مسيحيو القدس يعانون الاعتداء والاقصاء الصهيوني

عبدالله توفيق كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

تتعرض مدينة القدس المحتلة انسانها وأرضها ومقدساتها لحرب تهويد وصهينة اسرائيلية ممنهجة مستمرة، ولم تعد أي قداسة دينية اسلامية أو مسيحية بعيدة عن الأذى والانتهاك الاسرائيلي، فكما هو واقع اقتحام المقدسات الاسلامية ومنع المصلين المسلمين من العبادة والصلاة في المسجد الاقصى المبارك والاحتفال بأعيادهم، كذلك هو الحال بالنسبة للمسيحيين الذين يمنعون من الوصول الى كنائسهم والاحتفال بأعيادهم ومناسباتهم الدينية، ليصحو العالم الحر اليوم أمام آلة استعمار  اسرائيلية وقودها العنصرية والاقصاء ضد كل ما هو غير يهودي صهيوني، استناداً لفكرهم وايدلوجيتهم المظللة القائمة على الاساطير والاكاذيب التلمودية الملفقة.

     إن ممارسات المستوطنين البربرية المحمية من حكومة وشرطة الاحتلال الاسرائيلي ضد المقدسات المسيحية أصبحت صورة اعتيادية تتناقلها وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، ومسار خطير يذكرنا والعالم الحر بتاريخ طويل من الاعتداءات، بما في ذلك مصادرة الأوقاف والممتلكات المسيحية وتحويلها لكنس وعقارات يهودية مزعومة، وعمليات الهجوم ومحاولات حرق الكنائس وسرقة محتوياتها والعبث بها، وسياسة فرض الضرائب بخاصة الأرنونا (المسقفات) وطرد وتهجير الاسر المسيحية و التضييق عليهم في الاعياد والمناسبات الدينية التي بدلاً من نشر مناخ الوئام والرحمة تحولها اسرائيل بقوة السلاح والترهيب الى حرب تضييق وتهويد شاملة.

    ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وفي إطار متابعتها ورصدها للممارسات الاسرائيلية المتطرفة ضد أهلنا المسيحيين في مدينة القدس، تؤكد للرأي العام العالمي الحر أن حقيقة وحشية الاحتلال وحكومته الحزبية الدينية الصهيونية لا تفرق بين مكونات الشعب الفلسطيني العربي، كما تسعى هذه الحكومة الاسرائيلية بشكل متسارع لتنفيذ مخطط تفريغ المدينة المقدسة من أهلها واحلال المستوطنين مكانهم، وفرض السيادة الروحية والزمانية التي تدّعيها على كل مقدس فيها، فالمستوطن المستعمر يرى أن الفصح اليهودي هو العيد الوحيد والشرعي في المدينة، وان الحرب الفكرية والعملية ضد الفصح المسيحي وعيد الفطر والاضحى الاسلامية مشروعة من وجهة نظره الفاشية.

  وترى اللجنة الملكية لشؤون القدس أن ما يتعرض له المسيحيون في غمرة احتفالاتهم بالاسبوع المقدس ( من احد الشعانين حتى أحد الفصح) من الاعتداء عليهم اثناء مسيرهم عبر درب الالام في القدس القديمة، ومنعهم من الوصول من مدن غزة والضفة الى كنيسة القيامة في القدس وتحديد أعدادهم المصرح لها، يستدعي موقفاً عالمياً موحداً يرفض الاقصاء الديني الاسرائيلي الذي لم يكتف باقتحامه للمسجد الاقصى المبارك وطرد المصلين والاعتداء عليهم بالضرب والاعتقال، بل يعلنها حرب دينية شاملة في فلسطين ضد المسلمين والمسيحيين، هذه الوحشية الاسرائيلية المتنامية يومياً بسبب الصمت الدولي الذي تفهمه اسرائيل بأنه ضوء أخضر يسمح لها بالتطاول والاستعلاء على كل مقدس، لذلك لا بد من صحوة دولية سياسياً واعلامياً نصرة للشعب الفلسطيني مسلمين ومسيحيين، وضرورة التوقف الدولي فوراً عن سياسة الكيل بمكيالين وسياسة الانحياز المرفوض لاسرائيل.

   ان الاردن شعباً وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، يؤكد حق شعبنا الفلسطيني بحرية العبادة واقامة الصلوات ليعم السلام والعدل والحرية على منطقتنا والعالم، فقد آن الاوان ان يعي العالم بأن الاحتلال يشكل خرقاً للشرعية والاخلاق والاعراف الدولية ولابد من محاسبته، وسيبقى الاردن مهما كان الثمن وبلغت التضحيات متمسكاً بحق اهلنا بمقدساتهم وارضهم وتقرير مصيرهم واقامة دولتهم الفلسطينية وعاصمتها القدس، وسيبقي الشهيد والاسير والمعتقل والمرابط المسلم والمسيحي نموذجاً للنضال في وجه الظلم والاستبداد الاسرائيلي، فلا كرامة لعربي مسلم ومسيحي ما دامت فلسطين والقدس ومقدساتها محتلة.16/4/2023

Comments are disabled.