالبيانات فقط، وما زال يمارس سياسة الكيل بمكيالين حيث صدر تجاه روسيا وغيرها من الدول التي تجاوزت القانون الدولي حسب وجهة نظرهم العديد من القرارات التي تبذل القوى العالمية كل جهودها من اجل ضمان تنفيذها، بينما صدر ضد اسرائيل مئات القرارات التي لم ينفذ منها شيئاً وما زالت تحظى بحياد البعض لصفها وتمارس اساليبها وسياستها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني المظلوم.

  والسؤال المطروح هو إذا كانت الأمم المتحدة خصصت يوماً للقضاء على العنصرية بعد حادثة مقتل  69 شخصًا في جنوب افريقيا كانوا مشاركين في مظاهرة سلمية ضد “قوانين المرور” المفروضة من قبل نظام الفصل العنصري في عام 1960م، فما هو واجبها تجاه تشريد عدة ملايين؟، وأسر مليون واستشهاد اكثر من 100 الف فلسطيني منذ عام 1967م؟، يضاف إلى ذلك تدمير المدن والقرى ومصادرة الأراضي وغير ذلك من صنوف الممارسات العنصرية التي لم يشهد مثلها العالم المعاصر، فهل يعقل أن تبقى الارادة والضمير العالمي غائبة وتمارس سياسة الكيل بمكيالين، بينما من واجبها الشرعي والقانوني الاسراع في انقاذ الانسان الفلسطيني واعادة حقه في الحياة والأرض والمقدسات، وحمايته من أبشع اجراءات عنصرية تستهدف وجوده ومصيره وآمال أجياله بالسلام والأمن.

إن اللجنة الملكية لشؤون القدس وبمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنصرية تذكر العالم ومنظماته بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة التاريخي رقم (3379) عام 1975م، الذي نص على ” أن الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري”، والذي الغي من الجمعية العامة بقرار رقم 86/46 عام 1991م، أمام ضغوط اللوبي الصهيوني والوعود بالالتزام بمسار السلام والامن، ولكن ما يجري اليوم من عمليات تهويد واسرلة ممنهجة ضد الشعب الفلسطيني بشكل عام واهلنا في مدينة القدس بشكل خاص يستوجب سياسة ردع أممية تواجه الابرتهايد الاسرائيلي وتوفر الحماية القانونية اللازمة للشعب الفلسطيني المظلوم، وهذه المناسبة العالمية هي صوت يجب أن يسمعه الجميع مفاده بأن العالم وشعوبه لا يمكن لها أن تقبل التعصب والكراهية والترهيب بديلا عن الامن والطمأنينة والعيش المشترك بموجب الحقوق التاريخية والشرعية.

وتؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس على أن المنظمات والمؤسسات الحقوقية والانسانية العالمية بما فيها وسائل الاعلام من واجبها تكثيف جهودها لفضح ممارسات الابرتهايد الاسرائيلي، وسيبقى الاردن شعبا وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس الداعم والسند لاهلنا في فلسطين والقدس حتى نيل حقوقهم بما فيها اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، مهما بلغت التضحيات وكان الثمن.

21/3/2023

Comments are disabled.