بمناسبة اليوم الدولي لمساعدة ضحايا التعذيب، من يُنقذ الأسير الفلسطيني؟

عبد الله توفيق كنعان
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

فُطرت النفس البشرية على احترام الكرامة الانسانية وعدم تعرضها للأذى، من هنا جاءت الشرائع الدينية والتشريعات الوضعية ترفض بل تجرم التعذيب، وقد عرفته المحكمة الجنائية الدولية بأنه:” تعمّد إلحاق الألم الشديد أو المعاناة الشديدة، جسدياً أو عقلياً، فعلاً أو إهمالاً، من أجل الحصول على معلومات أو اعترافات، أو كعقوبة، أو ترويع، و إكراه للضحية أو لشخص آخر، أو كتمييز ضد الضحية أو شخص آخر، وعلى أي أساس كان”، وبالتالي نصت القاعدة (90) من القانون الدولي الانساني :” يحظر التعذيب، والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية، والاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة”.
من هنا جاءت صياغة الكثير من القرارات الدولية الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة في العديد من القضايا والنزاعات الدولية ترفض قطعياً أي اجراءات او ممارسات تنطوي على التعذيب، واصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة قراراها رقم (149/52) عام 1997م، القاضي باعلان تاريخ 26 حزيران من كل عام ( اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب)، بهدف القضاء على التعذيب والمضي قدماً بتطبيق دولي شامل لاتفاقية مناهضة التعذيب المعتمدة من الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1984م والجاري تنفيذها لاحقاً ابتداء من عام 1987م، والسؤال المشروع اليوم وفي ظل ما نشاهده يومياً في وسائل الاعلام ومنذ عقود من جرائم بشعة يمارسها الاحتلال الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، من ينقذ المعتقل والاسير والمدني الأعزل الفلسطيني من التعذيب؟، كيف للعالم اليوم الصمت أمام مشاهد بثها الاعلام مؤخراً من اطلاق كلب بوليسي متوحش على مسنة فلسطينية في مخيم جباليا؟، ومن الطفل الفلسطيني المقدسي أحمد مناصرة الذي بدت على وجهه الشاحب معاناة وقسوة التعذيب؟.
تشير احصائيات المؤسسات القانونية المعنية بالأسرى الفلسطينيين ومنها مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ان عدد الاسرى في سجون الاحتلال حتى نهاية شهر نيسان عام 2024 م حوالي 9300 أسيراً فلسطينياً بمن فيه اسرى مدينة القدس، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم افصاح الاحتلال الاسرائيلي عن اعداد كبيرة من المعتقلين في قطاع غزة المحتل والضفة الغربية بعد السابع من اكتوبر لعام 2023م ( طوفان الأقصى)، حيث تبدأ معاناة الاسرى باعتقالهم الشرس المترافق مع الضرب والشتائم والاهانات ومنع الاتصال بالأهل أو المحامي ( فترة 60 يوماً من لحظىة الاعتقال وتجدد لاحقاً)، والحبس الانفرادي وما يعرف بالشبح وهو تكبيل يدي المعتقل خلف ظهره على كرسي وتثبيت رجليه بالارض ووضعيات أخرى عديدة يتفنن السجان الاسرائيلي بابتكارها، الى جانب الحرمان من الطعام والنوم والنظافة وصولاً للتهديد بالقتل وتمديد فترات السجن والاعتقال دون وجود أدلة تثبت التهم المزعومة غالباً.
ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وبمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب تذكر العالم ومنظماته الحقوقية بواقع الاسرى الفلسطينيين وما يتعرضون له من معاملة قاسية تعرض الكثير منهم بل معظمهم للخطر والاستشهاد، خاصة في ظل حكومة اليمين الاسرائيلي المتطرفة التي اعلن وزرائها بمن فيهم وزير ما يسمى الامن القومي بن غفير استهدافه للاسرى بالتضييق عليهم وزيادة معاناتهم، ومن ذلك إلغاء قانون يتيح الإفراج عن الأسير أو المعتقل الفلسطيني قبل موعد انتهاء محكوميته، اضافة الى قيام بتقليل حصة الاسير من الغذاء ومنع حقوقه بزيارة الطبيب داخل السجن علماً بتراجع وتدهور هذه الخدمة اساساً في سجون الاحتلال، والاخطر سعي بن غفير الى اقرار قانون اعدام الاسرى، وهنا يجب الاشارة ايضاً الى أن سياسة الاحتلال بحجز جثامين الشهداء الاسرى والتي بلغت عام 2024م حوالي 26 جثمان لشهيد فلسطيني، علماً بأن عدد الشهداء من الاسرى في سجون الاحتلال منذ عام 1967م بلغ حوالي 252 شهيداً.
ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وفي اطار ما يقوم به الاحتلال الاسرائيلي من حرب ابادة وتطهير عرقي ممنهجة ضد الشعب الفلسطيني وانكار لجميع الحقوق الاساسية للشعب الفلسطيني، تدعو العالم ومنظماته الشرعية الى سرعة انهاء الاحتلال ووقف حرب الابادة والعدوان التي تنكل بها الة الاحتلال الاسرائيلي وأمام نظر العالم بالمدنيين العزل في فلسطين، احتلال وحشي يضرب بعرض الحائط بالشرعية الدولية والاخلاق والفطرة الانسانية التي تحفظ للانسان كرامته وحقوقه، واليوم العالمي لمساندة الأسرى مناسبة للضمير والإرادة الدولية بمراجعة مواقفها والتوقف عن سياسة الكيل بمكيالين والدعم الظالم وعلى كافة الاصعدة لاسرائيل في حربها ضد الشعب الفلسطيني المستعمر منذ عقود.
وسيبقى الاردن شعباً وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس الداعم لاهلنا في فلسطين والقدس، بما في ذلك جهود الاعلام في فضح ممارسات الاحتلال وتذكير العالم في كل المناسبات الدولية بحجم المعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، والتي لا يقبلها حر في العالم ومع ذلك كله يستمر الظلم والقهر وفي نفس الوقت الصمود والرباط الفلسطيني في وجه ابشع احتلال عرف في العصر الحديث.

وكالة معا 1/7/20

Comments are disabled.