خطاب العرش والقدس استراتيجية وطنية وقومية شاملة

عبدالله توفيق كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

   تشكل القضية الفلسطينية وجوهرها القدس بُعداً ومضموناً هاشمياً أردنياً وطنياً وقومياً متجذراً في تاريخنا عكسته محطات نضالية وتضحيات قدم وما زال من أجلها الاردن الكثير فما من قرية وبادية ومدينة اردنية الا ومنها دم شهيد وجريح على ثرى فلسطين والقدس،  ويولي جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله هذه القضية المركزية الأولوية  في جميع اللقاءات والخطابات والمباحثات داخل الاردن وخارجه، مما يدلل على أن فلسطين والقدس ليست عنواناً لمناسبات معينة، بل هي في صميم وقلب كل هاشمي واردني، وجزءاً من البرنامج والمشروع الوطني والقومي الاردني الذي يحظى بتوجيهات ملكية سامية.

إن المتمعن في خطاب جلالته يعي بأن خطاب العرش في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الامة التاسع عشر استند على محورين هما أولهما التركيز على خطط التنمية الوطنية ونهضة الأردن وضرورة بذل الحكومات والبرلمانات مزيداً من الجهود الاصلاحية الاجتماعية والاقتصادية والادارية الشاملة، وثانيهما الحرص على تعزيز العلاقات الأردنية الدولية في إطار المصالح الوطنية والقومية، وبالتالي ينتج عن صياغة هذه المحاور قوة أردنية استراتيجية داخلية وخارجية من شأنها مساندة ودعم الاهل في فلسطين والقدس في حق تقرير مصيرهم ، حيث اكد جلالته على حل الدولتين بما في ذلك اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967م، وانطلاقاً من الجذور التاريخية و العلاقة القومية كانت وما تزال الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس هي الدرع والضمانة لحماية المقدسات بوصفها مدعومة بتأكيد عربي واسلامي وعالمي، وهي السبيل الأساسي للحفاظ على الوضع التاريخي القائم ( الاستاتيسكو) في مدينة القدس.

إن اللجنة الملكية لشؤون القدس تؤمن بأن خطاب العرش السامي هو خارطة طريق للسلام  ووثيقة روحية وتاريخية  تجسد العلاقة بين الاردن وفلسطين بما فيها القدس، وتبين اللجنة أن تأكيد جلالته بأننا الأقرب للأهل في فلسطين يتزامن مع جهود عملية وخطوات نفذتها الدبلوماسية الاردنية على الصعيد الدولي في المحافل الدولية، من خلال صدور الكثير من القرارات عن الجمعية العامة ومجلس الامن واليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية والاقليمية، ومنها قبل أيام تصويت الاردن لصالح قرارات اللجنة الرابعة في الجمعية العامة للامم المتحدة التي طالبت بوقف الاستيطان والانتهاكات الاسرائيلية في القدس وطالبت برأي استشاري عاجل لمحكمة العدل الدولية في حالة الاحتلال الاسرائيلي، إلى جانب قرارات أخرى تتعلق بالاونروا، كذلك مباركة الاردن وتأييده للعمل داخل البيت العربي بغية نصرة القضية الفلسطينية حيث شارك ولي العهد الأمير الحسين في أعمال قمة الجزائر العربية، وما تزال وستبقى التوجيهات الملكية السامية دستوراً ومنهجاً للمؤسسات الرسمية والأهلية الساعية لخدمة فلسطين والقدس.

   وتؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس بأن خصوصية خطاب العرش على امتداد تاريخ الإرث الهاشمي منذ عهد الشريف الحسين بن علي قائد النهضة العربية والملك عبد الله الاول موحد الضفتين وشهيد الاقصى  مروراً بجهود المغفور له الحسين الباني الذي تصادف ذكرى يوم ميلاده خطاب العرش السامي، تتضح بأنه لم يغفل عن فلسطين والقدس بل هي دائمة الحضور، ويتزامن حضورها مع إحياء الاهل في فلسطين لمناسبات مهمة منها ذكرى إعلان وثيقة الاستقلال التي تصادف 15 تشرين الثاني من كل عام، واليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني  التي تصادف 29 تشرين الثاني من كل عام، لذا يبقى خطاب جلالته والذي يحظى بإحترام وتقديرعالمي نموذجاً للجميع بأن تبقى القدس شغلهم الشاغل وهمهم الأوحد الذي لا يغيب عن قراراتهم وأجنداتهم وجهودهم، وهو رسالة موجهة إلى المجتمع الدولي والمحبين للسلام بأن لا سلام  ولا أمن في المنطقة على الاطلاق ما دامت اسرائيل تحتل الاراضي العربية المحتلة، وتتمسك بسياسة وشريعة القوة اعتقاداً زائفاً منها بأنها ستجلب لاسرائيل السلام المزعوم، ورسالة إلى أصحاب البرامج الحزبية والاستيطانية اليمينية المتطرفة التي تستهدف المسجد الأقصى المبارك وكل المقدسات الاسلامية والمسيحية، ويستبيحون حرمات الاسلام والمسلمين، بأن برامجهم ومخططاتهم وانتهاكاتهم لن تجدي نفعاً لوجود ارادة واحدة هو حماية القدس والمقدسات مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.

15/11/2022

Comments are disabled.