النكبة الفلسطينية مآساة شعب لم تنتهي

                                                  عبد الله توفيق  كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

  يصادف غدا الـ15 من أيار/ مايو من كل عام الذكرى السنوية الـ75 لنكبة الشعب الفلسطيني، والتي كان ابرز ملامحها تطهير عرقي وحشي، شملت تهجير نحو 750 ألف فلسطيني قسراً من مدنهم وبلداتهم الأصلية يعيشون اليوم في مخيمات اللجوء(58 مخيماً) والشتات حتى بلغ عددهم 7 مليون لاجىء حسب احصائيات الاونروا، كانوا يعيشون في 1300 قرية ومدينة فلسطينية، إذ سيطرت العصابات الصهيونية خلال النكبة على 774 قرية ومدينة فلسطينية، تم تدمير 531 منها بالكامل، وتعرض أهلها الى أكثر من 70 مجزرة أخرها مجزرة غزة قبل أيام، واقيمت مكانها وعلى كامل اراضي الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة عام 1967م حوالي 176 مستوطنة، و186 بؤرة استيطانية صهيونية حملت أسماء عبرية ذات دلالات توراتية وتلمودية اسطورية، بهدف محو الذاكرة والهوية التاريخية العربية الفلسطينية، ونشر سردية صهيونية مزيفة كبديل للرواية والتاريخ الفلسطيني.

    وأمام هذه المأساة والابادة الانسانية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني ما تزال اسرائيل ( السلطة القائمة بالاحتلال)، تمارس مخططها في استكمال النكبة وتعميق جرحها من خلال استبدال مصطلح النكبة بآخر هو الاستقلال والتأسيس، والنهج اليومي بالقتل والاسر والاعتقال ومصادرة الاراضي تحت قانون التسوية ونظام المحميات الطبيعية والمتنزهات وأوامر استملاك باطلة، وهدم المنشآت وتشريع القوانين العنصرية ومحاصرة المدن والبلدات الفلسطينية واقتحام المقدسات الاسلامية والمسيحية، وسياسة التضييق الاجتماعي والاقتصادي الشامل على أهلنا، ولا شك أن مدينة القدس المحتلة ونظراً لرمزيتها التاريخية والدينية والقومية تتصدر أجندة الصهينة والتهويد لحكومة اليمين الصهيونية، لفرض الهوية المزيفة والسيادة غير القانونية عليها، والسعي لطرد سكانها العرب واحلال المستوطنين مكانهم، بغية الاحاطة بالمسجد الاقصى المبارك باخلاء الاحياء واقامة الكنس( معابد يهودية) والحدائق التلمودية ومشاريع خدماتية استيطانية.

  ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وهي تستذكر مع الشعب الفلسطيني والامتين العربية والاسلامية والعالم الحر ذكرى النكبة المؤلمة، تؤكد أن العالم ومنظماته الشرعية التي تزامن قيام معظمها مع النكبة، هم اليوم أمام مسؤولية اخلاقية انسانية تتمثل بضرورة إزالة واقع النكبة وجراحها عن الشعب الفلسطيني المظلوم، وإلا فإن مفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان وتقرير المصير وغيرها شعارات فارغة لا قيمة لها، ما دام العالم يشاهد أمامه الاعتداء عليها وضربها بعرض الحائط من قبل اسرائيل، لذلك فإن الارادة الدولية بكافة مؤسساتها السياسية والقانونية والحقوقية والاعلامية أمام اختبار حقيقي لقياس جديتها، ومطالبة بوقف سياسة الكيل بمكيالين والانحياز غير المبرر لاسرائيل، والسعي فوراً الزام اسرائيل بقرارات الشرعية الدولية بما فيها حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، خاصة أن الجمعية العامة للامم المتحدة اعلنت غدا 15 ايار موعداً لاحياء ذكرى النكبة، وكلنا أمل بأن تقر ايضاً الجمعية العامة بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين .

  وتؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس وانطلاقاً من الدور التاريخي الثابت والراسخ للاردن شعباً وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، أن الدعم والمساندة للاهل والاشقاء في فلسطين والقدس ستبقى نهجنا وبوصلتنا مهما كان الثمن وبلغت التضحيات، فذكرى النكبة الفلسطينية تبعث في أمتنا التصميم على الوحدة، وتبث في نفس الاعلامي والسياسي والمثقف والحر الشعور بواجبه تجاه قضيته الأولى، فالرواية والهوية والقضية الفلسطينية التاريخية والشرعية يجب أن تبقى بوصلتنا وقضيتنا الحية في الضمائر، لا ننشغل بغيرها أبداً فهي رمز الرباط والصمود والنضال.

بترا 15/5/2023

Comments are disabled.