يوم للديمقراطية وعقود لديكتاتورية الابرتهايد الاسرائيلي

 عبد الله توفيق كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

     تعتبر الديمقراطية حاجة انسانية حضارية تتجاوز كونها سبيل مهم في الوصول للحريات، تشمل توفيرها الحماية للمجتمعات التي تتعرض لنهج ابادة ثقافية واقصاء استعماري يهدد هويتها وحقوقها ووجودها، ونموذج الابرتهايد الاسرائيلي يدلل على وجود مرض عصري عضال يهدد النموذج الديمقراطي المطلوب عالمياً، ليس في اطار دعوات فلاسفة ومنظري العلوم السياسية المتكررة بل من وجهة نظر عامة فئات المجتمع واتفاقهم كلهم على أن بناء قلعة الحريات يكون عماده الديمقراطية .

    اليوم الدولي للديمقراطية الذي اقرته الجمعية العامة للامم المتحدة عام 2007م وخصص للاحتفال به يوم 15 ايلول من كل عام، تأكيد عالمي بأن بيئة العدالة لا يمكن أن تتوفر بدون حريات وحقوق بما فيها حق تقرير المصير، وهنا يجب الاشارة الى أن البيئة الفكرية الاسلامية طبقت في الادارة والثقافة وكافة المناحي مبدأ الشورى، وبالتالي فإن قبول مجتمعنا للديمقراطية يأتي على قاعدة تجربة ودراية مسبقة، والمتتبع لتطبيقات الادارة العربية والاسلامية يجد الكثير من قيم التسامح والعيش المشترك سائدة، ومن ذلك بيئة مدينة القدس المحتلة، التي تعاني اليوم من واقع احتلال وابادة عرقية اسرائيلية تسعى لتهويدها واسرلتها، والعجيب أن سياسة حكومة اليمين المتطرفة بزعامة الأحزاب الدينية الصهيونية  وما تتضمنه من اعتداءات وانتهاكات وجرائم يومية تجري تحت مظلة ادعاء أنها واحة الديمقراطية في الشرق الاوسط ، ليس هذا فحسب بل نجدها تلقى دعماً من القوى الديمقراطية العالمية، التي تتحالف مع اسرائيل باسم حماية الديمقراطيات ودعمها، لذا فان العالم اليوم أمام سياسة مقياس الكيل بمكيالين احدهما يدعم الاستعمار واخر يقاومه باسم الديمقراطية، وحالة الحرب الروسية الاوكرانية وواقع الاحتلال الاسرائيلي الوحشي مؤشرات على هذه الازدواجية .

 والسؤال المشروع في هذه المناسبة العالمية موجه للأمم المتحدة تعقيباً على ما اقتبسه من كلمة الامين العام أنطونيو غوتيريش في اليوم الدولي للديمقراطية هذا العام :” نحتفل بما تحمله الديمقراطية من وعود للمجتمعات  ونعترف بالتهديدات العديدة التي تواجهها في الوقت الراهن المتسم بالتوتر والاضطراب”، فهل ابرتهايد اسرائيل من هذه التهديدات؟، ان كان لا فعن أن ديمقراطية يتحدث العالم، فكيف يمكن قبول ديمقراطية مزعومة تسعى لاقصاء كل ما هو غير يهودي ، وتعمل على تهويد ونسف جذور أي هوية وثقافة غير صهيونية، والسؤال المركزي هنا، كيف يصف البعض الاحتلال الاسرائيلي بأنه واحة ديمقراطية حديثة وحيدة في منطقتنا !، وهو يسرق ارض تاريخية ويعمل على ابادة شعبها العربي ويستعمر ويسرق موارده ويهدد مقدساته .

ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وبمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية تبين للرأي العام العالمي ان رسالة هذه المناسبة وحتى يستقيم شعارها ( تمكين الجيل القادم)، لا يمكن أن تتحق مع يوم عابر للديمقراطية وعقود مستمرة لديكتاتورية الابرتهايد الاسرائيلي، فالسلام وامال الاجيال وتطلعاتها تحتاج لارادة دولية تلزم اسرائيل بالشرعية الدولية بما فيها حق الشعب الفلسطيني باقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، فعلى دعاة الديمقراطية ومؤسساتها في العالم السعي لرفع الظلم والديكتاتورية عن الشعب الفلسطيني.

   وسيبقى الاردن شعبا وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس يبذل جهوده الدؤوبة في تعزيز ديمقراطية العدالة والحق الفلسطيني بارضه ومقدساته وحرية انسانه المصادرة والمضطهدة من حكومة الابرتهايد.

بترا 17/9/2023

Comments are disabled.