قرار الجمعية العامة يعكس الارادة الدولية في محاسبة اسرائيل

عبد الله توفيق كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

     تمثل القرارات الشرعية الصادرة عن المنظمات الدولية  قوة سياسية ودبلوماسية من شأنها توحيد الموقف والراي العام الدولي لصالح القضايا الانسانية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، خاصة في ظل التطورات الخطيرة الجارية اليوم على اثر حرب الابادة الاسرائيلية المعلنة على قطاع غزة المحاصر منذ سنوات، الأمر الذي يتطلب حراك دولي دؤوب لوقف جريمة القتل الكبرى التي تمارسها اسرائيل بوحشية نتج عنها ثمانية الاف شهيد وعشرات الالاف من الجرحى، اضافة الى تدمير البنية الصحية والاقتصادية والتعليمية التي تعاني اصلا بسبب الحصار.

    وفي اطار الحراك السياسي الاردني  الداعم للاهل في فلسطين المحتلة، جاء الجهد الاردني بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني من خلالة مخاطبته الفورية للعالم، وتنبيهه  لقياداته المؤمنة بالسلام بأن جذور القضية الفلسطينية وتعقيداتها السياسية، لا تنحصر بما يجري اليوم في غزة، بل يضاف لها عقود طويلة من الاستعمار الاسرائيلي لكامل فلسطين المحتلة، والذي يجب أن ينتهي بحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين بما في ذلك اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وانطلاقا من توجيهات جلالته نشطت الدبلوماسية الاردنية في حشد موقف دولي يساهم في الضغط على اسرائيل لوقف حربها وانتهاكاتها اليومية، لتنجح هذه الدبلوماسية في اعتماد الجمعية العامة للقرار الذي قدم مشروعه الاردن وبدعم من المجموعة العربية والدول الصديقة، والذي يتضمن هدنة إنسانية فورية ودائمة ومتواصلة تفضي إلى وقف القتال.

  وبالرغم من الجدل القانوني المتصل بمدى الزامية القرارات الصادرة عن الجمعية العامة، الا أنها تبقى معبرة عن المجموعة والشخصية والارادة الدولية، وبالتالي يأتي قراراها تعبيرا عن رفض الموقف الدولي للانتهاكات الجارية والمأساوية بحق المدنيين في غزة، خاصة اذا ما نظرنا الى تعثر مجلس الامن أكثر من مرة خلال الاسابيع الفائتة في اصدار قرارات تحقق الامن والسلام، وهو المبدأ الذي اقيمت من أجله الجمعية العامة ومجلس الأمن، كما أن القوة السياسية والادبية الكبيرة لهذا القرار  تتضح في عدد الدول التي صوتت لصالحه، الأمر الذي يجعل الدول المعارضة هي في حقيقتها تخالف الجماعة الدولية وتمنح بشكل غير مباشر الضوء الاخضر لاسرائيل للاستمرار في ابادة المدنيين في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، حيث تشهد المدن الفلسطينية اجتياحات وحملات اعتقال بسبب الهبة الشعبية الرافضة للحرب الاسرائيلية الجنونية على غزة، وللجمعية العامة دور مهم في التصديق على تقارير لجان التحقيق الدولية بما فيها المتعلقة بفلسطين المحتلة مما يعطيها قيمة يمكن ان تفيد في رفع القضايا على اسرائيل في المحاكم الدولية.

     ان اللجنة الملكية لشؤون القدس تؤكد على اهمية المواقف الدولية الجماعية بما في ذلك قرار الجمعية العامة في رفض الممارسات الاسرائيلية ومطالبتها بوقف انتهاكاتها المرفوضة ضد الشعب الفلسطيني، وهي مواقف يمكن البناء عليها في تكوين لوبي دولي ضاغط على اسرائيل ومن يدعمها من بعض القوى العالمية، لذلك ياتي قرار الجمعية العامة تجسيداً للتطلعات العالمية ورغبتها في احلال  وتحقيق السلام العادل للشعوب على اساس تقرير المصير، وهذا الحراك الدبلوماسي الأممي في الجمعية العامة ومجلس الأمن يعزز الوعي الدولي بصدارة القضية الفلسطينية بوصفها من مرتكزات السلام والأمن الدوليين، خاصة أننا نسمع اليوم بعض التحليلات والتحذيرات المتصلة بامكانية اتساع الصراع الاسرائيلي الفلسطيني في المنطقة والعالم.

وتبين اللجنة الملكية لشؤون القدس ان الثقة العالمية بالمنظمات الدولية أصبحت في حالة اختبار حقيقي على اثر صدور الكثير من القرارات سواء في الجمعية العامة أو مجلس الأمن واصطدامها بسياسة الكيل بمكيالين والانحياز لصالح اسرائيل التي غالباً تتعنت وترفض القرارات، ولكن ذلك على الرغم من خطورة هذه الحالة والواقع، فان ذلك لا يمنع من التصميم الدولي بتكثيف الضغط على اسرائيل حتى تلتزم بالشرعية الدولية، ومن جهة أخرى فان ما جرى في الجمعية العامة عكس قوة الدبلوماسية العربية بما فيها الاردنية التي تحظى بالاحترام وقدرتها على التاثير في المواقف الدولية.

بترا 27/10/2023

Comments are disabled.