شهر اغسطس بين اسطورة الحزن اليهودية وواقع جريمة الابرتهايد الاسرائيلية

                                                              عبد الله توفيق كنعان                                                          أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

 شكل التقويم التاريخي الحضاري ذاكرة انسانية تسجل الانجازات الوطنية والقومية وتنشر قيم التسامح والسلم المجتمعي، ولكن يبدو أن المخطط الصهيوني القائم على التزوير  وثقافة الاسطورة كان له رأي آخر، يتجه نحو استغلال التقويم التاريخي لخلق (رزنامة) أحداث تخدم أهدافه التهويدية، حيث ربط الفكر الصهيوني الكثير من المناسبات والاحداث الكاذبة والمحرفة بتواريخ وأيام محددة يحتفل بها ويستغلها كمناخ تجري فيه طقوس تلمودية واقتحامات واعتداءات شاملة ضد المقدسات الاسلامية والمسيحية في فلسطين والقدس بشكل خاص.

   وبالوقوف على شهر أغسطس( آب) يلاحظ  المدقق أن هناك عملية ممنهجة ومدروسة، تتضمن اجراءات ربط  مخادعة من قبل اليهود، غايتها ايجاد تاريخ وثقافة  يهودية صهيونية مزعومة من جهة، ومحاولة صناعة دراماتيكية لليهود تظهرهم كضحايا، لكسب مواقف الدول العظمى واستعطاف الراي العام نحوهم من جهة أخرى، ففي شهر اغسطس يستذكر اليهود بعض الاحداث التي يدعونها، منها بتاريخ 9 اغسطس عام 586ق.م دمر الهيكل المزعوم وتم سبي اليهود على يد نبوخذ نصر، وبتاريخ 9 اغسطس عام 70م دمر الهيكل المزعوم مرة اخرى على يد تيطس الروماني، وفي 8 اغسطس عام 1877م تمكن المستوطنين الصهاينة من اقامة أول مستوطنة شمال يافا وسميت ( بتاح تكفا)، وفي اغسطس1897م عقد مؤتمر بال الصهيوني الذي حول الفكر الصهيوني الى حركة سياسية تسعى لانشاء وطن قومي لليهود في فلسطين التاريخية، وفي 21 اغسطس عام 1969م قام الصهيوني دينيس روهان بحرق أجزاء من المسجد  القبلي، وفي اغسطس عام 1979م قامت مجموعة صهيونية متطرفة (غوش ايمونيم) بالتخطيط لتدمير المسجد الاقصى المبارك ولكن المحاولة الخطيرة فشلت، وفي 3 اغسطس عام 2011م ناقش الكنيست مشروع بناء التلفريك للربط بين الشطرين الغربي والشرقي من القدس بهدف تغيير الهوية التاريخية للمدينة وتسهيل نقل المستوطنين للمدن المحتلة.

     ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وفي ظل تصاعد وتيرة الاعتداءات الصهيونية على أهلنا في القدس في شهر اغسطس الحالي وبشكل يومي كما هو الحال دائما على مدار شهور وعقود الاحتلال، تؤكد أن هذه الحملات الأمنية الاسرائيلية والاقتحامات اضافة لاجراءات التهجير والاستيطان والقتل والاسر وهدم البيوت واخلاء الاحياء والقرى وابعاد اهلها، تسعى منظومة الاحتلال ربطها بمناسبات مزعومة تحاول بها ايجاد مناخ تعزز بها مشاركة الحركات اليهودية المتطرفة وتحاول به خديعة الاعلام العالمي، علما بانها مناسبات مستحدثة بشكل خبيث لترسيخ اسطورة الهيكل وارض الميعاد، بدليل أن جميع الاحداث التاريخية المزعومة في هذا الشهر تدور حولها.

وتبين اللجنة الملكية لشؤون القدس على ضرورة توعية الراي العام العالمي من خلال كافة وسائل الاعلام بخطورة ما يسمى شهر اغسطس الحزين عند اليهود، والتاكيد انه شهر تلمودي سياسي استيطاني لا علاقة له بالحقائق التاريخية التي اكدها العلماء بمن فيهم علماء غربيين ويهود اشاروا لعدم وجود الهيكل المزعوم أو اي دلائل اثرية تدعم الاساطير الصهيونية في فلسطين التاريخية، لذا على جميع المؤسسات الاعلامية والثقافية العربية والاسلامية والعالمية الحرة مواجهة مثل هكذا مزاعم لانها تتعارض مع التاريخ الصحيح وثقافة السلام والامن التي تنادي بها الامم المتحدة وتطالب بها شعوب العالم المؤمنة بالسلام.

وسيبقى الاردن شعبا وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس متمسكاً بقرارات الشرعية الدولية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وبحق أهلنا في الدفاع عن هويتهم وثقافتهم وتاريخهم في وجه الاسطورة والممارسات الصهيونية.

بترا 29/8/2023

Comments are disabled.