يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني

يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني

نداء أممي لنصرة الحق العربي في فلسطين والأراضي العربية المحتلة

عبد الله توفيق كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

        يستذكر العالم في هذه الأيام مناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، هذه المناسبة التي تحييها الأمم المتحدة سنوياً يوم التاسع والعشرين من تشرين الثاني  بناءاً على قرار الجمعية العامة رقم (40/32 ب)  الصادر عام 1977م، ويهدف هذا اليوم إلى إحياء عملية السلام وحق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وفق قرارات الشرعية الدولية، كذلك التذكير بالواقع المرير والمعاناة الكبيرة التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ الاحتلال الاسرائيلي ( السلطة القائمة بالاحتلال) لفلسطين والاراضي العربية المحتلة عام 1948م، بما في ذلك استمرار ممارسات التضييق الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وسياسة القتل والاسر والتهجير والاستيطان ورفض قرارات الشرعية الدولية من قبل اسرائيل.

يأتي هذا اليوم والقضية الفلسطينية وجوهرتها القدس تشهد تسارعاً في سياسة التهويد  والعنصرية الاسرائيلية، حيث شهدت الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ بداية العام 2020م وحتى بداية الشهر الحالي حوالي (18) الف انتهاكاً،  استعمار اسرائيلي بغيض تزيد حدته على الرغم من الاوضاع الاقتصادية الصعبة المتزامنة مع انتشار وباء الكورونا،اضافة الى التعقيدات السياسية في ملف القضية الفلسطينية بسبب صدور العديد من القرارات الاسرائيلية المدعومة من الادارة الامريكية السابقة والمتمثلة في قرار  ترامب اعتبار القدس المحتلة عاصمة موحدة لاسرائيل ودمج القنصلية ونقل السفارة اليها، وتوقيف الدعم  الامريكي لمنظمة الاونروا سعياً لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة إلى وطنهم التاريخي المحتل، مما زاد من معاناتهم وسوء أوضاعهم الصحية والتعليمية، الى جانب قرار إغلاق مكتب بعثة السلطة الفلسطينية في واشنطن، واعتراف ترامب بسيادة اسرائيل على أراضي الجولان السوري المحتل وتصريح وزير خارجيته بومبيو بشأن تأييد الاستيطان الاسرائيلي وزيارته لاحدى المستوطنات تاكيداً لذلك؛ هذا السرطان الذي حول الاراضي الفلسطينية المحتلة الى كانتونات معزولة لا اتصال جغرافي بينها مما أنهى عملية السلام على أساس اقامتين الدولتين، اضافة الى  انسحاب اسرائيل وأمريكا من منظمة اليونسكو التي أكدت في قراراتها على الهوية الحضارية العربية لفلسطين ومدينة القدس وأكدت أن المسجد الاقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف ملكاً اسلامياً خالصاً لا علاقة لليهود به، كما شهدت الساحة السياسية اطلاق ترامب لمشروع صفقة القرن ومؤخراً اتفاقية ابرهام (الابراهيمية) و التي طرحت حلولاً سياسية بلباس ديني مزيف بحجة التسامح والتعايش، ان هذه الظروف السياسية جعلت القضية الفلسطينية وجوهرتها القدس أمام تحديات كبيرة تحتاج الى موقف فلسطيني وعربي واسلامي وعالمي موحد.

ان تاريخ مناسبة يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني يبقى شعلة أمل ومنارة تأييد لحق الشعب الفلسطيني حيث صادف وتحديداً بتاريخ 29 تشرين الثاني من عام 2012م انضمام فلسطين الى هيئة الامم المتحدة بصفة ”دولة مراقب غير عضو“، واعتراف  136 بلداً بدولة فلسطين، ونأمل من دول العالم الحرة خاصة الاوروبية أن تعلن هي الاخرى الاعتراف بدولة فلسطين علماً بأنه صدر عنها الكثير من المواقف والتصريحات التي ترفض فيها سياسة اسرائيل الاستيطانية والعنصرية، وقد كان للجهود الاردنية دوراً بارزاً في فضح الممارسات الاسرائيلية ووضع الرأي العام العالمي ومنظماته بصورة ما يحدث.

   ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وهي تحيي مع العالم ومنظماته الشرعية يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، تؤكد على ثبات الموقف الاردني بقيادته الهاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، هذا الموقف التاريخي الذي يعتبر كل يوم هو يوم تضامن ودعم لأهلنا في فلسطين والقدس، فمن المعروف للقاصي والداني الإمتداد الموصول للتضحيات والجهود الهاشمية منذ عقود طويلة يوم ضحى المغفور له الشريف الحسين بن علي بملكه لاجل هذه القضية، وعلى خطاه كانت مسيرة التضحية والفداء التي قادها المغفور له الملك المؤسس شهيد الأقصى الملك عبد الله الأول ومن بعده سار الابناء والاحفاد من بني هاشم الاخيار، وما تزال مسيرة دعم الاشقاء ومساندتهم مستمرة بقيادة صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله، اذ يؤكد جلالته في كل خطاباته ومقابلاته واجتماعاته المحلية والدولية على ركائز الموقف والمسيرة الهاشمية ومنطلقاتها التاريخية والشرعية ومن خلفه الشعب الاردني في كل بادية وقرية ومدينة أردنية والذين قدموا الشهداء والجرحى لأجل فلسطين والقدس وعلى حق الشعب الفلسطيني باقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967م، اذا ارادت اسرائيل والمجتمع الدولي تحقيق السلام في المنطقة والعالم، والفرصة قائمة اليوم بعد تأييد أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً الدعوة الفلسطينية بعقد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة جميع الأطراف المعنية للانخراط في عملية سلام حقيقية على أساس قرارات الأمم المتحدة، ونأمل من الادارة الامريكية الجديدة اعادة الثقة بالسياسة الامريكية تجاه ملف القضية الفلسطينية على اساس العدالة والشرعية وعدم انحيازها لاسرائيل.

ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وهي تستذكر وشعبنا الاردني وأمتنا العربية والاسلامية ودول العالم الحرة المناسبة (42) لاحياء يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، تؤكد أن التضامن الحقيقي المطلوب هو  وحدة الصف الفلسطيني والعربي والاسلامي، وضرورة العمل على تكثيف الجهود السياسية والدبلوماسية الدولية لالزام اسرائيل بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بما فيها حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وعودة اللاجئين واقامة دولته المستقلة، وبذل الجهد الدولي لفرض عقوبات على اسرائيل نظراً لجرائمها بحق الشعب الفلسطيني وتحديها لمئات القرارات الأممية، فلا معنى ولا قيمة لقرارات الشرعية الدولية اذا لم تلزم اسرائيل على تنفيذها، ولا كرامة لعربي أو مسلم ولا وجود لعدالة دولية أو شرعية أممية ما دامت فلسطين والقدس محتلة، وكلنا وعي ويقين بأن الحقوق الشرعية التاريخية لابد أن تعود لاصحابها الشرعيين، فالارض والمقدسات عربية فلسطينة والاحتلال زائل عنها مهما طال الزمن ، وسيبقى الاردن بقيادته الهاشمية السند والداعم لفلسطين والقدس مهما كانت التضحيات وبلغ الثمن.

28/11/2020

 

Comments are disabled.