من سيوقف الاستيطان؟؟

عبدالله كنعان – أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

تسابق سلطات الاحتلال الإسرائيلي الزمن في فرض وقائع إضافية على الأرض الفلسطينية المحتلة عبر إقرار مزيد من المخططات للضم والتوسع العنصري لا سيما في مدينة القدس المحتلة، في مسعى لتقويض حل الدولتين. ففي كل يوم تطالعنا وسائل الإعلام الإسرائيلية بنشر سلطات الاحتلال قرارات صادرة عن مسؤولين إسرائيليين تتضمن إقرار بناء آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية، وإعلان مناقصات لبناء أحياء يهودية جديدة في القدس – وهو أسلوب جديد في الاستيطان – أو تسمين المستوطنات الموجودة، وآخر هذه القرارات بناء حي يهودي جديد في مستوطنة “جفعات هاموس” جنوب القدس ومخطط بناء (9000) وحدة استيطانية على أراضي مطار قلنديا وبناء (1530) وحدة استيطانية في مستوطنة “رمات شلومو” على أراضي شعفاط، و(570) وحدة استيطانية في مستوطنة “هارحوماه” على أراضي بيت صفافا في جبل أبو غنيم، هذا بالإضافة إلى محاولة سيطرتها على أحياء وقرى مقدسية كاملة كحي الشيخ جراح وقرية سلوان وقرية العيسوية وأجزاء كبيرة من أراضي الأغوار.

ولعلها في ذلك تستغل الأيام الأخيرة لولاية ترمب الذي أعطاها الضوء الأخضر للقيام بذلك، ويأتي ذلك ضمن الممارسات العدوانية الإسرائيلية المتعددة، وفي سياق إقامة مشاريع تهويدية تشدد الخناق على مدينة القدس وتتجاهل وجود (350) ألف فلسطيني فيها. فمنذ حزيران عام 1967م قامت إسرائيل ببناء عدد من المستوطنات في مدينة القدس وفي محيطها تزيد عن (60) مستوطنة إضافة إلى البؤر الاستيطانية داخلها، ويسكن فيها حالياً نحو (250) ألف يهودي.

قد أعلن الاحتلال نيته في تسوية حقوق عقارية وتسجيل الأراضي في مدينة القدس ويهدف من ذلك التأكيد على أن القدس الشرقية جزء من القدس الموحدة، وقد حذر الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس من ذلك لما له من خطورة يجب التنبه إليها.

لقد صدرت مئات القرارات عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية والتي تدعو إسرائيل للانسحاب من الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية ومن أهم هذه القرارات والتي تتعلق بالاستيطان القرار رقم (2334) الذي اتخذه مجلس الأمن وهو القرار الأول الذي لم تتخذ الولايات المتحدة به حق “الفيتو” وقد نص القرار على وقف جميع أشكال أنشطة الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، وجاء هذا القرار مؤكداً على كل القرارات الدولية التي صدرت ضد إسرائيل، إلاّ أن إسرائيل “السلطة القائمة بالاحتلال” لم تلتزم بهذا القرار وغيره من القرارات، ضاربة بعرض الحائط كل قرارات الشرعية الدولية.

وإذ تدين اللجنة الملكية لشؤون القدس كافة النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية وكل أشكال الاعتداءات الإسرائيلية فإنها تؤكد أن الاستمرار بهذه الأنشطة يعيق السلام ويحول دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967م وفقاً لقرارات الشرعية الدولية وهو الأمر الذي نادى به جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله مراراً وتكراراً في كافة المحافل الدولية مؤكداً جلالته “أن تحقيق الأمن والسلام الدوليين مرهون بإقامة الدولة الفلسطينية”.

وتدعو اللجنة الملكية لشؤون القدس منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها، كما تدعو كافة الدول الراعية للسلام والمنظمات والهيئات العربية والإسلامية للعمل على إلزام إسرائيل “السلطة القائمة بالاحتلال” على تطبيق قرارات الشرعية الدولية وإنهاء الاحتلال، ولا بد من إجراء سريع يلزم هذه السلطة على وقف كافة النشاطات الاستيطانية، وإذ اعتقد حكام إسرائيل أن زيارة وزير خارجية ترامب للمستوطنات يؤمن لهم الشرعية والأمن فهذا وهم، ولن تنعم إسرائيل بالسلام مهما حصلت على الدعم من الإدارة الأمريكية، وإذا لم تلتزم إسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، فإنها تؤكد إصرارها على الاستمرار في نهجها وفق شريعة الغاب، وهي بذلك لن تجني إلا المزيد من جر المنطقة إلى أمور لا تحمد عقباها.

 

 

Comments are disabled.