عبد الله توفيق كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

   تتعرض فلسطين المحتلة بكافة مدنها وقراها إلى نهج استعماري مستمر قائم على تنفيذ حملة ابرتهايد اسرائيلية تقودها حكومة اليمين المتطرفة، وتحظى للاسف بدعم من بعض الدول التي تدعي الديمقراطية وتتبع سياسة الكيل بمكيالين والانحياز لاسرائيل، وقد زادت مؤخراً  من خلال قيام اسرائيل بحرب ابادة  على قطاع غزة المحتل، متذرعة كذباً بحماية نفسها ووصفها كل من يقاومها  ويناضل لتحرير فلسطين بأنها حركة أو مؤسسة غير شرعية، وهذا التزييف الاسرائيلي الذي تروجه عبر اعلامها للغرب يشكل معارضة صريحة وتناقض مع اتفاقية جنيف ولاهاي وبروتوكلاتها والاتفاقيات وقرارات الشرعية الدولية الصادرة عن هيئة الامم المتحدة والمنظمات التابعة لها، والتي تجعل جميعها شرعية وحق للشعوب المستعمرة في مقاومة الاحتلال وتقرير مصيرها.

      أن الاعتداءات الاسرائيلية وحربها الجنونية تستدعي قيام جهود عربية مشتركة وفاعلة تساهم في الوقف الفوري للحرب على غزة وايجاد طريق تفاوضي لحل القضية الفلسطينية انطلاقاً من قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية القائمة على حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما تأمله وتتطلع له كافة الشعوب العربية التي خرجت معظمها في مسيرات حاشدة وحملات مقاطعة واسعة تندد بالاحتلال الاسرائيلي وتطالب بمحاسبته وحماية الشعب الفلسطيني من حرب التطهير العرقي التي يتعرض لها، وبالتالي فإن القمة العربية الطارئة التي ستنعقد في الرياض، في هذا الوقت العصيب وفي ظل استمرار الهجمة الاسرائيلية الشرسة وسط غضب شعبي وانساني من عدم اتخاذ مجلس الامن رغم انعقاده عدة مرات بخصوص غزة لقرار يمنع نزيف الدم الفلسطيني، وكذلك عدم فعالية قرار الجمعية العامة بخصوص الدعوة لوقف القتال واعلان هدنة انسانية والذي جاء بجهد اردني عربي مشترك،  تدفع الجميع للنظر الى القمة العربية المنتظرة بعين التفاؤل لبروز ملامح وحدة في الموقف العربي الذي اتضح في قرار الجمعية العامة من جهة، ومن جهة أخرى عين المتطلع لضرورة اتخاذ خطوات عملية ونتائج ملموسة تصل الى حجم الحدث المأساوي الذي يتعرض له اهلنا في فلسطين وغزة، موقف منتظر نأمل أن تتجاوز فيه القمة القادمة مواقف التنديد والاستنكار ، وتبلغ القدرة على  ايجاد اليات ووسائل تضمن حماية الشعب الفلسطيني ووقف الحرب والمجازر الشرسة على غزة واقتحام اسرائيل للمدن الفلسطينية، والسعي الفوري نحو الزام اسرائيل الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني التاريخي والشرعي باقامة دولة فلسطينية مستقلة على ترابها الوطني.

ان اللجنة الملكية لشؤون القدس تؤكد أن وحدة الامة العربية والاسلامية والانسانية يمكن لها ان تحقق الكثير في سبيل نصرة الشعب الفلسطيني، خاصة في ظل الصمود البطولي للشعب الفلسطيني في غزة، الى جانب بروز ظاهرة التعاطف العالمي الكبير معه،  وهذا العالم الحر يتألم من مناظر القتل التي تقوم بها اسرائيل ضد النساء والاطفال والاستمرار في سياسة التضييق والحصار القاتل للابرياء، ويضغط على حكوماته ومسؤوليه بوقفها، الامر الذي يساند ويدعم موقف قمة الرياض العربية، والتي من اسلحتها القوية ملامح التكاتف العربي وموجة التنديد العالمية وبروز ما يمكن تسميته التنافس الغربي على المصالح والذي بات واضحا مع تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية ودخول الصين أيضاً مضمار التنافس العالمي، بمعنى أن التاييد من قبل القوى العالمية المتنافسة لصالح العرب والقضية الفلسطينية يمكن ان يشكل قوة اضافية تدفع المجتمع الدولي نحو الضغط على اسرائيل والزامها بقرارات الشرعية الدولية.

ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وعلى صعيد الدور الاردني وجهوده في وقف العدوان الاسرائيلي على غزة والمطالبة بانهاء الاحتلال ووقف الاستيطان والعمل الدولي على الحل العادل للقضية الفلسطينية باعتبار ذلك اساس الصراع المتجذر منذ عقود، تؤكد أن القيادة الهاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس ومن خلال الجولات واللقاءات الملكية لجلالة الملك عبد الهذ الثاني حفظه اهرى وجلالة الملكة رانيا العبد اهاس وسمو ولي العهد الامير الحسين بن عبد اهلع الثاني والتوجيهات السامية الدائمة للحكومة اثمرت في جهد دبلوماسي واضح في الجمعية العامة وفي الزيارات المتكررة من قبل مسؤولين اوروبيين وامريكيين للاردن، وضعهم الاردن امام مسؤولياتهم الاخلاقية والانسانية، كذلك يستمر الاردن في مد يد العون والمساعدة للشعب الفلسطيني عبر المستشفى الميداني العسكري في غزة وعبر غيره من قنوات الدعم والمساعدات المختلفة،  الامر الذي يتطلب تاييد ودعم عربي للموقف والجهود الاردنية والعمل بشكل متناسق ومكمل لها للحصول على نتائج دولية من شأنها دعم الشعب الفلسطيني.

وسيبقى الاردن شعبا وقيادة هاشمية السند الداعم للاهل في فلسطين مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.

الرأي 10/11/2023

Comments are disabled.