استراتيجية الاعلام الاسرائيلي المضللة في حرب غزة

عبد الله توفيق كنعان

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس

  يشكل الاعلام جزءً اساسياً في الاستراتيجية الصهيونية الاسرائيلية المخادعة، فهو يمثل المدخل الى كسب السياسة الدولية الغربية، وبصورة تتزامن مع  حرصه التاثير على الرأي العام الغربي، ومما ساعده في ذلك هو امتلاك مئات القنوات الفضائية والاذاعية والصحافية التقليدية والالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، الى جانب السيطرة الواضحة على القائمين على تشغيل وادارة شبكات التواصل الاجتماعي، ومطالبتها بحذف جميع القنوات والاخبار الداعمة للقضية الفلسطينية وتوجيه التهمة لها في حال عدم انصياعها بأنها تنشر  ما من شأنه نشر الارهاب واللاسامية.

وبالبحث عن تاريخ انشاء بعض الصحف الاسرائيلية ندرك تماماً ما يمكن تسميته متلازمة الاعلام الصهيوني والرواية المضللة منذ فترة مبكرة، فمن ذلك انشاء صحيفة هآرتس عام 1919، وصحيفة يديعوت أحرونوت عام 1939، وصحيفة معاريف عام 1948، اما التلفزيون الاسرائيلي فكان تاسيسه عام 1968م وكان اول برنامج يبثه هو استعراض للجيش الاسرائيلي الذي ارتكب وما زال ابشع صور القتل والتدمير، فمثلا يتشكل مجلس ادارة القناة الاولى الاسرائيلية من حوالي 30 عضواً يتم تعينهم من قبل الكنيست بشكل يمثل جميع المكونات الحزبية المتطرفة، وهذه النماذج الاعلامية يعكس تاريخ تاسيسها وطبيعة ادارتها اهمية الاعلام في عقلية سلطة الاحتلال الاسرائيلية، خاصة ان هذا الاعلام يبث بالعبرية والعربية والانجليزية وغيرها ليكون موجها لجميع الجماهير التي يتشكل منها الراي العام العالمي، وخلال الاعتداءات الاسرائيلية المستمرة في مدن فلسطين المحتلة جميعها بما فيها القدس و نابلس والخليل ومؤخراً  في حرب الابادة التي اعلنتها اسرائيل على قطاع غزة الفلسطيني المحتل، نلحظ الكثير من الاكاذيب والخداع سواء في سرد المعلومات او استخدام المصطلحات بشكل مزيف، ضمن محاولة اسرائيلية التشويش على الاعلام الفلسطيني والعربي والاسلامي والعالمي الحر ومحاربته، وبالتزامن مع هذه السياسة يجري اغلاق المؤسسات الاعلامية الفلسطينية والدولية العاملة في فلسطين المحتلة التي تنشط في رصد الجرائم الاسرائيلية.

  وخلال حرب اسرائيل على غزة ، يمكن ملاحظة العديد من الامور منها اغلاق المكاتب الصحفية واغتيال كوادرها، حيث بلغ عدد الشهداء من الصحفيين 34 صحفياً، اضافة الى قصف حوالي 50 مركزاً اعلاميا، ومن جهة اخرى ينشط الاعلام الصهيوني في تصوير اسرائيل على انها ضحية الحرب، وتزييف صور الشهداء خاصة الاطفال والنساء من غزة على انها صور لاسرائيليين ، اضافة الى الدور الكبير لما يمكن تسميته بالاعلام الاسرائيلي الدبلوماسي المخادع، ومثال ذلك ما يتحدث به مندوب اسرائيل في الامم المتحدة خلال جلسة الجمعية العامة المتعلقة بالاوضاع في غزة، والاخطر ان الاعلام الاسرائيلي يحاول تقليص الصراع الاسرائيلي الفلسطيني والذي تعود جذوره لعقود طويلة من الاستعمار والابرتهايد والقتل والتهجير للشعب الفلسطيني على انه حرب على غزة فقط وتحديداً ضد حماس وحدها، معتبراً ان له الحق في الدفاع عن نفسه بينما لا يحق للشعب الفلسطيني الدفاع عن نفسه وتحرير ارضه ومقاومة الاحتلال بالاستناد الى الشرعية الدولية وقرارات الامم المتحدة والمواثيق القانونية الدولية التي تكفل حق المقاومة.

ان اللجنة الملكية لشؤون القدس وفي اطار استمرار الاعتداءات الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني في كامل الاراضي المحتلة في الضفة الغربية والقدس وغزة، تؤكد ان المهنية والانسانية  تحتم على الاعلام الدولي رصد الجرائم والمجازر المروعة والاعتداءات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وفضح ما يجري على كافة وسائل الاعلام وبمختلف اللغات بما فيها الانجليزية والعبرية وغيرها  من خلال انشاء قنوات اعلامية ومواقع الكترونية اخبارية متخصصة لكشف حقيقة الكذب الاعلامي الاسرائيلي، خاصة ان الاعلام الغربي ومن خلال متابعة الكثير من التقارير الاخبارية التي نطالعها يدور بعضها في فلك الاعلام الاسرائيلي وتاخذ اخبارها عنه، في ظل اغلاق اسرائيل واستهدافها للاعلام الحر في غزة وتهديد كوادره وعائلاتهم بالقصف ومنعهم من دخولها في اطار الحصار القائم عليها.

وتوجه اللجنة الملكية لشؤون القدس التحية للاعلام الاردني والعربي والاسلامي والعالمي الحر الذي قدم الحقيقة بالصورة والكلمة واستشهد العديد منهم في الاراضي المحتلة طوال عقود الاستعمار الاسرائيلي لفلسطين ليكونوا رحمهم الله بتضحياتهم شهداء الكلمة الحرة، وعلى الاعلام التركيز على حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ونيل حريته واقامة دولته الفلسطينة المستقلة وعاصمتها القدس، والتركيز ايضا على ما يجري في الضفة الغربية والقدس من انتهاكات يومية ضد الارض والانسان والمقدسات الاسلامية والمسيحية والتي تحاول اسرائيل واعلامها اشغال العالم عنها، وعلى الاعلام الحر الاستشهاد في التقارير الاخبارية للمطالب والدعوات الاردنية التي ترد على لسان قيادتنا الهاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس خاصة ما ذكره جلالة الملك عبد الله الثاني وجلالة الملكة رانيا  العبد الله وسمو الامير الحسين بن عبد الله ولي العهد وما اشار له سمو الامير الحسن بن طلال وما تحدثت به ايضا الدبلوماسية الاردنية على لسان وزير الخارجية الاردني باسم المجموعة العربية خلال جلسة الجمعية العامة، من اقوال وتصريحات تنذر بخطورة وقسوة حجم الاعتداءات في غزة ودعواتهم بضرورة وقف سياسة الكيل بمكيالين التي تمارسها بعض القوى العالمية التي تدعي الديمقراطية وانحيازها الظالم والمرفوض لصالح اسرائيل على حساب الشهداء والجرحى الفلسطينيين، كما تؤكد اللجنة الملكية لشؤون القدس استمراراها في فضح جرائم الاحتلال ونشر الاخبار عنها في التقرير اليومي الصادر عن اللجنة وفي بيانات وتصريحات الأمين العام، وسيبقى الاعلام الاردني عند موقفه الثابت والراسخ في كشف حقيقة الاحتلال وجرائمه البشعة ضد اهلنا في فلسطين كلها .

 وسيبقى الاردن شعبا وقيادة هاشمية ومؤسسات رسمية وأهلية السند والداعم للاهل في فلسطين مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.

Comments are disabled.