استقلال فلسطين بين وثيقة الاعلان و واقع الاستعمار الاسرائيلي

عبد الله توفيق كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

      تهدف القرارات السياسية الدولية في غالبها الى تحقيق مصالح الأفراد والجماعات المنبثقة عنها، كذلك تعتبر عامل مساعد في توجيه العمل الدبلوماسي المعني بتنفيذ هذه القرارات للسعي بفعالية ونشاط أكبر، ولكن تبقى القرارات السياسية الدولية قاصرة عن تحقيق اهدافها اذا لم تحظ برعاية ومساندة دولية والأهم الاعتراف بقبولها، وفيما يخص واقع القضية الفلسطينية وعلى مدار عقود نلاحظ أن القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة أو عن السلطة الفلسطينية تبقى في الهامش وغير مطبقة، ولكن تنقلب الموازين والمعادلات اذا كان القرار السياسي صادر عن سلطة الاحتلال الاسرائيلي حيث يتم الاسراع من قبل بعض الدول ذات التاثير العالمي بقبولها وتطبيقها والعمل على الزام الجميع بها استنادا لسياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها بعض القوى للأسف.

   ان وثيقة اعلان الاستقلال الفلسطيني الصادرة عن المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1988م، نموذج للقرارات السياسية التي لم يتم قبولها دوليا أو تفعيل مضامينها، على الرغم من حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره استنادا للمواثيق الدولية بما في ذلك المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم المتحدة لعام 1919م، ولاحقا قرار التقسيم رقم (181) للعام 1947 م، وغير ذلك من المواد القانونية والقرارات الدولية ذات الصلة والتي تؤيد هذا التوجه،  ولكن هذه الخطوة المهمة ساهمت لاحقا في استحقاقات سياسية فلسطينية دولية منها قرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم(19/67) عام 2012م والمتضمن :” حصول فلسطين على مركز دولة غير عضو لها صفة المراقب في الأمم المتحدة”، والذي فتح المجال لفلسطين في الانضمام إلى العديد من المعاهدات والاتفاقيات والمؤسسات الدولية، ما يتيح للفلسطينيين الاستفادة منها في ادانة الاحتلال والمطالبة بمعاقبته كما هو الحال في  عدد من القضايا التي تنظر فيها محكمة العدل الدولية،  وفي عام 2015م جرى في الامم المتحدة رفع علم فلسطين على مبنى الامم المتحدة الى جانب اعلام 193 دولة.

  ان اللجنة الملكية لشؤون القدس في ذكرى ال 35 لاعلان وثيقة استقلال فلسطين، تؤكد  على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره استنادا لقرارات الشرعية الدولية بما في ذلك حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية،  ويجدر التذكير بأن ظروف اعلان وثيقة الاستقلال جاءت متزامنة مع اندلاع الانتفاضة الاولى ما بين عامي (1987-1988م)، لذا ونظراً لما نشهده اليوم من الحرب الاسرائيلية الوحشية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وكافة المدن الفلسطينية المحتلة والتي يتعرض فيها اهلنا لابادة عرقية وتقتيل وتهجير هو حصيلة مخططات صهيونية بما فيها وعد بلفور المشؤوم الذي يصادف هذا الشهر ايضاً، فلابد للعالم الحر الباحث حسب شعاراته عن السلام والامن السعي لتطبيق قرارات الشرعية والزام اسرائيل بها بما فيها حق الشعب الفلسطيني بارضه ومقدساته وكرامته الانسانية.

وتؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس على الموقف الاردني شعبا وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس والمتمسك بالشرعية الدولية وقراراتها المجمع عليها والمعبرة عن الارادة والمطالبة الدولية، والداعية لضرورة نيل الشعب الفلسطيني حقوقه بما فيها دولته المستقلة، والى ضرورة وقف حرب الابادة التي يتعرض لها على مدار تاريخ طويل من الاستعمار الاسرائيلي بما في ذلك الحرب الجنونية على غزة، وكما قال جلالة الملك عبد اهوا الثاني :” حل الدولتين انتصار لانسانيتنا المشتركة..، وان القيادة الإسرائيلية التي لا ترغب في سلوك طريق السلام على أساس حل الدولتين لن تكون قادرة على توفير الأمن الذي يحتاجه شعبها“.

وسيبقى الاردن شعبا وقيادة في كل الظروف والاوقات السند لاهلنا في القدس وغزة ونابلس والخليل وكل فلسطين المحتلة مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.

الراي 16/11/2023 ص4

Comments are disabled.