اليوم العالمي للعيش في سلام استحقاق فلسطيني طال انتظاره  

                                                  عبد الله توفيق  كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

    يجد المهتم بأن الجمعية العامة للامم المتحدة قد دأبت نحو تخصيص أيام وأسابيع ومناسبات القصد منها نشر مفاهيم المحبة والوئام والعيش وفق مبدأ الحقوق والحريات الثابتة، وفي هذا السياق نرصد للأسف الحالة المقدسية والفلسطينية المؤلمة، بما تتضمنه من واقع الاحتلال الاسرائيلي وما ينتهجه من جرائم وحشية، تدفعك كأنسان مباشرة للسؤال عن مدى جدوى هذه الأيام، وعن ضرورة البحث في إمكانية تفعيلها، والخروج بها من مجرد شعارات ودعاية انسانية، لتصبح مسار عمل وفكر يمكن تطبيقه بهدف خلاص الشعوب من أزمة الاحتلال ومظاهر الابرتهايد( العنصرية) ومرضها الفتاك.

    فإلى جانب مناسبات الخامس عشر من أيار، مثل قرار الأمم المتحدة احياء ذكرى النكبة الفلسطينية واليوم الدولي للأسر ولا يخفى على أحد الحالة الكارثية التي تعيشها الأسرة الفلسطينية من فقدانها لجميع المقومات الاساسية للحياة الكريمة، فقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017م، يوم السادس عشر من أيار كل عام، مناسبة للاحتفال بـ(اليوم الدولي للعيش معاً في سلام)، بغية أن يتحقق لثمانية مليار انسان يعيشون على كوكبنا ما يأملونه من مناخ يغيب عنه العنف والتطرف والارهاب وتتوفر فيه ثقافة السلام، خاصة أن من مقاصد الامم المتحدة تحقيق التعاون الدولي والقضاء على جميع المشاكل والتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والانسانية، من خلال الحوار القائم على احترام الحريات والحقوق وعدم التطاول عليها، الأمر الذي يحتاج بالضرورة الى وجود قوة ردع وعقاب تحاسب المعتدي وتضع حداً لتجاوزاته من خلال ادارة عالمية تتمسك بالعدالة وتنبذ سياسة الكيل بمكياليين.

  واليوم وفي ظل حالة الخذلان والتذمر العالمية مما يجري في فلسطين المحتلة، بسبب ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الأعزل من صنوف القتل والتشريد والاسرلة والتهويد، فإن شعارات ومطالب الجمعية العامة ومنها العيش في سلام للأفراد في جميع المجتمعات على اختلاف اعراقها وعقيدتها، لم تعد مقنعة للجميع وتحديداً ضحايا الاحتلال والظلم، ولابد من سياسة عالمية تعيد الثقة واليقين بالعمل الانساني الأممي، بما في ذلك الزامية وجود ارادة دولية شرعية توقف نزيف دم الشعب الفلسطيني المنكوب منذ 75 عاماً.

  إن اللجنة الملكية لشؤون القدس وانطلاقاً من الموقف الاردني الثابت شعباً وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، تجاه فلسطين والقدس ارضها وانسانها ومقدساتها، تؤكد أن رسالة مناسبة اليوم العالمي للعيش في سلام هي نشر ثقافة السلام العادل الملتزم بالتاريخ والشرعية الدولية بما فيها حق الشعب الفلسطيني باقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، هذه الثقافة التي تحتاج لبرامج تنفيذية حقيقية تعتمدها المنظمات الدولية وتساندها المؤسسات الاعلامية والثقافية تضع القضية الفلسطينية أمام عيونها، وتجعلها ملفها وبوصلتها الأبرز، فكيف للسلام أن يعم المنطقة ما دامت فلسطين والقدس محتلة ويمارس ضد شعبها مسلسل لا يتوقف من الاعتداءات.

الدستور 16/5/2023 ص5

Comments are disabled.