أعياد الميلاد المجيدة في مناخ الابرتهايد والعدوان الاسرائيلي  المتصاعد في فلسطين

عبد الله توفيق كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

     تشكل الاعياد الدينية والمناسبات الوطنية والقومية، التي تحتفل بها الشعوب في كل أنحاء العالم وبحسب تقويمها وتاريخها، مناسبة انسانية تنتشر معها قيم التسامح والتعايش بين المجتمعات، ولكن هذه الحالة لها خصوصيتها في فلسطين المحتلة، اذ يعمد الاحتلال الاسرائيلي إلى تعكير صفو الأعياد والمناسبات وتعطيل جميع مظاهر الفرح والسرور المفترضة، وذلك ضمن نهج الابرتهايد القائم على سياسة التضييق الشامل ضد اهلنا في فلسطين من المسلمين والمسيحيين ، ليتحول الواقع الفلسطيني الى مناخ ظلم يصعب معه الحصول على ابسط الحقوق والحريات وفي مقدمتها حق الاعتقاد والعبادة وممارسات الطقوس الدينية بحرية مطلقة.

        واليوم وفي وقت تستعد فيه الطوائف المسيحية في مختلف ارجاء المعمورة للاحتفال بعيد الميلاد المجيد،  يقبع المسيحيون كما هو حال المسلمين في فلسطين بين سَّندان الاحتلال ومطرقة حرب التهويد والاسرلة الاسرائيلية الدائرة منذ عقود، وكلاهما من السياسات العنصرية التي تهدف بهما الصهيونية إلى محو الثقافة العربية الاسلامية والمسيحية، وتغييبها عن المشهد الحضاري الفلسطيني الأصيل، وبمختلف مظاهرها بما في ذلك الأعياد والمناسبات التي يحييها الشعب الفلسطيني وبصورة نقلتها من مجرد احتفالات دينية و وطنية الى صورة من الرباط والصمود والنضال ضد الاستعمار، هذه الأعياد الدينية ( الاسلامية والمسيحية) عادة ما تعاني بفلسطين من أمرين هما : أولاً  تزامن العديد منها باعياد ومناسبات يهودية صهيونية، يُفرض بسببها الاغلاق وحظر التجوال ومنع الحركة واغلاق شامل للمؤسسات الفلسطينية الاقتصادية والاجتماعية، بحجة واهية هي حماية مواكب المستوطنين التي تحولت لوسيلة ومظهر استعماري يتمثل بالاقتحامات ومهاجمة الشعب الفلسطيني والاعتداء على ممتلكاته، والأمر الثاني هو تزامن الاعياد الاسلامية والمسيحية بشكل مستمر مع سياسة الاعتقال والقتل والابعاد التي تمارسها اسرائيل في كل وقت دون توقف، بل تزيد حدتها في مواسم الاعياد والمناسبات الفلسطينية.

    وبينما تستقبل الكنائس المسيحية في الاراضي المقدسة المحتلة عيد الميلاد المجيد، ينغص الاحتلال الاسرائيلي عليهم هذه المناسبة الدينية والتي تحمل في طياتها رسالة السلام والأمن التي جاء بها جميع الانبياء عليهم السلام، وذلك من خلال العدوان الاثم والوحشي المستمر على أهلنا في قطاع غزة المحتل وفي مدن الضفة الغربية بما فيها القدس، والتي ارتقى على اثرها الاف الشهداء والجرحى واكثر من مليون ونصف نازح في مناخ من القصف الهمجي ونقص حاد للمواد الغذائية والطبية، قطاع غزة الذي دائما يمنع ابناء الطائفة المسيحية فيه من مشاركة الاحتفالات المسيحة في مدن الضفة الغربية بسبب الحصار الاسرائيلي القائم منذ 17 عاماً والمتصل بالوقت نفسه بالاحتلال والاستعمار القائم منذ عقود على فلسطين، ففي غزة  التي ذكرت في الكتاب المقدس وانتشرت فيها الكنائس المسيحية منذ القرن الخامس الميلادي حيث يوجد عدة كنائس هي ( الكنيسة المعمدانية والكنيسة الأرثوذكسية اليونانية وكنيسة العائلة المقدسة للاتين)، ويتعرض المسيحيون فيها الى خطر الابادة بسبب القصف الاسرائيلي الوحشي، خاصة ان العالم شاهد تعمد اسرائيل قصف الكنائس في غزة .

   ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وبمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد تؤكد أن استراتيجية الاحتلال ومخططه الصهيوني يستهدف كل مكونات الشعب الفلسطيني الاسلامية والمسيحية انسانها وارضها ومقدساتها، وهي حرب ابادة اعلنها الاحتلال منذ عقود، يدل على ذلك محاولاته المستمرة تهجير اهل فلسطين والتضييق على مظاهر حياتهم كافة،  الامر الذي يستدعي هبّة عالمية فورية لوقف حرب الابادة الاسرائيلية وانهاء الاحتلال، فأرض السلام والانبياء والمقدسات اصبحت اليوم وبسبب الاحتلال تفتقد لكل ذلك.

وتؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس على وقوفنا جميعاً في الاردن جميعا خلف جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في تحذيره العالمي من مخاطر التضييق على المسيحيين في اعيادهم، ورفضه المساس بمقدساتهم، ودعوته الراسخة بان نكون متحدين للدفاع عن المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس وفلسطين، وتؤكد اللجنة على الثوابت الاردنية قيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس وشعباً والالتزام التاريخي بواجبنا الخالد في الوقوف مع الاهل والمقدسات في القدس وفلسطين على الدوام مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.بترا 21/12/2023

Comments are disabled.