التضامن مع الشعب الفلسطيني

عبد الله توفيق كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

    ان يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني والذي اعلنته الجمعية العامة للامم المتحدة بموجب قرار ها رقم ( 40/32ب) لعام 1977م، ويصادف اليوم الذي اقرت فيه الامم المتحدة قرار التقسيم عام 1947م، يشكل اعترافا عالميا رسمياً بالظلم التاريخي الذي وقع على الشعب الفلسطيني، وهو صحوة ضمير انساني يجب ان تتجسد في تفعيل الارادة الدولية بالزام اسرائيل بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية بما فيها حق الشعب الفلسطيني وحل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.

 تاتي مناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني هذا العام، بالتزامن مع حرب الابادة الاسرائيلية الشرسة على قطاع غزة المحتل اضافة الى تعرض مدن الضفة الغربية لحملة اقتحامات وقتل واعتقالات متواصلة، ومن المعروف ان مدينة القدس بمقدساتها الاسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الاقصى المبارك، في فوهة الاجرام والمجازر الاسرائيلية، فكان عنوان ( طوفان الاقصى) نداء انساني نضالي للعالم بان يتضامن مع الشعب الفلسطيني ويساهم في انقاذه من الابرتهايد الاسرائيلي، خاصة ان حكومة اليمين المتطرفة الاسرائيلية تسارع في انجاز مخططات الحركة الصهيونية التي سبقت ملامحها النكبة عام 1948م، اذ تعود جذور ذلك الى عام 1799  حيث وجه نابليون رسالة الى يهود العالم باستعداده على مساعدتهم على الاستيطان في فلسطين، رغبة منه بالحصول على قروض مالية من اليهود لتمويل حملته على مصر وبلاد الشام حينها، ولاحقا كان مؤتمر بال عام 1897م التي تبلورت مع اهداف الحركة الصهيونية ومشروعها بانشاء الوطن القومي لليهود، واعقب ذلك وعد بلفور عام 1917م والتسهيلات التي قامت بها حكومة الانتداب البريطانية باقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين التاريخية والاعتراف به عام 1948م، ولم تنتهي المؤامرة الظالمة على الشعب الفلسطيني عند هذه المحطات التاريخية القاسية بحق الانسانية والشعوب الحرة، بل ساندتها مواقف بعض الدول التي تدعي الديمقراطية وحقوق الانسان من خلال تصريح الرئيس الامريكي السابق ترامب المتعلق باعلانه عام 2017م، مدينة القدس العربية عاصمة مزيفة لاسرائيل، هذا النهج الذي يتم دعمه اليوم امام نظر الراي العام العالمي ومنظماته الشرعية من خلال سلاح الفيتو وسياسة الكيل بمكيالين والانحياز لمصالح اسرائيل.

ان اعلان الجمعية العامة بان تكون احتفاليتها لهذا اليوم باقامة معرض بعنوان ( فلسطين أرض وشعب) ليجسد النكبة الفلسطينية في الذكرى 75، يفرض على الذاكرة العالمية الرسمية والشعبية ان تحيي مأساة مئات الالاف من الشهداء الفلسطينيين ونزوح ولجوء الملايين، وما زال اكثر من 7 ملايين فلسطيني في المهجر ينتظرون تنفيذ حقهم الشرعي بالعودة الى وطنهم، هذه النكبة التي يشاهدها العالم في ابادة اهلنا في قطاع غزة المحتل والاقتحامات الدموية ضد اهلنا في الضفة الغربية بما فيها القدس، نتج عنها حوالي  15093 شهيداً، و38900 جريحاً، و1650000 نازحاً، و234000 وحدة سكانية متضررة ، و3200 معتقلاً، الى جانب سياسة اسرائيلية متواصلة في هدم البيوت ومصادرة الاراضي وجرفها واقتلاع الاشجار والاسر والاعتقال واصدار القوانين العنصرية والمضي في تسمين المستوطنات وانشاء البؤر والمستوطنات الاستعمارية في كامل الاراضي الفلسطينية المحتلة.

وتؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني أن الجرح الفلسطيني النازف والظلم الواقع عليه منذ عقود طويلة من الاستعمار والاستبداد والابادة الاسرائيلية، تتطلب تضامنا عالميا في كل لحظة لانقاذ الملايين من البشر الفلسطينيين من جريمة ابادة شرسة سيكون على العالم كله تحمل مسؤوليتها بسبب صمته وعدم جديته في اتخاذ ما يلزم من ردع وعقوبات توقف الجريمة الاسرائيلية البشعة في عصر يتغنى فيه العالم بأنه مناخ للديمقراطية وحقوق وكرامة الانسان، ولكنها للاسف شعارات فارغة من مضمونها واكبر دليل على عجزها ما يجري بحق الشعب الفلسطيني من مذبحة كبرى تمارس باقسى واخطر انواع الاسلحة واكثرها فتكاً.

وتبين اللجنة الملكية لشؤون القدس ان الاردن شعبا وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس ممثلة بصاحب الوصاية جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله، سيبقى على عهده ومسؤوليته التاريخية الاصيلة في الدفاع عن الشعب الفلسطيني ونصرته سياسياً ودبلوماسيا واقتصاديا في كافة المجالات وبكل الامكانيات المتاحة مهما كان الثمن وبلغت التضحيات، ويوم التضامن مع الشعب الفلسطيني رسالة لكل كاتب واعلامي وسياسي ودبلوماسي ومثقف بل لكل انسان حر يؤمن بالعدالة ويتمسك بشرعية القانون والحق بأن يعمل بجميع طاقاته على فضح ممارسات الاحتلال وتنبيه العالم من أن ما يحدث سيكون كارثة اخلاقية وسبباً مباشراً في زوال اي أمل بالسلام والامن في العالم.بترا 29/11/2023

Comments are disabled.