القدس أولوية اردنية على الدوام وملف مركزي دولي تفرضه الظروف الراهنة

عبدالله توفيق كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

تواصل حكومة اليمين الاسرائيلية وعلى الرغم من التنديدات الدولية والمخالفة الصريحية للقرارات والشرعية الدولية، برنامجها السياسي الحزبي الصهيوني المستند في تنفيذه على زعامات الصف الاول من الاحزاب الدينية، الساعية نحو ارضاء المستوطنين المتطرفين، وكسب تأييدهم لها في اطار التذمر والمعارضة الاسرائيلية الداخلية تجاه ملفات وفي مقدمتها الاصلاح القضائي، وهي سياسة ظهر للعالم كله بأنها عنصرية اقصائية دفعت بالاوضاع الى توتر شديد واتساع واضح في دائرة المواجهة المباشرة مع اسرائيل على كافة الجبهات في المنطقة، زاد من حدتها اجراءات الاحتلال الوحشية مؤخراً، خاصة السعي المتواصل في مخطط التهويد والاسرلة للقدس والمتزامن مع اقتحام المسجد الاقصى المبارك، الحرم القدسي الشريف تمهيدا لتغيير الأمر الواقع والتقسيم الزماني والمكاني واقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه، هذه الاسطورة المختلقة الذي اثبتت الدراسات عدم وجود أي قرائن علمية وتاريخية لوجوده، وهو ما اكدته اليونسكو اعتمادا على خلاصة لجانها المتخصصة ليصدر تأكيدها في أكثر من قرار على أن المسجد الاقصى المبارك بمساحته الكلية 144 دونماً ملكاً اسلامياً خالصاً ولا علاقة لليهود به.واليوم ونحن نستذكر مذبحة دير ياسين الشرسة بحق الشعب الفلسطيني الاعزل في ايلول عام 1948م، نعيش مذابح واقتحامات وجرائم مستمرة، لاتقل وحشية عن بربرية عقود من اعتداءات العصابات الصهيونية التي أصبحت تتصدر المشهد مرة أخرى من خلال منظمات الهيكل وميليشيا بن غفير المزمع تشكيلها، فاقتحام المسجد الأقصى المبارك وطرد المصلين العابدين منه بوحشية، ومنعهم من الوصول إليه في هذا الشهر الفضيل، هي بلا شك محاولة متعمدة لإرهاب ديني ينتهك القيم والاخلاق والقوانين الدولية، التي توجب ايقاع العقوبات بحق اسرائيل، لو كانت هناك إرادة وموضوعية دولية بعيداً عن الكيل بمكيالين .ولمواجهة العنجهية والانتهاكات والدبلوماسية الاسرائيلية المضللة، إضافة الى الاعلام الصهيوني الناشط في بث الرواية التلمودية وتقديم اسرائيل بشكل كاذب للعالم كضحية، ينشط الاردن على كافة الصعد لمساندة الاهل في فلسطين عامة والقدس بشكل خاص، حيث تزداد الجهود الاردنية في هذا الوقت العصيب بالتزامن مع التصعيد الاسرائيلي الخطير، ومن الجدير بالذكر أن الاستراتيجية الاردنية تسير وفق التوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله صاحب الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، وتتبنى مسارات محددة، فهي أولاً استراتيجية استباقية حذرت العالم في اكثر من مناسبة من خطورة التصرفات الاسرائيلية واثرها المباشر على السلام والأمن في المنطقة والعالم، واستراتيجية التعاطي مع الأحداث بالتمسك بالشرعية الدولية وقراراتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية بما فيها حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.وخلال الأحداث الاخيرة والتي ما تزال تداعياتها مستمرة، سارع الأردن واستثمارا لمكانته وعلاقاته الدولية الجيدة وبالتنسيق مع الاخوة الفلسطينيين خلال اللقاءات المتواصلة ومع الاشقاء والاصدقاء للعمل الدبلوماسي الدؤوب على الصعيدين العربي والاسلامي في اطار الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي وعلى الجانب الدولي في مجلس الأمن، وقد جاء الخطاب السياسي الأردني مؤكداً على ضرورة الانهاء الفوري للانتهاكات واحترام الادارة الحصرية للاوقاف الاردنية على المسجد الاقصى المبارك، والوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، ويساند الموقف الرسمي الاردني موقف شعبي متعاضد مع الاشقاء من خلال المسيرات الاحتجاجية والفعاليات الاقتصادية والمبادرات الداعمة للمقدسيين، والسياسة الاردنية في جوهرها يمكن وصفها بالتراكمية ، أي أن الاعمارات والمبادرات الملكية والمجتمعية وكافة وجوه الدعم الصحي والاقتصادي والتعليمي والاعلامي الاردني للقدس وفرت حالة صمود مقدسية راسخة .إن اللجنة الملكية لشؤون القدس وفي ظل التطورات المتلاحقة في الاراضي الفلسطينية المحتلة وسباق التهويد الصهيوني المرفوض ضدها، تؤكد على الالتزام الاردني بدوره التاريخي الأمين، الذي تجلى في تضحيات الاردنيين على مدار التاريخ نصرة لفلسطين، وفعاليته في مسار الاسناد الميداني المباشر المتواصل برفع التضييق الاسرائيلي الشامل على شعبنا الفلسطيني، اضافة إلى وعي الاعلام الاردني بمسؤوليته في تعرية السلوك الاجرامي الاسرائيلي ونشر الرواية الفلسطينية العربية صاحبة الحق التاريخي والشرعي والتصدي للمصطلح الاعلامي الصهيوني المخادع الذي يقلب الحقائق، فما يزال الضمير والبوصلة الاردنية موجهة نحو فلسطين والقدس وستبقى حتى نيلهم لحقوقهم التاريخية.وترى اللجنة أن تعمد الحكومة الاسرائيلية تأجيج الاوضاع واستفزاز المليارات من المسلمين لا يمكن أن ينجح في توفير أمنها المزعوم، وسعيها الهادف لخلط ملفات معارضتها الداخلية، وترحيل أزمتها وتحويلها الى نقمة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، لذا فإن تاكيد العالم المتواصل على الوصاية الهاشمية ومطالبته اسرائيل بوقف انتهاكاتها ودعوتها الحفاظ على الوضع التاريخي القائم ( استاتسكو) في مدينة القدس، جميعها مرتكزات أصبحت اليوم ضرورة ملحة للسلام والاستقرار.

10/4/2023

Comments are disabled.