إفريقيا عمق عربي واسلامي وانساني مهم للقضية الفلسطينية

                                                  عبد الله كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

  يمثل الرأي العام الدولي ورقة ضاغطة على مسار وموقف الدول تجاه القضايا الانسانية، وفي هذا الاطار يعتبر الرأي العام الدولي ركيزة مهمة لدعم القضية الفلسطينية وجوهرتها القدس، خاصة أن دول العالم المستقلة مكون للمنظمات والاتحادات الدولية، والتي غالباً ما يكون لها دور في مناقشة القضية الفلسطينية والتصويت على القرارات المتعلقة بها في أروقة الأمم المتحدة ومنظماتها التابعة لها، وهنا يبرز الكيان الجيوسياسي والدبلوماسي الافريقي الذي يجب عدم اغفاله عند البحث في مسالة التعاطي مع القضية الفلسطينية وجوهرتها القدس على الصعيد الدولي .

  تتقاسم قارة افريقيا مع فلسطين المحتلة الرابط التاريخي والديني وتحديداً بالنسبة للاشقاء في افريقيا العربية، بينما تتقاسم كل القارة الاوروبية مع فلسطين ذاكرتها التاريخية في المعاناة من الاستعمار والابرتهايد الذي عانته افريقيا لسنوات طويلة، فالانسان الافريقي الذي قاسى تجارة الرقيق (العبيد) وتعرض لاكبر سرقة موارد اقتصادية على مدار التاريخ باسم الاحتلال، لا شك انه ينظر إلى فلسطين المحتلة من عين المتألم لم تتعرض له من مسار حديث مشابه يتمثل في الاحتلال والقمع والتقتيل والتضييق الاسرائيلي الشامل، وبالرغم من ذلك فقد استطاعت اسرائيل الدخول افريقيا بالاستفادة من الارث الامبريالي الاستعماري، حيث كان للمؤسسات والشركات الصهيونية دور بارز في الاستعمار والامتداد في افريقيا وامريكا اللاتينية، ويمكن القول ان التعاون العسكري والزراعي من خلال وزارة الدفاع والخارجية والزراعة الاسرائيلية هي المدخل لقلب افريقيا، بتدريب جيوشها وتحسين زراعتها ودعم اقتصادها  مقابل توفير سوق للبضائع الاسرائيلية،ومنذ وقت مبكر أسس في اسرائيل مؤسسات معنية بافريقيا ففي عام 1960م أقيمت دائرة تدريب الاجانب ولاحقاً مركز التعاون الزراعي مع البلدان النامية والمعهد الاسيوي الافريقي، وغيرها من المعاهد التي ساهمت في الابقاء على العلاقات والصلات وثيقة مع افريقيا حتى اليوم.

  وبالرغم من هذه العلاقات الى أن افريقيا ولاسباب قومية وتاريخية وانسانية ساهمت في  فضح الممارسات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، ومن ذلك مساهمة الكثير من دول افريقيا في صياغة وتقديم مقترحات لقرارات في منظمة هيئة الامم المتحدة  ضد اسرائيل، ومن ذلك عام 2016م تقديم دول ومنها السنغال صيغة قرار يدين الاستيطان الاسرائيلي، وفي عام 2017م صوتت على العديد من دول افريقيا على القرار التاريخي في الجمعية العامة برفض اعلان ترامب القدس عاصمة مزعومة لاسرائيل، وفي عام 2022م صوت الاتحاد الافريقي على رفض قبول اسرائيل في الاتحاد بصفة دولة مراقب، وتناقلت وسائل الاعلام الموقف المشرف الافريقي الرافض لمشاركة افراد من وفد اسرائيلي في القمة الافريقية في العاصمة اديس ابابا، حيث تم طردهم كاشارة تضامن مع الشعب الفلسطيني .

ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وفي اطار قرار محكمة العدل الدولية السماح للاتحاد الافريقي المشاركة في المداولات التي تتعلق باحتلال اسرائيل لفلسطين والانتهاكات بحق الانسان والارض والمقدسات في فلسطين والقدس، تؤكد أن هذا الامر من شأنه زيادة الضغط والتجريم الدولي لممارسات اسرائيل، اذ سيشكل الاتحاد الافريقي ومنظمة التعاون الاسلامي والجامعة العربية فريق واحد يفضح جرائم واعتداءات اسرائيل، ويساهم في صدور قرار لصالح القضية الفلسطينية، الأمر الذي يحتاج الى جولة دبلوماسية عربية واسلامية في القارة الافريقية لكسب تأييد جميع دول الاتحاد الافريقي لصالح قضية فلسطين والقدس، وعلى الاعلام العربي والاسلامي والعالمي الحر مواجهة الدعاية والرواية الاسرائيلية المضللة في افريقيا والتي تقلب الحقائق، خاصة عند بعض السكان اليهود فيها، والذين بالرغم من الدعاية الصهيونية القوية نجد منهم  من يرى في الحق الفلسطيني حق تاريخي مشروع.

ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وهي تثمن المواقف الافريقية والدولية المناصرة للحق الفلسطيني تؤكد ان مثل هكذا موقف مناصر طبيعياً لانه يقف مع الحق والشرعية، علماً بان الدبلوماسية والاعلام الاردني ينشط في توضيح الاوضاع الصعبة ضد اهلنا في فلسطين والقدس، وسيبقى الاردن شعبا وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس مهما كان الثمن وبلغت التضحيات داعما ومناصرا للشعب الفلسطيني في كل محفل دولي حتى ينال حقوقه التاريخية المشروعة باقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس.

الدستور 17/4/2023

Comments are disabled.