ذكرى عيد ميلاد جلالة الملك عبد الله الثاني

  يحتفل الشعب الاردني هذا اليوم بمناسبة وطنية قومية هاشمية عزيزة على قلوبنا وقلوب الأمتين العربية والاسلامية وجميع الاحرار من محبي السلام والعدالة في العالم وهي ذكرى عيد ميلاد جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله، وهي مناسبة نستذكر معها مسيرة جلالته الوطنية والقومية والانسانية ومن محطاتها الهامة دور جلالته تجاه فلسطين والقدس.

  إن قضية فلسطين وجوهرتها القدس من بحرها إلى نهرها بوصلة القيادة الهاشمية ومن خلفها الشعب الاردني، فالتضحيات الاردنية والهاشمية لاجل قدسيتها وعروبتها وحق شعبها العربي الفلسطيني معروفة للقاصي والداني، فما من قرية وبادية ومدينة اردنية الا ومنها دم شهيد أو جريح على ثرى فلسطين والقدس الطهور، حيث ترتبط الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية في القدس بحادثة اسراء ومعراج جد بني هاشم الاعظم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وترتبط الوصاية على المقدسات المسيحية في القدس بالعهدة العمرية التي حافظ على رسالتها السمحة الهاشميون.

وفي التاريخ الحديث للوصاية الهاشمية بدأ بمبايعة الشريف الحسين بن علي  ملكا على العرب عام 1917م بما في ذلك الدعاء له على منابر المسجد الاقصى المبارك، وعام 1924م طالب اهالي فلسطين والقدس بالشريف الحسين وانجاله أوصياء على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، هذه الوصاية التي جاء التأكيد عليها عام 2013م بين صاحب الوصاية جلالة الملك عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، هي وصاية شاملة ليست اعمار ورعاية فقط بل جهد دبلوماسي ودعم استراتيجي متواصل لا يتوقف.

 واليوم فإن القدس ثابت في الفكر الهاشمي للملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله، حيث يعتبر فكره وموقفه الراسخ امتداداً لفكر الآباء والأجداد من بني هاشم الاخيار، فسار  جلالته ومازال وسيبقى على نهج ووصية جدهم قائد الثورة والنهضة العربية الشريف الحسين القائمة على التمسك بفلسطين والقدس مهما كان الثمن وبلغت التضحيات، ومن مرتكزات سياسة جلالته تمسكه بضرورة حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية المتمثلة باقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967م، ويدعو جلالته  باستمرار في جميع المحافل واللقاءات الدولية اسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال) الالتزام بقرارات الشرعية الدولية اذا ارادت العيش بسلام، وتركها لسياسة ونهج الاستفزازات غير المقبولة والتي من شأنها جر المنطقة لحرب دينية لا يمكن التنبؤ بنتائجها.

كما صرح جلالة الملك عبد الله الثاني بأن القدس خط أحمر، وأعلن انه “كلا على التوطين وكلا على القدس وكلا على الوطن البديل”، وتشكل القضية الفلسطينة والقدس اكثر من ثلت او نصف مساحة خطابات ومقابلات جلالة الملك في المحافل الدولية وذلك جزءاً من جهد الوصاية على الصعيد الدبلوماسي المهم في توضيح القضية الفلسطينية للعالم والراي العام، ففي مقابلة جلالته مع قناة (سي ان ان) الاخيرة ، قال جلالته : لابد أن نشعر بالقلق حيال قيام انتفاضة جديدة، وإن حصل ذلك، فإنه قد يؤدي إلى انهيار كامل”، وقد استحق الملك عبدالله الثاني بسبب طروحاته ورؤيته للسلام وحل القضايا المركزية وفي مقدمتها فلسطين والقدس احترام العالم في خطابات الامم المتحدة ( الجمعية العامة والكونجرس الامريكي)، وجوائز تقديرية منها جائزة تمبلتون عام 2018م حيث تبرع جلالته بجزء منها لاعمار المقدسات المسيحية في القدس، وجائزة مصباح السلام عام 2019م وجائزة رجل الدولة الباحث 2019م وجائزة الطريق الى السلام عام 2022م، وجائزة زايد للاخوة الانسانية عام 2022م، ومن المعلوم أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس كانت من أسس وركائز استحقاق جلالته لها.

