الابرتهايد الموجه ضد المرأة الفلسطينية والمقدسية في اليوم الدولي للمرأة

                                                             عبد الله كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

    يحتفل العالم في الثامن من اذار في كل عام باليوم الدولي للمرأة، بهدف التنويه بدورها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والتنموي، إلى جانب كون هذا اليوم فرصة لنشر التوعية بضرورة حصول المرأة على العدالة والحقوق التي اقرتها الشرائع والقوانين، خاصة أن المرأة تشكل أكثر من نصف المجتمع ويقع على عاتقها الدور الأبرز في التربية والتنشئة الاجتماعية لاجيال المستقبل وبناة الغد، مع الاخذ بعين الاعتبار التطورات والتحديات المعاصرة التي تستوجب زيادة الاهتمام بالمرأة من جهة وتفعيل دورها وشراكتها لزيادة وتحسين الانتاج .

   وبالرغم من تخصيص هذا اليوم الاحتفالي المعني بتعزيز شراكة المرأة العالمية، الا أن المرأة في بعض الدول والمجتمعات ما تزال تعاني محدودية الموارد وغياب العدالة الاجتماعية، والأقسى أن المرأة الفلسطينية والمقدسية تشكو تعرضها للكراهية والوحشية وسياسة الابرتهايد الاسرائيلية التي من شأنها تعريضها للخطر على حياتها ومستقبلها، فالمرأة في فلسطين والقدس هي شهيدة  وأسيرة وأرملة وأم شهيد، تدافع عن وجودها وهويتها وارضها ومقدساتها أمام أبشع احتلال عرف في العصر الحديث، حيث تظهر الاحصائيات ( أصدرها نادي الاسير الفلسطيني) أن عدد المعتقلين الفلسطينيين حتى نهاية عام 2022م حوالي 7000 معتقلاً (حوالي 3000 في مدينة القدس)، بينهم 172 معتقلة، بينما بلغ الاسرى حوالي (4700 أسيراً) بينهم 29 أسيرة وثلاث قاصرات، وهن: (نفوذ حماد، وزمزم القواسمة، وراما أبو عيشة)، وأقدمهنّ الأسيرة ميسون موسى المعتقلة منذ العام 2015، وأعلاهنّ حكماً الأسيرتان شروق دويات، وشاتيلا عيّاد المحكومتان بالسجن لمدة (16) عاماً، إلى جانب معتقلة إدارية وهي الأسيرة رغد الفني، ومن بين الأسيرات أيضاً (7) أمهات يحرمهنّ الاحتلال من رؤية أبنائهنّ، بالإضافة إلى (10) أسيرات جريحات، وأصعبهنّ حالة الأسيرة إسراء جعابيص من القدس المحكومة بالسجن مدة(11) عام وهي في حالة صحية صعبة.

    وتجدر الاشارة الى أن شعار الاحتفال لهذا العام جاء تحت عنوان ” اشراك الجميع رقمياً: الابتكار والتقنية لتحقيق المساواة بين الجنسين “، ضمن سياق تطوير مهارة ومشاركة المرأة في التكنولوجيا الرقمية وحمايتها من مظاهر العنف والكراهية ضدها عبر الانترنت، في وقت تعرضت فيه المرأة الفلسطينية لكل مظاهر التنكيل والترهيب بما في ذلك التضييق الرقمي، ومن ذلك تعرض الاسيرات في سجن (الدامون) بعد حملات اقتحام وتفتيش الى الحرمان من إجراء اتصالات هاتفية مع اسرهن، وتعطيل جهاز التلفاز، لعزلهن وما يمارس ضدهن من اعتداءات عن العالم الخارجي ، كل ذلك ضمن سياسة حكومة الاحتلال الاسرائيلي القائمة على منع نشر أي معلومات على شبكة الانترنت بخصوص الاسيرات بشكل خاص وواقع المرأة الفلسطينية في ظل الاحتلال بشكل عام، كما يجري اغلاق وتهكير المواقع والصفحات المعنية بالمرأة الفلسطينية.

ان يوم المرأة العالمي مناسبة تذكر العالم بجريمة الاحتلال ضد الاهل في فلسطين والقدس بما في ذلك المرأة ومعاناتها، فحقها في الحياة والتعليم والعيش بكرامة يغيب في ظل الاحتلال الاسرائيلي، مما يتطلب من المنظمات الدولية والعالم الحر النهوض فوراً لنصرتها ورفع جحيم الاحتلال عنها، فظلم المرأة الفلسطينية يعني التعدي على الأسرة كلها في ظل قيامها بالاعباء الاقتصادية  والتربوية كلها بسبب قتل أو اسر رب الاسرة، لتكون هي المعيل والمربي والمنقذ للطفولة ومجتمعها الذي يعاني الاحتلال، الذي تنشط فيه حركات نسائية اسرائيلية متشددة مثل ( حركة نساء لأجل الهيكل تأسست عام 2001م)، تقوم فلسفتها على قمع حقوق الشعب الفلسطيني بمن فيهم المرأة الفلسطينية.

ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وفي اطار الموقف الاردني الراسخ شعبا وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس تدعو العالم ومنظماته أن تتجه بوصلتهم وانسانيتهم في جميع هذه الاحتفالات والمناسبات العالمية نحو فلسطين وشعبها المظلوم، وان تكثف مساعدتها للمرأة الفلسطينية الاسيرة والجريحة والتي تعاني في كل مظاهر حياتها لتضييق والعنف الاسرائيلي في ظل حكومة اسرائيلية يمينية تقوم فلسفتها على تهجير وطرد الشعب الفلسطيني وحرمانه بمن فيهم النساء من كافة الحقوق والاساسيات الانسانية التي لا تستقيم الحياة بدونها، وعلى الاعلام اليوم مسؤولية اخلاقية بان يفضح جرائم الاحتلال والمشاهد اليومية للعنف والتقتيل والضرب الذي تتعرض له المرأة والطفلة الفلسطينية على الحواجز الامنية الاسرائيلية بشكل وحشي.

    وسيبقى الاردن بكافة قطاعاته ومؤسساته السند والداعم للمرأة الفلسطينية وكافة افراد المجتمع الفلسطيني حتى نيل حقوقهم بما فيها اقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.

الرأي 8/3/2023

Comments are disabled.