اليوم العالمي للسكان وواقع ملايين المشردين والمهجرين

عبد الله توفيق كنعان

 أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

    أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة ، بموجب قرارها  رقم( 45/216) المؤرخ في كانون الأول/ديسمبر 1990م، الاستمرار بالاحتفال باليوم العالمي للسكان والذي بادر به مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 1989م، للتركيز على القضايا السكانية، باعتبارها الهاجس الأكثر الحاحاً في مسيرة التنمية المستدامة في عالم يشهد تسارع على مختلف المجالات، خاصة أن التقديرات الحالية  تشير إلى أن ما يقرب من 83 مليون شخص يُضافون إلى سكان العالم كل عام، حيث من المتوقع أن يبلغ سكان العالم في حدود عام 2030م حوالي ثمانية مليارات ونصف نسمة.

      ونظرة فاحصة لسكان فلسطين المحتلة، يكشف عن تهجير اسرائيل نحو مليون نسمة عام 1948م وحوالي 200 الف نسمة عام 1967م، واليوم يبلغ عدد ابناء الشعب الفلسطيني حوالي 14 مليون نسمة، نصفهم يعيش في فلسطين التاريخية والنصف الآخر في المهجر، يعيش الكثير منهم في (58) مخيماً للجوء، ازدادت معاناتهم نتيجة  للاعتداءات والانتهاكات  الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة و الاقتتال والظروف الاقتصادية الصعبة في سوريا ولبنان حيث تتواجد هذه المخيمات، إضافة للتحديات التي تواجهها وكالة ( الاونروا) المعنية باللاجئين الفلسطينيين، خاصة في القطاعات التعليمية والصحية ( طبيب واحد لكل 100 مريض يومياً)، كذلك نقص في التبرعات والتمويل الذي تأثر بقرارات سياسية دولية، ومثال تخفيض التمويل الأمريكي مقدار الثلثين بقرار من ادارة ترامب عام 2018م، وعلى الصعيد الداخلي في الاراضي المحتلة فان سياسة التضييق الشامل الاسرائيلية بما فيها معادلة التهويد (التهجير مقابل الاستيطان)، تجعل من القضية السكانية الفلسطينية مسألة معقدة في تداعياتها، ومن ذلك تزايد نسبة الكثافة السكانية والتي بلغت في غزة حوالي 4353 نسمة لكل كيلو متر واحد، وارتفاع في نسبة البطالة لتبلغ حوالي 25%، وما نسبته 36% تحت خط الفقر من سكان فلسطين المحتلة لعام 2022م، وانعدام لمنظومة الأمن الغذائي بما نسبته 23% في الضفة الغربية و 53% في قطاع غزة، وذلك حسب احصائيات مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، وهذا معناه أن ملايين البشر من ابناء الشعب الفلسطيني في سجن مغلق يفتقر لكافة المعايير الدنيا للحياة.

  إن اللجنة الملكية لشؤون القدس وبمناسبة احتفال العالم باليوم العالمي للسكان،  ترى أنه آن الاوان للتعامل الجاد مع الشعب الفلسطيني خارج معطيات الارقام والاحصائيات والحسابات الدبلوماسية الدولية المنحازة لاسرائيل، باعتبارالشعب الفلسطيني بشر لهم حقوق انسانية تُمليها الاخلاق والشرائع والقوانين الانسانية والدولية، والتي تفرض على المنظمات المعنية طرح وتنفيذ برامج عملية  تعليمية وصحية واقتصادية وخدماتية متنوعة، لانقاذ أرواحهم وتوفير المتطلبات الاساسية التي تليق بانسانيتهم التي تتعرض يومياً لبرامج إبادة وابرتهايد صهيوني بغيض، فمن حقهم تقرير مصيرهم واقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، باعتبارها ضمانة سلام دائم وحاضنة شرعية وتاريخية للوجود والهوية الفلسطينية السكانية توفر لهم الحقوق والخدمات اللازمة.

وتؤكد اللجنة الملكية على ثبات الموقف الأردني شعباً وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس المستمر في دعم أهلنا في كافة المجالات، بما في ذلك رسالته الانسانية المنسجمة مع الدعوات العالمية الداعية لاستغلال الفرصة السكانية المعنية باستثمار النمو السكاني في تنفيذ برامج واستراتيجيات تجلب العيش الكريم للمواطن الفلسطيني المحروم من أبسط الاحتياجات، وتحقق التطور للمجتمعات الانسانية جميعها، وتجنبها ويلات الحروب والتحديات الاقتصادية وتعالج المشكلة السكانية الأخطر المتمثلة بالهجرة واللاجئين وغيرها من المصاعب، لذا فان الحاجة اليوم هي صحوة عالمية تعيد النظر في أطول معاناة استعمارية في عالمنا المعاصر يتعرض لها الشعب الفلسطيني، تسعى لرفع الظلم عنهم وتلزم اسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية.

بترا 10/7/2023

Comments are disabled.