لقد استمر جلالة الملك حفظه الله بجهود الاعمار الهاشمي للمقدسات الاسلامية والمسيحية في مقدمتها المسجد الاقصى المبارك وكنيسة القيامة، ومن مبادرات جلالته مبادرة عام 2012م وتتضمن إنشاء وقفية باسم “وقفية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين الكرسي المكتمل لدراسة فكر الإمام الغزالي ومنهجه”، ومبادرة عام 2016م المتعلقة باعمار (القبر المقدس) في كنيسة القيامة، ومبادرة عام 2022م وتتضمن انشاء وقفية المصطفى لختم القرآن الكريم في المسجد الاقصى المبارك، من خلال اقامة حلقات تعليمية لحوالي 1000 قارىء ومتعلم للقرآن الكريم ، وفق برنامج تنظيمي محدد وباشراف الاوقاف الاردنية، والغاية منها تعزيز الرباط داخل المسجد الاقصى على مدار اليوم والعام.

  كما تواصل وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية  جهودها بتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني من خلال مديرية الأوقاف ومجلس الأوقاف والمحاكم الشرعية في القدس التابعة للقضاء الشرعي ودائرة قاضي القضاة الأردنية، وحوالي 1000 موظف تابع لها هناك، إضافة إلى أكثر من 50 مدرسة وقفية تشرف عليها الوزارة، ومن المعروف أن الحكومة الاردنية تواصل دورها وبتوجيهات ملكية وعبر مختلف وزاراتها ومؤسساتها الرسمية والاهلية دعم القطاعات الثقافية والاقتصادية والصحية والتعليمية في القدس، ولاجل القدس وحمايتها تعمل العديد من المؤسسات والهيئات المعنية منها لجنة اعمار المسجد الاقصى وقبة الصخرة المشرفة عام 1954م، واللجنة الملكية لشؤون القدس عام 1971م ، والصندوق الهاشمي لاعمار المسجد الاقصى وقبة الصخرة المشرفة عام 2007م بالتزامن مع اعادة منبر صلاح الدين الايوبي الى موقعه التاريخي في المسجد الاقصى المبارك، ولجنة اطباء لاجل القدس التابعة “لنقابة الاطباء الاردنية” و”لجنة مهندسون لاجل القدس” التابعة لنقابة المهندسين الاردنية، واكثر من 25 جمعية أهلية أردنية .

ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وهي تبارك لجلالة الملك والاسرة الهاشمية والشعب الاردني والامتين العربية والاسلامية وجميع الاحرار ودعاة السلام في العالم بهذه المناسبة الغالية، تؤكد أن ما يجري اليوم من تطورات خطيرة في فلسطين بشكل عام والقدس بشكل خاص من انتهاكات واعتداءات، وفي وقت تتولى فيه حكومة اليمين الاسرائيلية المتشددة والمتمثلة بالاحزاب الصهيونية السلطة، يستدعي دعم ومساندة جهود الوصاية الهاشمية علما بانها وصاية تحظى بتاييد وتاكيد دولي في جميع اللقاءات والمؤتمرات، نظراً لاهميتها الاستراتيجية وكونها جزء من الوضع التاريخي القائم (استاتيسكو) الذي يطالب العالم به، كما تمثل الوصاية الهاشمية وبجهود جلالة الملك عبد الله درعاً يحمي فلسطين والامة من المخططات الصهيونية واجندة احزاب ومنظمات الهيكل المزعوم، وتحافظ الوصاية على الهوية الثقافية التاريخية العربية للقدس .

كما تؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس أن ذكرى عيد ميلاد جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله هي مناسبة وطنية وقومية وانسانية، نستذكر معها  بفخر وشموخ مسيرة قائد وملك هاشمي يدافع عن الحق ويدعو للوئام والسلام العادل وحق شعب مظلوم محتل بتقرير مصيره واقامة دولته المستقلة، من هنا يشكل جلالته نموذجا ومثالا عالمياً للقيادة الانسانية التي تشكل للاجيال مناخا للعمل والانجاز لمستقبل مشرق.

30/1/2023

Comments are disabled.