المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال والقدس

عبد الله توفيق كنعان

أمين عام اللجنة الملكة لشؤون القدس

        يستذكر الأردن والأمتين العربية والاسلامية في هذه الأيام الذكرى الـ(87) لميلاد المغفور له الملك الحسين بن طلال، ومن المعروف أن لجلالته  جهود كبيرة في التأسيس لمسيرة بناء الأردن والتي يقود نهضتها اليوم وبكل حكمة واقتدار جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله، حيث بقي جلالته متمسكاً بميراث الاباء والاجداد من بني هاشم الأخيار ومؤكداً جلالته على المواقف الثابتة تجاه فلسطين وجوهرتها القدس، والتي لخصها جلالته في خطاب العرش بالأمس بأننا الاقرب اليهم ندعم صمودهم وحقهم التاريخي والشرعي في اقامة الدولة الفلسطينية على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967م، وستبقى الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس توفر لها الرعاية والحماية .

       ويشكل موقف جلالة المغفور له الحسين بن طلال تجاه القضية الفلسطينة والقدس نقطة مركزية في تاريخ النضال العربي والاسلامي، بوصفه قد شكل عبر الزمن الدرع الذي حماها من مشاريع الاحتلال والتهويد الاسرائيلية طوال عدة عقود، ففي عهد جلالته رحمه الله  استمر رباط ونضال الجيش العربي الأردني في فلسطين والقدس حيث قدم الكثير من الشهداء والجرحى على ثراها فما من قرية وبادية ومدينة اردنية الا ومنها شهيد وجريح على ثرى فلسطين، ليتمكن الاردن من الحفاظ على الجزء الشرقي من مدينة القدس حتى عام 1967م، وخلال الادارة الاردنية للضفة الغربية استمرت جهود الرعاية والوصاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية، حيث تمّ انشاء لجنة إعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة بموجب قرار قانون رقم (32) لسنة 1954م، والتي قامت بالعديد من الانجازات كان منها البدء باعادة صنع منبر صلاح الدين الايوبي والذي اعيد الى مكانه في المسجد الاقصى المبارك في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني عام 2007م، وفي عهد الحسين رحمه الله صدرت الارادة الملكية السامية بانشاء اللجنة الملكية لشؤون القدس عام 1971م، والتي تنشط اليوم بدورها الى جانب مؤسسات رسمية أخرى مثل الصندوق الهاشمي لاعمار المسجد الاقصى وقبة الصخرة المشرفة عام 2007م، اضافة الى ذلك كله استمرت جهود الاردن في عهد الحسين رحمه الله في دعم الاوقاف الاسلامية والمسيحية في القدس كما اقيمت العديد من الكليات والمدارس في مدينة القدس والتي ما يزال الكثير منها قائما حتى اليوم يواجه حركة التهويد والاسرلة الشرسة ضد التعليم في القدس.

       و استثنى الملك الحسين بن طلال رحمه الله المقدسات الاسلامية والمسيحية من قرار فك الارتباط  الإداري والقانوني والذي جاء بطلب عربي وفلسطيني بعد مؤتمر الرباط عام 1988م، وقد اتخذ جلالته هذا القرار بغية ابقاء السيادة على القدس في ايدي عربية فلسطينية،  حيث استمرت الوصاية والرعاية الهاشمية التاريخية لهذه المقدسات من خلال إعمارها وصيانتها وبتبرع شخصي من جلالته لهذه الغاية، وعلى صعيد النشاط الدبلوماسي ترك جلالته القنوات مفتوحة للحوار حول السلام وفق قرارات الشرعية الدولية ومنها قرار مجلس الأمن 242/1967م، و قرار (338/1973م)، معتبراً جلالته :” ان الرمز الحقيقي للسلام هو القدس وعودتها عربية هو المعيار  الوحيد لصدق الداعين الى السلام في المنطقة”، وقد صرح رحمه الله برؤيته العادلة للسلام في العديد من المحافل الدولية في هيئة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها وفي اللقاءات والقمم الدولية والاسلامية والعربية وفي كافة الخطابات والمقابلات الوطنية والعالمية، كما وفر الاردن المظلة الدبلوماسية للاشقاء في فلسطين خلال مرحلة المفاوضات برعاية دولية خلال العقود الماضية، وبموجب هذه الثوابت والمنطلقات الأردنية تمّ موافقة الأردن على إعلان واشنطن وتوقيع معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية بتاريخ 17/10/ 1994م، والتي نصت على أن : “تحترم اسرائيل الدور الحالي الخاص للملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الاسلامية في القدس، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستولي اسرائيل أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن”، نظراً لاهمية هذا الدور في الحفاظ على الوضع التاريخي القائم في القدس والصمود في وجه مخططات التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الاقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، حيث صدرت العديد من القرارات الدولية عن الجمعية العامة ومجلس الامن ومنظمة اليونسكو لصالح القضية الفلسطينية ومنها قرار اليونسكو عام 1981 م المتضمن تسجيل القدس( المدينة القديمة واسوارها) على قائمة التراث العالمي وتسجيلها عام 1982م على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، اذ اتضحت دبلوماسية وتوجيهات الملك الحسين رحمه اهتم في تحقيقها.

 ومن المعروف للقاصي والداني أن المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال بذل جهوداً كبيرة في مسيرة النضال والدفاع عن القضية الفلسطينية وإلى جانبه ولي عهده آنذاك صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال الذي كان وسيبقى يعتبر القضية الفلسطينية والقدس قضيتنا الوطنية والقومية والانسانية الابرز.

   إن اللجنة الملكية لشؤون القدس وهي تستذكر وشعبنا الأردني وأمتنا العربية والاسلامية وجميع الأحرار في العالم الذكرى الـ(87) لميلاد الملك الحسين بن طلال رحمه الله ملك السلام ورمز الوفاء والاخلاص  للقضية الفلسطينية، تؤكد تمسكها بالثوابت التي دافع عنها المغفور له الملك الحسين بن طلال وبني هاشم وتضحياتهم وخلفهم الشعب الاردني على مدى التاريخ، وتدعو المنظمات الاقليمية والدولية والقوى العالمية الداعية للسلام إلزام اسرائيل بتنفيذ القرارات الشرعية الدولية الخاصة بفلسطين والقدس، وعليها وقف جرائمها اليومية ضد الشعب الفلسطيني مؤمنين واثقين بحكمة قيادتنا الهاشمية وعزيمة شعبنا، مطمئنين إلى أن الأردن بقيادته الهاشمية ستبقى الداعم والسند لفلسطين والقدس مهما بلغ الثمن وكانت التضحيات، وكلنا يقين بان ميلاد الحسين رحمه اه ش يمدنا بالاصرار والعزم على النهضة والتنمية والمضي قدماً في مشروع الاصلاح الوطني الشامل الذي يقوده جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله.

15/11/2022

Comments are disabled.